الخميس 16 مايو 2024

الجمهورية الجديدة وثقافة مصر المتجددة


د. طارق فهمي

مقالات1-5-2024 | 13:03

د. طارق فهمي

لا تزال القاهرة قادرة على إبهار العالم بما تقوم به من مجهودات متعددة،  وفي نفس التوقيت، وعبر مخطط متكامل ومستمر ومتنام، وهو ما يؤكد على براعة أجهزة المعلومات سواء كانت الخارجية، أو جهاز المخابرات في رسم وصنع السياسات بمهارة كبيرة يشهد بها القاصي والداني،  وفي داخل مصر وخارجها فالملاحظ عن قرب سيكتشف تحرك الدولة المصرية في مسارات متعددة  وباعتبار أن مصر قادرة علي خلق قنوات للحوار الثقافي، والنقاش حول قضايا  ذات الأولويات المهمة كما يؤكد على امتلاك مصر القدرة على حشد وتكتيل قنوات التواصل مع الشباب في العالم  وقد تأتى ذلك من خلال جهد مصري وتحرك السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتأكيداته علي ضرورة منح الشباب في مصر الفرصة في المشاركة والبناء، وتطوير دور الشباب في تعزيز بنية العمل الوطني كل في بلاده وفق ثقافة الجمهورية الجديدة بكل ما تحمله من قيم ومخزون سياسي كبير يحسب للدولة المصرية، وهو ما يعمق بالفعل فكرة الدولة الوطنية، وأولوياتها ومهامها، ويعزز من فرص المشاركة  التفاعلية بين شباب مصر الواعي والشباب في مختلف بقاع العالم مع طرح كثير من الموضوعات والملفات المهمة التي تهم قطاع الشباب المصري  وفي مجال الثقافة وتعزيز القيم الوطنية  داخل المجتمع المصري.

من الروافد العظيمة  إلى المستقبل تستهدف مصر الإعلان عن جمهوريتها الجديدة بعد نقل الجهاز الإداري للعاصمة الإدارية، وهو ما يؤكد على أن مصر تخطط للمستقبل بصورة أكثر ثقة وبرؤية أكثر حضورا، وهو الأمر الذي يؤكد على حسن التخطيط، ووجود جدول أعمال للوطن قادر أن ينفذ وبصورة واضحة، ومن خلال دعم كبير من الرئيس السيسي، ومساعيه الحقيقية لتغيير وجه الحياة في مصر لمستقبل زاهر ينتظر المصريين. فموقع مصر في قلب الوطن العربي، وتراثها ووزنها السياسي، قد فرض عليها دورها الريادي، وجعلها بمثابة عامل الوصل بين شرق الوطن العربي وغربه، في قارتي آسيا وإفريقيا. ودور مصر القيادي في الإطار الإسلامي، بالإضافة إلى موقعها المتوسط فيه- انتماؤها الجوهري إلى العالم الإسلامي، وتاريخها الخصب، وفكرها الثري في هذا المجال. وموقع مصر الجغرافي المتفرد في القارة الإفريقية قد أضاف إلى ريادتها وثقلها السياسي في هذا الإطار ولعل هذا الأمر ما تتبناه الجمهورية الجديدة في الفترة الراهنة والمنتظرة ...

إن الاهتمام بتعميق دور الثقافة والوعي السياسي  سيظل على رأس الأولويات في الجمهورية  الجديدة  وبما حقق من مكاسب كبرى للدولة المصرية في مختلف الأصعدة خاصة وأن التحرك المصري تجاه  إعادة بناء الوطن  يمضي في مسارات واتجاهات متفاعلة ومتكاملة يمكن البناء عليها اعتمادا على  معطيات الدبلوماسية الذكية والتي ستحقق لمصر الكثير من الإنجازات الحقيقية والكاملة ليس في مجال الثقافة فقط بل في مجالات أخرى ترتبط بها،  والتي ستؤكد على استراتيجية مصر الحقيقية في أدوارها السياسية والاستراتيجية والاقتصادية، وهو ما يمكن التعويل عليه في مسارات التحرك مع التأكيد علي تشبيك المصالح الكبرى للدولة المصرية في أدوارها التفاعلية والممتدة، والتي يمكن ترسيمها في سياقات متعددة تحافظ على مصالح الدولة المصرية، وتحفظ لمصر دورها في منظومة العلاقات الإقليمية والدولية كما ستعمل الجمهورية الجديدة على الاعتماد على وسائل  المواجهة سواء على وسائل متعددة غير العسكرية ومنها التأثيرات الثقافية،  والعلمية والتعليمية والفنية والرياضية وغيرها من مجالات التعاملات،  وبما يحقق لها التأثير المنشود خاصة وأن استخدامات القوة الناعمة للتأثير وفقا لمقاربة الجمهورية الجديدة والتي  لم تعد تقتصر على مجالات  تقليدية بل تعدتها الي مجالات جديدة ومستحدثة ما يؤكد على أن القوة الناعمة ما تزال لها تأثيراتها الكبيرة برغم ما يجري من مواجهات عسكرية وتفضيل الدول خاصة الكبرى لاستخدام القوة الخشنة في التعامل مع ما يجري، وفي إطار التأكيد على أهمية توظيف كل مجالات القوة التي تملكها الجمهورية الجديدة من أولويات  بكل مفاهيمها، وعدم الاقتصار على مجال واحد في إطار ما يجري من تطورات هيكلية في منظومة العلاقات الدولية الراهنة، والتي ما تزال تمر بحالة من السيولة السياسية، وحالة عدم الاستقرار السياسي ما يعطي الدول الكبرى بل والصغرى لممارسة دور في ممارسة توظيف القوة الناعمة بما تملكه من أدوات، وبما  تتمتع به من قدرات  وفقا لمؤشر القوة الناعمة العالمي.

الجمهورية الجديدة بفكرها وثقافتها العميقة والكبيرة تؤمن أن لمصر دورا إقليميا لا يمكنها بحكم ثقلها وموقعها وتاريخه  أن تتنازل عنه أو تتهاون بخصوصه، حتى لو كان يحملها بعض الأعباء، وأن لها أدوار حركة يجب العمل دائماً على الحفاظ على توازنها، وإزالة التناقضات المستمرة فيما بينها، مع القيام بفتح دوائر جديدة، إذا ما كانت هناك مبررات أو حاجة للقيام بذلك. في ظل فكر ثقافي وسياسي مختلف  كما أن مصر هي المسئولة بشكل ما، بمشاركة الأطراف الأخرى، عن طرح أهم التحديات الدولية والإقليمية القائمة، أو التي يجب الاهتمام بها في دوائر تحركها، ومحاولة إيجاد صيغ وتصورات لكيفية التعامل معها.