الثلاثاء 24 سبتمبر 2024

تقرير أوّلي لوزارة الثقافة الفلسطينية: الحياة الثقافية في غزة جزءً من الحرب عليها

غلاف الكتاب

ثقافة13-5-2024 | 14:58

دعاء برعي

صدر عن وزارة الثقافة الفلسطينية تقريرا أوّليا حول أضرار القطاع الثقافي على خلفية الحرب على قطاع غزة التي انطلقت في 7 أكتوبر 2023 قدم له وزير الثقافة الفلسطيني دكتور عاطف أبو سيف، بهدف الكشف عن واقع الحياة الثقافية في غزة كجزء من الحرب عليها، حيث طال قصف الاحتلال كل مكونات التاريخ والحاضر في القطاع من مبانٍ تاريخية، ومساجد، وكنائس، ومؤسسات ثقافية، ومتاحف تحوي تاريخ المكان وعبقه وأصالته، كما طال الفنان والمثقف والكاتب.

يقول دكتور عاطف أبو سيف في تقريره: "الفنان والمثقف والكاتب الذي فقد العديد من أفراد عائلته وأحبابه، ونزح مثلما أجبر أكثر من نصف سكان غزة من الشمال إلى الجنوب، تاركين وراءهم بيوتهم ومقتنياتهم وذكرياتهم، تركوا مكتباتهم الشخصية وإرثهم الأدبي ومراسمهم وآلاتهم الموسيقية وأدواتهم التي تعد قاعدتهم للعمل والعيش والتعبير".

وبحسب أبو سيف فإن التقرير استعرض ما استطاع الوصول إليه، حيث تعرض المشهد الثقافي في القطاع إلى اعتداءات متعددة الطبقات، فُقد على أثرها العديد من المبدعين في مختلف المجالات.

وأحصى التقرير بالأرقام الحال الثقافي بعد شهرين من الحرب على القطاع من شهداء وصل عددهم 28 شهيدًا بينهم 4 أطفال، جاء من بينهم طالبة الكمنجة لبنى عليان، ذات الخامسة عشرة عامًا، التي استشهدت في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى فرع غزة بتاريخ 21 نوفمبر مع أكثر من خمسين فردًا من عائلتها، والتي كانت من طالبات المعهد المميزات، ورأت في الموسيقى وسيلة تمثّل من خلالها أهلها وبلدها في الأوركسترات الفلسطينية والعربية والعالمية، وكذا استشهاد الصحفي بلال جاد الله مدير بيت الصحافة ورئيس الصالون الثقافي الذي احتضن الإعلاميين ودرّب وخرّج كوادر قادرة على نقل الحقيقة رغم الظروف المعقدة والقاسية التي يعيشها القطاع، وكان له دور في ربط الصحافة بالثقافة والتراث وتفعيل دورها في دعم المثقف والمبدع، حيث أسس الصالون الثقافي لمناقشة القضايا والمبادرات الثقافية، أيضًا استشهاد دكتور سفيان تايه رئيس الجامعة الإسلامية هو وعائلته في منطقة الفالوجا في جباليا شمال القطاع في 2 ديسمبر والذي يحمل الأستاذية في تخصيص الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية، والحائز على جائزة عبد الحميد شومان للعلماء العرب الشبان والعديد من الجوائز العلمية الأخرى، وله إسهامات كبيرة في مجال الدراسات والأبحاث العلمية التي يتم نشرها سنويًا في مجلات علمية مرموقة، وقد عيّن في 2023 حاملًا لكرسي اليونسكو لعلوم الفيزياء والفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في فلسطين، وغيرهم الكثير كالكاتب الصحفي مصطفى الصوّاف أول رئيس تحرير لأول صحيفة يومية تصدر في القطاع، واستشهاد المصور مروان ترزي الذي عُرف بـ" صاحب تاريخ غزة البصري"، وكذا المبدعة تالا بعلوشة عضوة فرقة أصايل وطن للدبكة الشعبية، والكاتب عبد الله العقاد، والفنان ثائر الطويل رئيس منتدى الفن التشكيلي، وكاتب التراث الشعبي الفلسطيني عبد الكريم حشاش، والمؤرخ الدكتور جهاد المصري، والكاتب الدكتور سعيد الدهشان، والفنان الشعبي محمود الجبيري المعروف بالنطشي، والفنانة التشكيلية هبه زقوت، والشاعرة هبة أبو ندى، والشاعر عمر أبو شاويش، والفنان علي نسمان، والفنانة حليمة الكحلوت، وإيناس السقا، والفنان والكاتب يوسف دوّاس، والفنانة نسمة أبو شعيرة، والشاعر والباحث التربوي شحدة البهبهاني.

 

كما رصد التقرير قصف تسعة من أسماء دور النشر والمكتبات التي منها مكتبة ومعرض الشروق الدائم، ومكتبة منصور، وانعيم والنهضة ولُبد، ومكتبة مركز الثقافة والنور وهي من أقدم المكتبات في مدينة غزة وتقع في حي الرمال، أيضًا مكتبة ديانا ماري صباغ التابعة لمركز رشاد الشوا الثقافي والتي شهدت فعليات ثقافية وحملات تشجيع للقراءة وتحوي نحو عشرين ألف كتاب، وكذا قصف المكتبة العامة لبلدية غزة التي تبعد عن مدينة القدس 78كم.

