الثلاثاء 21 مايو 2024

التنوع الثقافي بالمجتمعات العمرانية الجديدة «التحديث والجانب الحضاري»

خالد جودة أحمد

ثقافة1-5-2024 | 12:19

خالد جودة أحمد
  • لم تعد الثقافة حاجة ثانوية يمكن الاستغناء عنها بل من أهم الأولويات فى المجتمعات خصوصا للمجتمعات التى تخطو على طريق
  • للثقافة دور مهم فى حياة الأفراد والمجتمعات، فهى ليست ترفاً فى حياة الأمم  إن شاءت أخذت بها أو تركت، بل هى ركيزة مهمة للتقدم والنهضة
  • أخطر مشكلة تواجه التجمعات والمؤسسات الجديدة، هي بواعث المشكلات القديمة ذاتها.. أي السلوك الحضاري للإنسان
  • يتداخل مفهوم الهوية مع مفهوم الثقافة، فالثقافة: مكون أساسي للهوية، بل هي الإطار الحاكم لها، حيث تمنح الخصوصية والكيان المتفرد في مواجهة الآخر

 

في إطار تقدير مدارسة مقومات التجمعات والمؤسسات العمرانية الجديدة في مصرنا العزيزة، وشأنها الثقافي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة المرغوبة، وتشكيلا للهوية الثقافية الخاصة بتلك المجتمعات الجاذبة حضاريًا.

وحتى نقف على أهمية تأسيسها، وكذلك استمرارية الحفاظ علي نسقها التنموي (التحديثي) العام، نشير بداية إلى ظاهرة “ضيق التنفس الاجتماعي” بالحواضر المصرية القديمة، نتيجة قصور مناطق الإعاشة في الوادي القديم، مع تغول الامتداد العمراني علي حساب الأراضي الزراعية، بحيث أصبح متوسط المسافة بين القرية والأخري حوالي ثلاثة كيلومترات.

كما أصبح الريف طارداً للسكان ناحية موارد الرزق الأكثر اتساعاً، فتجمعوا علي هيئة عشوائيات سكانية علي أطراف المدن الكبري، وأصبح بالقاهرة الكبري وحدها أكثر من ستة عشر تجمعاً عشوائياً، وبضم القري التي يصنفها بعض الباحثين باعتبارها عشوائية أيضا، يصبح ما نسبته 70% من مساحة مصر المشغولة بالسكان تحتاج للتطوير وتحسين الخدمات. حيث أصبحت هذه التجمعات لا هي حضرية ولا هي ريفية، مع فقدان الارتباط الاجتماعي والتكافل السابق.

وفي إحصائيات منشورة عام 2012: “وصل عدد المناطق العشوائية في مصر 1221 منطقة في 24 محافظة، ويقطن بهذه العشوائيات نحو 15 مليون نسمة، وتمثل نسبة 18% من سكان مصر، و 40% من سكان المناطق الحضرية، وتفاقمت المشكلة علي نحو غير مسبوق فبلغت نحو 77% في بني مزار بالمنيا، و 25% في محافظة أسيوط، و362 منطقة بالدلتا”.

لذلك كان الخروج من المدن القديمة، وتأسيس التجمعات الجديدة ضرورة لا غنى عنها، فقد غصت هذه التجمعات القديمة بمشكلاتها الطاحنة، والنموذج الواضح مدينة القاهرة أزحم مدن إفريقيا، حيث تستأثر وحدها بنحو نصف سكان العواصم الإفريقية الخمسين مجتمعين، والسابعة في الترتيب عالمياً في الاكتظاظ بالسكان، وقد وسعت ذاتها بالبناء بابتلاع المزيد من الأراضي الزراعية، والأراضي الصحراوية، وتحتضن 16 مليون نسمة صباحاً، و 12 مليون نسمة مساء، وهي الأولي عريباً في الغلاء و 35 عالمياً.

ونجم عن العشوائيات أنواع خطرة من الإسكان غير الحضاري، أولها المدينة العشوائية التي تطوق مدينة القاهرة من الشرق والغرب، وهي مدن للفقراء تأسست خارج النطاق الرسمي، وأيضاً نوع آخر وهو الإسكان الهامشي في قلب الأحياء القديمة ذاتها، وإسكان الغرف المستقلة، حيث تعيش أسرة كاملة في غرفة واحدة، وإسكان المقابر، وقد بلغ مجموع سكان المقابر وحدهم في مدينة القاهرة أكثر من مليون نسمة، لدرجة التساؤل هل هى مدن الموتي أم مدن للأحياء؟!. 

