الدولار تلك القنبلة الموقوتة والبركان الذي كلما ظن المصرفيون خموله إلا وعادا ثائرا ومنفجرا من جديد فبعد أن تعافي الجنيه المصري مستبسلا أمام العملات الأخري إلا أن تحالف الدولار والسوق السوداء كان أقوى من ان يواجهه الجنيه منفردا بعد تخلي البنك المركزي عنه تاركا امره بيد البنوك في قرار تحرير مطلق لسعر الصرف .
وعادت السوق السوداء لتزلزل كيان القطاع المصرفي المصري وتضرب بيد من حديد علي جدار قوة الجنيه الفترة الماضية والتي تنذر بخطر كساد مصرفي في ظل قرب المواسم الاستيرادية واحتياج التجار للعملة الخضراء وبعد ارتفاع الطلب على العملة الصعبة، وعدم قيام البنوك المصرية بتوفير الدولار لجميع العملاء وبالكميات المطلوبة.
وتسعي البنوك المصرية بقيادة البنك المركزي المصري مساندة الجنيه والضغط على الدولار لتكمل العملة الأمريكية انحدارها إلى مستويات لم تبلغها منذ تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار في نوفمبر الماضي.
وسجل متوسط سعرصرف الدولار الأمريكى في البنوك المصرية أسعاراً تتراوح ما بين 15.72 إلى 16 جنيها، وذلك في نهاية اليوم الـ 114 لتحرير سعر صرف العملة المحلية.
كان السعر الأكبر للبيع بين تلك البنوك عند 16 جنيهاً للدولار في عدة بنوك استثمارية، وتلاها بنك مصر إيران للتنمية بسعر 15.9 جنيه، والبنك المصري الخليجي بسعر 15.89 جنيه و بلغ أدنى سعر للبيع 15.72 جنيه للدولار وانفرد به بنك مصر، وزاد عليه البنك الأهلي المصري وبنك فيصل بسعر 15.75 جنيه.
ولاحت السوق الموازية للصرف مرة أخري في اجواءالاقتصاد المصري، ولأول منذ فترة طويلة بعد قرار المركزي بغلق الصرافات وسجل سعر صرف الدولار أسعاراً أعلى من الأسعار التي تقدمها البنوك المصرية، حيث سجل سعر صرف الدولار في بعض المناطق أمس نحو 17 جنيهاً، لتتسع الفجوة السعرية إلى نحو جنيه كامل بعد حدبث محافظ البنك المركزي أمس ، مقارنة بأعلى سعر بيع بالسوق الرسمية الذى يبلغ 16 جنيهاً بالبنوك.
وسجل متوسط سعر الدولار في السوق السوداء مكاسب بحوالي 50 قرشاً للشراء، و75 قرشاً للبيع، في تعاملات السبت، وقال خبراءمصرفيون إن سعر البيع قفز في السوق السوداء إلى 17 جنيهاً، مقابل 16.25 جنيه، أمس، إثر نشاط وارتفاع الطلب بشكل ملحوظ على العملة الصعبة نظرا لبدء موسم الاستيراد وقرب اعياد الربيع وشهر رمضان وانتهاء العطلات الصينية .
وصرح سمير بركات مدير مخاطر الائتمان بالبنك الاهلي أن هناك طلبا قويا على الدولار خلال تعاملات الخميس و الجمعة وامس السبت، وحتى الآن لا توفر البنوك الكميات التي يطلبها المستوردون وكبار التجار من العملة الصعبة، ولذلك فمن الطبيعي أن يصعد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
وأشار بركات إلي أن تجار العملة كانوا يتعاملون مع البنوك خلال الفترات الماضية، ولذلك لم يكن هناك عملة صعبة في السوق السوداء، حيث كانت البنوك تشتري الدولار من تجار العملة بأسعار أعلى من الأسعار المعلنة.
وصرح أيمن البكري مدير صرافة بوسط القاهرة أنه مع زيادة الطلب على العملة الأمريكية، توقف تجار العملة عن بيع الدولار للبنوك واحتفظوا بها، تمهيداً لعودة المضاربات من جديد وتحقيق أرباح ومكاسب .