 

ووفق ما ذكره التقرير، دُمر 21 مركزًا من المباني الثقافية، كتدمير المركز الثقافي الاجتماعي الأرثوذوكسي العربي الذي كان يحوي قاعات وأدوات رياضية وقاعات عرض لتنظيم النشاطات الثقافية والفنية، ومركز رشاد الشو الثقافي الذي يعد مركزًا ومسرحًا ومكتبة ومطابع، وهو أول مركز ثقافي في فلسطين جاء ردًا على سياسة الاحتلال محاربة الثقافة ومحو التراث الفلسطيني وتشويه هوية البلاد، أيضًا تدمير هيئة دار الشباب للثقافة والتنمية، وتضرر الاتحاد العام للمراكز الثقافية الواقع غرب مدينة غزة بشكل كبير وهو أهم أذرع الثقافة المنظمة للعمل الثقافي ويندرج في عضويته أكثر من 67 مؤسسة ثقافية، بالإضافة إلى أكثر من 120 مؤسسة شريكة، وتم تدمير مؤسسة السنونو للفنون والثقافة، ومركز جمعية أبناؤنا للتنمية، ومركز غزة للثقافة والفنون، وجمعية ميلاد لتنمية القدرات الشابة، وجمعية حكاوي للثقافة والفنون، والجمعية الفلسطينية للتنمية وحماية التراث، ومعرض محترف شبابيك، وقرية الفنون والحرف، ومسرح الوداد وجمعية وداد للتأهيل المجتمعي، أيضًا دمر مرسم الفنانة رفيدة سحويل، ومركز إسعاد الطفولة وهو مركز ثقافي تربوي، وجمعية البيادر للمسرح والفنون، وجاليري التقاء للفنون البصرية المعاصرة وهو مبادرة من الفنانين الشباب في غزة لتأسيس معرض دائم للفنون البصرية، ومعهد كنعان التربوي النمائي وهو مؤسسة مجتمعية ذات أهداف ثقافية تربوية، ومن أبرز برامجه "التدريب"، و"الطفولة المبكرة"، وبرنامج الدعم النفسي.

 

كما قُصف ودُمر عدد عشرين من المباني التاريخية التي تضمنت مساجد وكنائيس ومتاحف ومواقع أثرية، فدمرت ثمانية متاحف هي متحف رفح الذي جمعت فيه مئات الأدوات المتعلقة بالتراث الفلسطيني القديم من أزياء وأدوات قديمة تعكس ثقافة البدو والفلاحين وسكان المدينة وأهم الأزياء التراثية الفلسطينية، وكذا متحف القرارة الثقافي، ومتحف خانيونس، ومتحف العقاد، ومتحف شهوان، ومتحف الخضري، ومتحف إبراهيم أبو شعر للتراث البدوي بالكامل، وهو ديوان تراثي يقع شرق رفح، كما تم تدمير متحف البادية بمحتوياته من التراث البدوي، كما دمرت كنيسة القديس برفيريوس ثالث أقدم كنيسة في العالم وهي من أقدم المعالم الأثرية المسيحية التي تقع وسط غزة ويعود تاريخ بنائها إلى سنة 407 ميلادية، وقصف جامع كاتب ولاية الذي بني أيام حكم السلطان الناصر محمد بن قلاوون وهو مثال للتعايش الإسلامي المسيحي حيث تجاور مئذنته كنيسة الروم الأرثوذوكس ويقع في حي الزيتون بمدينة غزة، وجامع السيد هاشم الذي دفن فيه جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتضرر جامع الشيخ عبد الله الذي بني في العصر المملوكي، وتضرر جامع ابن عثمان الذي يعود تاريخ بنائه للعصر المملوكي، وقصف المسجد العمري الكبير، كما قصف سوق الزاوية التاريخي، وقصف بيت السقا وبيت ترزي الأثريين، وقصفت قلعة برقوق.

 

إضافة إلى تدمير عشرات المباني التاريخية التي رصدها التقرير، ككتل رفح الأثري وهو واحدًا من أهم المواقع الأثرية، وكذا قصف مبنى بلدية غزة التاريخي، وتدمير "الانثيدون" ميناء غزة القديم المدرج على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي ولائحة التراث الإسلامي، كما دمر النصب التذكاري "الجندي المجهول" والحديقة الخاصة به، وهو من أبرز معالم غزة.

 

ولحق ضرر كبير بشركات إنتاج إعلامي وفني كشركة مشارق واستديوهات أصايل، واستديو مكس، واستهدفت الصروح العلمية كمقرات الجامعات الفلسطينية خاصة جامعة الأزهر التي تعتبر ثالث أقدم جامعة في العالم ويعود تاريخ تأسيسها لـ1920، وتضررت مكتبتها ومكتبة الجامعة الإسلامية، وجامعة القدس المفتوحة في مدينة غزة، بالإضافة لاستهداف الصحفيين والإعلاميين الذي استشهد منهم حتى تاريخ التقرير 73 صحفيًا وصحفية، كما اعتقلت قوات الاحتلال 29 صحفيًا، وأدى القصف إلى تدمير العديد من المؤسسات الصحفية.

 

وبالنظر إلى الواقع الثقافي في قطاع غزة قبل الحرب أشارت إحصائيات التقرير عن عام 2022 إلى عدد 76 من المراكز الثقافية، و3 مسارح، 220 ألفًا من المشاركين في الأنشطة الثقافية سنويًا، و80 من المكتبات العامة، 15 من دور النشر والتوزيع ومراكز بيع الكتب.