وتغولت ظاهرة "أخلاق الزحام"، وهي خاصية أساسية لتلك الأنواع "الثلاثية" من الإسكان المريض الممرض، بصورة تعاظم معها الإحساس بالتعب وفقدان اليقين، كما أخذت قبضة الروادع الأخلاقية والاجتماعية في التراخي، والتحلل التدريجي،: “فإذا ما عاش إنسان في بيئة عمرانية تتلاصق فيها المباني، وليس فيها فراغات أو مساحات خضراء، وخالية من الخدمات الثقافية والترفيهية والإدارية، وتختفي فيها الفواصل بين الوحدات السكنية فإنه يشعر بـ"ضيق التنفس الاجتماعي"، وفي بعض أماكن هذا الإسكان يبلغ نصيب الفرد حوالي ثلاثة أمتار مربعة من الأرض، وهو رقم أقل بكثير من المعدلات المقبولة للإسكان الحضري، والتي تبلغ ثلاثين متراً للفرد الواحد”.

إضافة إلي المعاناة الاجتماعية، يقول "كاميلو خوسيه ثيلا": “إن العنف السائد في العالم المعاصر نتيجة الحياة في المدن الكبيرة، وأنا الآن أؤيد نظرية تدور حول أن المدن الكبيرة تعتبر مسئولة عن انهيار الإنسانية، لأن الناس لا يعرفون بعضهم البعض في المدن الكبيرة، وهو ما يولد ميولاً أكثر للعنف”.

لذلك كان تأسيس التجمعات العمرانية الجديدة من وسائل الحل، علي اعتبار انها تتمتع بالخضوع لقواعد منظمة ومستقرة في النمو العمراني، مع التقسيم الإسكانى الجيد، ومراعاة وجود مسطحات خضراء، وفصل المناطق الإنتاجية عن السكانية، مع تنظيم المجمعات والمحاور الخدمية،  والفكرة الأساسية في التجمعات الجديدة تكامل جوانب التنمية مع الجوانب البيئية والاجتماعية والحضارية والاستثمارية والترفيهية المختلفة.

كما ان التركيبة السكانية المستهدفة لها تجتذب إليها أرقي الكفاءات، وأشد المتحمسين للعمل، والمحبين للحياة، ومن توفرت لديهم عزيمة البناء للمستقبل، حيث ترقية فاعليات تعليمية وفنية وسياحية علي أرقي طراز، كما أصبحت ميدانا للمؤسسات النابهة، وهيئات وجمعيات وشركات وفاعليات اقتصادية واجتماعية متميزة، ويكفي في هذا الشأن أن نقارن بينها وبين المدن القديمة (خاصة القاهرة الكبري) والمترعة بالهموم والمشكلات والتلوث ...... إلى آخره.

وبالتأكيد هناك ضرورة لبحث دور الثقافة وتعاطيها مع المقوم العمراني الجديد، بداية من  مراوغة مفهوم الثقافة ذاته، لدرجة وصفه بالسر الملثم بتعبير أ.محمود محمد شاكر: “الثقافة –فاعلم– تكاد تكون سراً من الأسرار الملثمة في كل أمة من الأمم، وفي كل جيل من البشر .. وهي في أصلها الراسخ البعيد الغور معارف كثيرة لا تحصي، متنوعة أبلغ التنوع لا يكاد ُُيحاط بها، مطلوبة في كل مجتمع إنساني للإيمان بها عن طريق العقل والقلب، ثم العمل حتي تذوب في بنيان الإنسان فتجري منه مجري الدم لا يكاد يحس به”، ويكفى للدلالة على ذلك أنه في نهاية خمسينيات القرن العشرين استطاع الكتاب حصر أكثر من (150) تعريفاً مختلفاً للثقافة قيد الاستعمال في الكتب الأكاديمية، وآخر قام بحصر حوالى (165) تعريفاً من تعريفات الثقافة.

وفي تقديري أن المفهوم الأكثر قرباً لمدي تأثير الثقافة في المجتمع الإنساني، أنها الوعاء الذي ينتظم المعارف المتراكمة، والتى تثمر وجهات نظر معينة تصطبغ بها الحياة بالكامل، بما ينتج عنها من تشكيل المنحي السلوكي الذي يؤثر فى الإنسان نفسه والمجتمع بأسره، ويتصل بهذا ما قال به البعض عن "توطين الثقافة"، ودورها في التأثير على السلوك العام، كما يشير د. فوزي فهمي: “من الهام جداً توطين الثقافة في النسيج الاجتماعي والذهني للمجتمع، كإطار مرجعي يمثل قاعدة لأنماط السلوك والعلاقات”

ويسلمنا مفهوم “التوطين الثقافي” لمفهوم “الحضارة” باعتبارها صورة أرقى من الثقافة، فالأخيرة هي التي تؤسس لدي ارتقائها القيم الحضارية، يقول د. حسين محمد فهيم: “أما الحضارة فتشير إلى المظهر الثقافى المتقدم لدى شعب من الشعوب، فى مجالات العلوم والاداب والنظم السياسية والاجتماعية، وبذلك يتضح الفارق الجوهرى بين الثقافة والحضارة فالأخيرة تنشأ وتتطور وتزدهر لدى شعب معين فى فترة زمنية معينة من تاريخه إلا أنها قد تتعرض للخفوت أو الاندثار فى فترات تاريخية أخرى، فليس كل ثقافة إذن مؤهلة لكى تنشأ حضارة تندمج فيها القيم المادية والانسانية معاً، بل هى فقط الثقافة المتقدمة المبدعة = الحضارة”، فالثقافة في تلك الرؤية مستقرة والحضارة متغيرة: “الثقافة فى النهاية تتسم بطابع الاستمرارية، إذ لابد فى النهاية من وجود نمط معين من الحياة يهتدى به الناس فى مزاولة حياتهم اليومية سواء كانت بسيطة أم معقدة، وعليه لايفتقر شعب، أى شعب، إلي الثقافة، ولا يفتقر الانسان، أى انسان، إلي الثقافة، ولكن الشعوب ليست بالضرورة كلها متحضرة”، فالثقافة إذن تتم ترقيتها بخطاب تنويري يتمتع بالجدية والثراء المعرفي، والتألق الإنساني والمتعة الفنية حتي تكون ثقافة متقدمة مبدعة.

ويلمس الكاتب "يحيى حقي" المفهوم الحضاري، من خلال تقديمه معيار التثقيف ودوره الوظيفي في المجتمع: “إذا أردنا أن نحكم علي رقي المستوي الثقافي في الأمة لا نكتفي بإيراد إحصائيات عن عدد الكتب المطبوعة أو عدد رواد المتاحف والمعارض، ولو سألتني ما هو أصدق معيار عندك لإرتفاع مستوي الثقافة أقول: حين أدخل حديقة الحيوان صبحية شم النسيم فلا أجدها كأنما مر بها إعصار مدمر، أو حديقة القناطر فلا أجدها مقلب قمامة، او حين أجد حياة المثقف في بيته أو في معاملته مع الناس تنم عن ذوق مهذب معتدل يورث صاحبه طموحاً إلي الرقي، ومزيداً من الإدراك لما للثقافة من وظيفة اجتماعية”، ويعود ليؤكد: “التثقيف إذن هو تربية الإحساس بالجمال الذي يتولد عنه ترقيق الذوق والحياء، بين جدران المدرسة وخارج جدران المدرسة، في المتنزهات، في العمارة، الأثاث، القماش، في الأغنية، القصيدة، المسرحية، الفيلم، فن الإذاعة والتليفزيون”.

كما أن مفهوم "المثقف" ارتبط بمفهوم "الثقافة" في ثنائية متلازمة، ففي الثقافة التليدة  كان المثقف الموسوعي الذي "يلم من كل فن بطرف"، والتي أكدها الفيسلوف "بيكون" بقوله: “لقد أخذت كل مجالات المعرفة مجالاً لي”، وتطور المفهوم إلي تقديم التخصص، مع بقاء الثقافة الموسوعية تخدم الحياة العامة، وتعمق التخصص، في إطار مقولة: “معرفة كل شيء عن شيء، ومعرفة شيء عن كل شيء”

من المنظور السابق تأتي الأهمية المؤكدة لدور الثقافة فى حياة الأفراد والمجتمعات، فالثقافة ليست ترفاً فى حياة الأمم والأفراد شاءت أخذت بها أو تركت، بل الثقافة ركيزة هامة للتقدم والنهضة، يقول "جورج ديهامل": “يلزم أن يفهم الشعب أن أعز الأغراض واسماها والمتع الدنيوية ومظاهر التقدم جميعها متوقفة على استعمال العقل وتثقيفه وصقله، وبدون الكتب تصبح حياتنا الفردية والاجتماعية مستهدفة لخطر الانحدار إلى الهمجية التى لا يشفى من دائها، ويجب أن يعلم الجميع أن تثقيف العقل أمر جوهرى للحياة الصالحة”، ومن هنا كانت الثقافة ضرورة قومية وإنسانية، كما أن الثقافة واسطة الحضارة، فهي لازمة لتكوين الحضارة المتميزة والقادرة على استيعاب احتياجات الإنسان والمجتمعات (المادية والروحانية) وإشباعها.