وأكمل البكري ان التعافي المبكر للجنيه والصحوة التي انطلق بها أمام الدولار لم تكن متوقعة ، خاصة خلال الأسبوعين الأخيرين, وتفاجأ الكثير من المحللين الذين يعتقد بعضهم أنه فاجأ الحكومة نفسها بالارتفاع قرابة الـ15% في أسبوع وقال هذا التعافي لا يمثل أي دلالة طالما لم تتغير عوامل أساسية في الاقتصاد، وعلى رأسها زيادة الصادرات والسياحة وانما كانت لتوقف عمليات الاستيراد نتيجة عطلات الصين.
وأرجع وليد حجازي مدير أحد فروع بنك مصر ذلك إلى دخول 2.5 مليار دولار في استثمارات أجنبية في أذون الخزانة، إضافة إلى أن رؤساء بنوك كثيرين قالوا إن الطلب على الدولار بدأ بالانخفاض، لأن الطلب من قبل المستهلك على السلع المستوردة بدأ ينخفض نتيجة الزيادة الكبيرة في الأسعار.
وأضاف لا يمثل تعافي الجنيه أمام الدولار أي دلالة طالما لم تتغير عوامل أساسية في الاقتصاد، وعلى رأسها زيادة الصادرات والسياحة، ويصفون ما يحدث بالتلاعبات.
و قال إنه لم يحدث أي تغير في بنية الاقتصاد تبرر الارتفاع الكبير للجنيه، وكل ما حصل شائعات تدفع صغار المدخرين لإخراج ما لديهم من الدولارات وبعدها يرجع الدولار في الارتفاع مجددا.
وتجاوزت حصيلة المصارف من النقد الأجنبي 12 مليار دولار منذ قرار التعويم في نوفمبر الماضي وحتى منتصف الشهر الجاري، وهذا يشمل مبيعات الأفراد والمؤسسات، والذي أكدته تقارير عدة تصب في هذا الاتجاه.
وقال حجازي إذا صمدت الأسعار وتجاوزنا شهر رمضان وأعياد إبريل أستطيع أن أقول إن الأسعار ستنخفض وسنتجاوز المبالغات السعرية في سعر صرف الدولار لكن لن يعود لـ 7 و8 و10 أو هذه المستويات والسعر العادل للدولار يتوقف عند ال13 جنيها .
وتسعي الحكومة المصرية إلى مواجهة تحد كبير لخفض الأسعار ويسعى قطاع الدولة المصرفي للقضاء على السوق الموازية ، خاصة مع اقتراب الدورة الاستيرادية الخاصة بموسم شهر رمضان أكبر المواسم الاستهلاكية في بلد الـ90 مليونا.
وأرجع خبراء الاقتصاد أسباب خسائر الدولار مقابل الجنيه المصري خلال الأيام الماضية، الي مستجدات دفعت إلى ارتفاع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار وهي إعلان البنك المركزي المصري بشأن الارتفاع الملحوظ في الإقبال الأجنبي على شراء أذون الخزانة المصرية، وهو ما يشير إلى عودة الثقة في الاقتصاد المصري.
وقال سيد رحيم مدير فرع ببنك البركة ان إقبال الأجانب على الاستثمار في السندات المصرية الدولارية التي طرحتها مصر مؤخراً بقيمة 4 مليارات دولار، إضافة إلى ما أعلن عنه البنك المركزي المصري بشأن ارتفاع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي لتسجل نحو 26.3 مليار دولار، وهو أعلى رقم وصلته مصر منذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن سبب في دعم الجنيه.
وأوضح أن قيام بعض الدول برفع حظر سفر مواطنيها إلى مصر، علاوة علي تصريح البنك الأوروبي للإعمار والتنمية بانخفاض شكاوى الشركات الأجنبية في مصر من مشاكل نقص العملة مقارنة بفترة ما قبل تعويم الجنيه المصري وتحرير سوق الصرف أدى إلى تراجع الدولار.
ويذكر أنه سجلت تحويلات المصريين العاملين في الخارج ارتفاعا بنسبة 15% ليرتفع إجمالي قيمة التحويلات إلى 3.3 مليار دولار خلال شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين، مع ارتفاع حصيلة الدولار من تنازلات المواطنين بصورة كبيرة تجنباً لتكبد خسائر كبيرة من الاحتفاظ بالدولار، وهو ما تسبب في ارتفاع حصيلة البنوك من الدولار لـ5.5 مليار دولار خلال 40 يوماً فقط.
وحرر البنك المركزي سعر الجنيه مقابل العملات تحريرا مطلقا تماشيا مع متطلبات صندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات .