تعد جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.
ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.
نلتقى اليوم مع السويدية «سلمى لاجرلوف»
واحدة من أبرز الكاتبات والأديبات في تاريخ الأدب السويدي الحديث، وأولى نساء العالم في الحصول على جائزة الأدب عام 1909، وتعد مزًا للأدب السويدي، وأعمالها ما زالت تُترجم وتُقرأ في مختلف دول العالم.. إنها الأديبة «سلمى لاجرلوف»
أول الرحلة
ولدت «سلمى لايرلوف» في 20 نوفمبر سنة 1858 م في قرية في إقليم مارباكا الجبلي بمقاطعة «فارملاند»، على الحدود السويدية-النرويجية في شمال السويد، وبدأت رحلتها بالتدريس لمدة عشر سنوات في بلدة لاند سكرونا في الفترة من 188م : 1895م
إلى عالم الأدب وحده
وبرز اسمها وتلألأ في عالم الأدب لأول مرة بعد أن نشرت روايتها الأولى «ملحمة جوستا برلنج» عام 1891، التي كانت تحمل البشرى لمرحلة االنهضة الرومنطيقية في الأدب السويدي، ومع عام 1895 قررت «سلمى» ترك مهنة التدريس لتستكمل رحلتها مع الأدب.
كتاب «القدس».. ومنتجها الأدبي
ومن مؤلفات «سلمى لايرلوف»: رواية «جوديكا» عام 1891 والتي تعد من أشهر ما كتبت، وقدمت ملحمة «جوستا برلنج» 1891م، «الروابط غير المرئية» (روابط خفية) 1894، «من ضيعة سويدية»، «ملكات كونجالا وملامح أخرى» 1899.
وقامت «سلمى» برحلة إلى فلسطين الأرض المقدسة، في مطلع القرن العشرين وأقامت في «القدس»، وعند عودتها لبلادها أصدرت كتاب تضمن انطباعاتها عن الأرض المقدسة وهذه البقعة الفريدة من أرض العالم كله، وكان بعنوان «القدس»1901، المدينة المقدسة «القدس 2»1902.
وكتبت «سلمى لايرلوف» أيضًا.. «كنز السيد آرني» 1904م،«أساطير مسيحية وقصص أخرى» 1904، «رحلة نيلز هولجرسونز الرائعة عبر السويد» 1906 - 1907، «ملك البرتغال» و«البيت العتيق»، «مارباكا» 1922، وكتبت «ذكريات من طفولتي» 1930، «يوميات سلمى لايروف» 1932، كما كتبت أيضًا قصصًا قصيرة وروايات أخرى تحظى بشعبية كبيرة.
مزج الواقعية والخيال
وتدور أحداث غالبية أعمال «سلمى لايرلوف» الأدبية في مقاطعة «فارملاند»، مسقط رأسها ونشأتها، بالرغم من أن رحلاتها عبر أواسط قارة أوروبا قد ألهمت العديد من أعمالها وكان من ذلك رواية «عجائب المسيح الدجال» عام 1897 التي تدور أحداثها في صقلية.
وتتميز أعمال «لايرلوف» الأدبية بأنها تمزج بين الواقعية والخيال والمغامرة، وهي معروفة بأسلوبها الفريد وقدرتها على إبراز الجوانب البشرية والنفسية في قصصه.
جائزة نوبل والتكريم لماذا؟
قررت الأكاديمية السويدية المشرفة على منح جوائز نوبل منح الجائزة في الأدب إلى «سلمى لاجرلوف»، وجاء في تقرير اللجنة «تقديرا لإبداعها في تصوير مشاعر النفس البشرية والخيال النابض بالحيوية والمثالية النبيلة التي تميز أعمالها، وأيضا تخلص التقرير الخاص نيل الجائزة في عبارة «تقديرًا للمثالية النبيلة، والخيال المذهل والإدراك الروحي الذي يميز كتاباتها».
وبمرور السنوات أصبحت «لاجروف» في 1914 من ضمن أعضاء الأكاديمية التي تمنح جوائز نوبل التي يتبناها بلدها السويد، وفي عام 1928، حصلت على الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعة جريفس فالد الألمانية
صورتها بالكورونا السويدية
وفي السويد، يوجد فندقان يحملان اسم «سلمى لايرلوف»، وتحول منزلها الذي عاشت به في مدينة مورباك إلى متحف يضم مقتناياتها، وبدءا من عام 1992، قررت الحكومة السويدية وضع صورتها على الكرونا السويدية فئة 20 كرونا.
أعمالها بالسينما المحلية والعالمية
قدم «فيكتو سيستروم» رائد السينما السويدية، أعمال سينمائية لقصص «لايرلوف» الأدبية عن الحياة الريفية في السويد، والتي من خلالها سجلت عدسة كاميرته تفاصيل الحياة التقليدية البسيطة للقرية في الريف السويدي وعكست معالم الطبيعة الخلابة التي تتمتع بها، كل هذا أمدنا بقاعدة لعدد كبير من أكثر الأعمال شاعرية وخلود في تاريخ السينما الصامتة في بدايات رحلة السينما بالعالم.
فيلم «القدس»
وفي عام 1996، تم تحويل رواية «القدس 1901 - 1902» لـ«لايرلوف» إلى فيلم حظي بإعجاب كبير من الجماهير ولاقى استحسانًا عالميًّا، الذي يقدم العديد من القصص في هذا الكتاب وغيره من أعمالها الأدبية المميزة تم اقتباسها في أفلام باكرة على يد «فيكتور سيستروم».
سير ومؤلفات تخلد الأثر
قدم العديد من المؤلفين والكتاب سير ذاتية وكتب عن أديبة نوبل الأولى «سلمى لاجرلوف» عن حياتها وأعمالها، ومن بينهم: «بيتر بيريندوسن»، 1931م، وكتاب ودراسة «الحقيقة والخيال في الأعمال السيرية لسلمى لاغرلوف» للكاتب والمؤلف فولكر دينا فريز 1958م.
وكتاب «التناول الأدبي لأعمال سلمى لاغرلوف في فرنسا» قدمه « آن نيلسون»، عام 1962م، ودراسة «التراث الملحمي في ملحمة قوستا بيرلنغ» قدمتها أليسا إليسون، 1978، وكتاب« استجابة الكتاب الالمان الأدبية لسلمى لاجرلوف» قدمه الكاتب والأديب جينيفر مالدر 1998م.
ورحلت عن عالمنا أولى نساء جائزة نوبل في العالم «سلمى لايرلوف» في 18 مارس 1940.
القدس