والراصد يرى شحوب الاهتمام بالثقافة في مصرنا في سنوات سابقة رغم أهميتها لمتطلبات التنمية وبناء الاقتصاد وتدبير موارد المعيشة، والشاهد من الإحصائية التى تشير إلى أن الأسرة المصرية تنفق ما نسبته 6% على التدخين، الصحة 3%، الثقافة والرياضة معا 2%، وهكذا نجد أن الثقافة والرياضة معا -على ما لهما من أهمية- قد احتلتا المركز الأخير فى اهتمامات الأسرة المصرية بما ينذر بالخطر والتهديد لهوية المجتمع.

بالتالى لم تعد الثقافة حاجة ثانوية يمكن الاستغناء عنها بل من أهم أولويات الحاجات فى المجتمعات خصوصا للمجتمعات التى تخطو على طريق التنمية لما للمنتج الثقافى من مردود مادى ومعنوى على المجتمع. بما يتطلب تضافر القوى على مستوى الأفراد والمؤسسات جميعا لتأصيل قيم الثقافة وتحقيق الأداء النافع لها بين كافة طبقات المجتمع.

أما عن مفهوم “التحديث”: “باعتباره هو المقابل الفكري الشامل لكلمة "التنمية"، وهو بذلك عملية مركبة طويلة المدي، شاملة وواقعية، تتعلق بكل من: سبل وطرق التفكير، ونوع ومستوي المعرفة، ونوع ومستوي الأداء والتنفيذ، وتشمل البحث العلمي النظري والتطبيقي، وتشمل المرافق بكل أنواعها ومجالاتها والخدمات الأساسية والامتداد العمراني، وتوطين التكنولوجيا، وتطوير البيئة المحلية، بمعني اكثر اختصاراً، التحديث يعني التحسين المتواصل لنوعية الحياة ومستوي المعيشة والخدمات اليومية للمواطنين، أما التعددية فهي الوجه الآخر للتحديث”، والفقرة السابقة كاشفة نحو اشتراك أكثر من مفهوم لتحقيق هدف أصيل وهو التحسين المتواصل لجودة حياة الناس، وهي مفهوم "التحديث" المشار إليه، ومفهوم "التنوع الثقافي"، والآخر "التعددية الثقافية"، ومفهوم الهوية. 

ويتداخل مفهوم الهوية في الأساس مع مفهوم الثقافة، فالثقافة: “مكون أساسي للهوية، بل هي الإطار الحاكم لها، حيث هي التي تحفز مركب السمات والقسمات والأحاسيس للمجتمع، وتمنح الخصوصية والكيان المتفرد في مواجهة الآخر، ولا تعني مفردة المواجهة الاشتباك في الصراع مع الآخر، حيث يستحيل عزلة الثقافة لاعتبارات عصرية كثيرة، وأن الأصل هو المد والجزر والمبادلة والأخذ والعطاء بين الثقافات، وإن لم تفعل ثقافة هذا السلوك اختنقت وتلاشت، وهذا يقترب من المفهوم الحضاري أكثر، وإنسانية المعارف، ولا ينفي هذا التمايز الحضاري، فالخصوصية لا تعني الانسحاب وتأسيس “الجيتو الفكري”، وتعارض بداهة الذوبان في الآخر وفقدان الشخصية، لكنها الخصوصية القابلة دائماً لتطوير نفسها من خلال تفاعلها الحي والخلاق مع الآخر ومع مستجدات العصر في آن”.، وإذا كان التناول السابق يشير لأهمية التوطين الثقافي في النسيج الاجتماعي لينتج الحضارة، وحيث تستحيل العزلة الثقافية، مع تقدير “الهوية”  بما يطرح فكرة "التنوع الثقافي".

