نشهد اليوم ذكرى وفاة أحد رجال النهضة الثقافية في مصر والعالم العربي، أحمد حسن الزيات باشا ، حيث رحل عن عالمنا 12 مايو 1968، عن عمر يناهز 83 عاما بعد أن ترك أثرا كبيرا ومهمًا في الحياة الثقافية والفكرية في مصر والوطن العربي.
الميلاد والنشأة
ولد أحمد حسن الزيات في قرية كفر دميرة القديم التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية بمصر في 2 إبريل 1885 م، ونشأ في أسرة متوسطة الحال، تعمل بالزراعة، تلقى تعليمه في كتاب القرية، فحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة، وعقب ذلك أرسل إلى أحد العلماء في القرية مجاورة من بلدته ليتعلم القراءات السبع وأجادها في سنة واحدة.
علوم الدين في الجامع الأزهر
التحق «الزيات» و هو في عمر الثالثة عشرة بالجامع الأزهر، درس فيه عشر سنوات، وتلقى «الزيات» في هذه المدة علوم الدين واللغة العربية، لكنه كان يفضل الأدب، فدغعه ذلك إلى التعلق الشيخ سيد علي المرصفي الذي كان يدرس الأدب في الأزهر، كما حضر«الزيات» شرح المعلقات للشيخ محمد محمود الشنقيطي، والذي يمثل أحد أعلام اللغة العربية البارزين حينذاك.
لقاءات مع رجال الفكر والأدب
وكان المفكر المستنير أحمد حسن الزيات، يقضي فترات طويلة عميد الأدب العربي دكتور طه حسين، والكاتب محمود حسن الزناتي، في دار الكتب المصرية، للاطلاع على عيون الأدب العربي، ودواوين فحول الشعراء، ولم يكمل «الزيات» دراسته بالأزهر الشريف، لكنه التحق بالجامعة الأهلية فكان يدرس بها مساءً ويعمل صباحًا بالتدريس في المدارس الأهلية.
والتقى «الزيات» في عمله مع العديد من رجال الفكر والأدب الكبار والبارزين في عصر النهضة، مثل: محمود عباس العقاد، وإبراهيم عبد القادر المازني، وأحمد زكي، ومحمد فريد أبو حديد.
اختارت الجامعة الأمريكية بالقاهرة أحمد حسن الزيات رئيسا للقسم العربي فيها في عام 1922، وأثناء عمله بالجامعة الأمريكية، التحق «الزيات»بكلية الحقوق الفرنسية، وكانت الدراسة بها ليلاً، ومدتها ثلاث سنوات، أمضى منها سنتين في مصر، وقضى الثالثة في فرنسا حيث حصل على ليسانس الحقوق من جامعة باريس في سنة 1925.
ولم « الزيات» ينتمِ طيلة حياته لأي حزب سياسي، تم اختيار« الزيات» في عام 1929، أستاذا في دار المعلمين في بغداد، فترك عمله في الجامعة الأمريكية وانتقل إلى هناك.
تأسيس مجلة « الرسالة»
بعد عودة «الزيات» من بغداد عام 1933 م ترك التدريس، وانتقل للصحافة والتأليف، وفي 15 يناير1933 م قام بإصدار مجلة الرسالة، التي أثرت بقوة في الحركة الثقافية الأدبية في مصر.
وضمت في مجلة «الرسالة» معظم المقالات عن رموز الأدب العربي آنذاك من مثل:زكي نجيب محمود العقاد، سيد قطب، أحمد أمين، علي الطنطاوي، محمد فريد أبو حديد، أحمد زكي باشا، مصطفى عبد الرازق، مصطفى صادق الرافعي، طه حسين، محمود محمد شاكر والشابي.
وكتب في مجلة «الرسالة» كبار القصصيين، كما كانت تشجع القصصيين الشبان وكان من بينهم ككاتب ناشيء حينذاك الأديب نجيب محفوظ، وكانت أول قصة نشرها بعنوان «ثمن الزوجة».
ومثلت مجلة « الرسالة» مصدرا مهمل وملهما لتاريخ الأدب ولدراسته، و نشرت الأدب وتابعته بالنقد والتقييم، كما كانت مدرسة لتخريج الأدباء والأديبات، و كانت المجلة ناقدة للأدب العالمي، و صنعت عُشاقًا للتعبير العربي السليم، و تركت أثرًا أدبيًا وحسب بل أثّرت فكريًا وثقافيًّا أيضًا في مجالات منها مجلة العروبة
مؤلفا ومترجما عالميا أحمد حسن الزيات
ألف« الزيات» العديد من الكتب التي أثرت في تاريخ الأدب العربي ومنها: «تاريخ الأدب العربي، في أصول الأدب، دفاع عن البلاغة، وقدم مؤلفه «وحي الرسالة»، الذي جمع فيه مؤلفاته و مقالاته وأبحاثه في مجلة الرسالة
ساهم « الزيات» باالعديد من الأعمال والمؤلفات في مجال التراجم ، وخاصة من اللغة الفرنسية: حيث ترجم «آلام فرتر» لجوته، كما ترجم رواية روفائيل للأديب الفرنسي لامارتين، إضافة لذلك قدّم مجموعة قصصية بعنوان «من الأدب الفرنسي».
رحل أحمد حسن الزيات عن عالمنا فيي الموافق 16 ربيع الأول 1388 هـ/12 مايو 1968 عن عمر ناهز 83 عاما، و نقل جثمانه إلى قرية كفر دميرة مسقد رأسه بالدقهلية ودفن فيها.