20-4-2024 | 01:23
ولاء جمال
عندما نكتب عن من نحب تتزاحم الذكريات لنلتقط الكلمات وأنا هنا أكتب عن روح مصر و جزء غالي علي قلب فنها صلاح السعدني الذي عشت معه أجمل الذكريات الفنية والإنسانية في هذا العالم المنظم أقصد به أروقة وكواليس عالم السعدني في الفكر والفن والعبقرية والذكاء والموهبة، حين كان يتواجد صلاح السعدني في أي مكان تحضر في الجسد الروح حضورا حسيا مدهشا كما كان له نوعا من الذكاء يستولي على قلبك وكان يعجبني منه أن له ملكته الخاصة في أن تكون له نظريات شخصية في كل شيء ،كان مدرب فكري عجيب ،وكنت أحب طريقة صياغته للمفردات ،كان لديه استقبال سخي للواقع وللعالم وللأخر.كان إحساسي معه في بلاتوهات التصوير كالطفلة التي تذهب مع والدها لتلعب وتلهو بمنتهي استمتاع و الإستفادة في نفس الوقت ،وكنت مع عم صلاح اتوه في أبوته فهو يحتضنك بروحه فتشعر أنك لا ينقصك ولا شيء.
أحببت عم صلاح الذي كنت أجلس معه في الأستوديو بكل حرية بالساعات في التصوير لم أشعر أبدا غير انه من عائلتي وكأني أجلس مع والدي وهذا الإحساس أذاب مهنيتي معه ،فرغم أنني من فرط تشبعي بإنسانيته، لم أصر يوما أن أجري معه حوار صحفيا وكانت جلستي معه بألف حوار صحفي و حين أتذكر فجأة أني صحفية وهو فنان أقول له :
"إيه ده مش هنعمل حوار بقي أزاي ابقي قاعدة مع صلاح السعدني ومعملش معاه حوار .
فيرد :" ياشيخة بلا حوار" وانسي بالفعل ولم يشعرني بخسارة أني لم أحاوره صحفيا لأنه منحني إحساس أعظم من كل الحوارات الصحفية ... هذا الرجل مصري حتي النخاع ويحمل من الشهامة ما يشبعك وكان كذلك يمنحك تشبع ثقافي وروحي ودفيء كأنك من عائلته ويحمل همومك ويشعر بها ويدفعك للأمام
صلاح الدراما في نقطة نظام السعدني .
صلاح السعدني نسيج مصر الحقيقي وكان يحمل دائما همها حتي في أعماله التي ساعدت علي بزوغ الجزء الأكثر نبلا في أنفسنا .
ليس هناك في العالم العربي من يحسن حمل هذه الرسالة في مسلسل "حلم الجنوبي" سوي عمدة الدراما "صلاح السعدني" نصر وهدان القط "ويوجهها بصورة سلسة و"سليمان غانم "في ليالي الحلمية أوحسن أرابيسك في مسلسل أرابيسك أو رجل في زمن العولمة و "أوراق مصرية " أو فيلم الغول ،أغنية علي الممر "أبنائي الأعزاء شكرا" "ملف في الأداب"،"الباطنية" ،"الناس في كفر عسكر " وغيرها من الأعمال لحبيب مصر وحبيبنا جميعا صلاح السعدني المهموم دائما بقضايا بلده وصاحب المبادئ والقيم والدفاع عنها في أعماله التي هي انعكاس مطابق تماما للواقع جعل من السعدني جزء من كل مصري فينا أنه ليس فنانا فقط بل مفكر وإنسان وفيلسوف يحمل علي كتفيه مبادئه ولم يتعب من حملها بكل صدق، إحساس السعدني يجعلك تحترم موهبته التي غلفها بالرقي والاحترام وبالحق الذي يثبت له الحب في قلب كل إنسان أو جمهور .
علمنا صلاح السعدني فن الحياة في أعماله وإيقاظ العقل والوجدان ترك لنا قطع أرابيسك صنعها من دمه وفكره ، سحر الصدق هو سر الإنجذاب الروحي لكل من أقترب من عم صلاح في الحياة والفن نسج لنفسه سياج نجاه لا يجرؤ علي إختراقه الزيف لذلك هولا ينطق مالا ليس بداخله ولا يمثل مالايتفق مع ضميره الفني والإنساني
وجود صلاح السعدني بجانب أي ممثل يفتح منابع الإبداع فتتحول أي لغة خرساء بجانبه إلي لغة تنبهر بتلقائيتها وبساطتها المذهلة في التعبير فدائما ما كان الفنان صلاح السعدني يجعلك تتجاوز الخط الوهمي مابين الحقيقة والتمثيل من صدق ما يؤديه من شخصيات هي في الحقيقة جزء منه يتتدفق السعدني بالحيوية والبساطة الآسرة كأنه لم يصنع شيئا إنه البطل عندما يكون إنسانا ويملك القدرة النادرة علي أن يبهرك بالإنسان الذي فيه وليس البطل.