حيث لا شك أن التباين حقيقة إنسانية، فالتنوع سنة من سنن الله تعالي في الكون، ونظام إنساني يستوجب التسامح والتراحم والتعاون وقبول الآخر، لذلك يعتقد علماء اجتماع: “أن للمجتمعات المختلفة منظورات ومكونات اجتماعية من سكانية، وجغرافية، ولغوية، وثقافية مختلفة، بالتالي قال مفهوم التعدد الثقافي بتدبير تعامل أطراف التعدد مع بعضها البعض يقوم علي أساس من مبادئ وأفكار التسامح والإحترام العملي”. وبالتالي أهمية "الحوار الثقافي": “كانت التعددية المدخل الطبيعي لمسيرة الكون، وبقي الاختلاف أصلاً للحوار ومدخلاً إلي تقدير الآخر، بالتالي يجب قبول التعددية والاختلاف، بعيداً عن التشنجات والحصار العقلي، أو المصادرة الفكرية علي منطق الآخر أو المزايدة عليه، كما يجب نفي منطق الاستعلاء والإحساس بالتعاظم، فسوف يظل الاختلاف مدخلاً آمناً لاستمرار الحياة”

ويقول بعض الدارسين أن مفهوم "التنوع الثقافي" خطاب ثقافي أحدث من مفهوم "التعددية الثقافية"، لقول بعض الباحثين بوجوب توافر المعايير التالية في التنوع، باعتبار أن التنوع هو تعددية ثقافية صحية وحقيقية:

نفي هرمية الثقافات، بحيث تتساوي قيمة كل الثقافات وأهميتها، وعلي أساس أن جميع الثقافات المعاصرة هي ثقافات مهجنة من تمازج عديد من الثقافات الأخري أو الأقدم.
قيام حوار أصيل ومفتوح بين الثقافات المتعايشة يعتمد علي التبادل والتمازج بين اللغات والمهارات الفنية بدلاً من انفصالها وتباعدها.
نفي العنصرية.
عدم تمييز ثقافة علي حساب أخرى كتمييز الثقافة التقليدية علي الثقافة الشعبية، او تمييز الثقافة الرفيعة علي أشكال الثقافة الجماهرية الجديدة.
ضرورة مشاركة جميع فئات التعدد الثقافي في جميع هياكل المؤسسات الثقافية.

ويعني التأثير المتبادل بين الثقافات تأسيس مفهوم "التقاطع الثقافي"، وهو مصطلح مستخدم من مجال فلسفة التاريخ، ويعني نقاط الالتقاء بين ثقافتين أو أكثر، حيث تتفاعل الثقافات بالتناقض أو بالإتفاق، كما قال باحثون في علم الاجتماع الثقافي. 

وتتميز تركيبة الناس بالتجمعات الجديدة بالتنوع الثقافي الكبير، وتعدد الجنسيات من حيث هي مجتمعات جاذبة للعمال والشباب الراغب في بدء حياته العملية من ناحية، وأيضا جاذبة للمستثمرين والراغبين في الخدمات المنوعة، كما شهدت تلك التجمعات إقبالاً من الجنسيات والمستثمرين العرب في مجالات التعليم والاقتصاد، وأصبحت موطنا عروبيا بديلا لأشقاء كرام.

لذلك نجد الطيف الثقافي شديد الاتساع والتنوع، بما يدعو لضرورة مواكبة الفاعليات الثقافية والمنتج الثقافي لاستيعاب هذا التنوع الكبير. 

إن أخطر مشكلة تواجه التجمعات والمؤسسات الجديدة، هي بواعث المشكلات القديمة ذاتها، أي السلوك الحضاري للإنسان، صحيح أن هناك مشكلات تمثل أهمية وأولوية خاصة لاتصالها بجوانب الحياة اليومية،  لكن يعتبر نفي "السلوك الحضاري" هو مشكلة المشكلات، حيث يعود قسم معتبر من الأسباب إلي سلوك الناس وأخلاقياتهم، صحيح أن ضعف الامكانيات هو من أسباب الأزمات، لكن سلوك البشر يتحكم في حجم المشكلة ودرجة تاثيرها في البيئة المحلية، فلو تأسس مجتمع عمراني جديد علي التخطيط السليم والأسلوب الإنساني في التناسيق وتوافر الخدمات والتكامل بين المناطق المختلفة، مع وجود رئة طبيعة تتمثل في وجود فواصل خضراء منعشة، لما كان كل ذلك كافياً دون التوعية الثقافية للسكان، وترقية سلوكهم، فإذا أنشانا المدن والمجتمعات المتطورة مع وجود نفس التركيبة السلوكية للناس، فلن يحدث تقدم يذكر سوى انتقال مكان المشكلات وتأجيل حدوثها زمنياً، بما يؤكد دور الثقافة في التحديث المراد.