الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

حبيب الملايين..

  • 19-1-2017 | 10:37

طباعة

بقلم – حمدى رزق

أحِبُكَ حُبَيْنِ حُبَ الهَـوى، وحُبْــاً لأنَكَ أهْـل ٌ لـِذَاك، أحب ناصر حبين، أحبه تماماً، أحبه بالكلية، أحبه ولا أقبل فى حبه سوى الحب ممن يحب، حبا لأنه أهل لهذا الحب، من يحب مصر يحبه المصريون، ويظل حبه يملأ قلوبهم رغم مضى السنين، وناصر أحب مصرا فأحبته، أحب الفقراء والبسطاء، فأحبه طوب الأرض، من أحبه الله حبب فيه خلقا كثيرا، وكثيرون مثلى يحبون ناصر، ويبكون حزنا على رحيله، ويحتفلون بذكراه ثلاث مرات سنويا، يوم مولده، ويوم رحيله، ويوم ثورته على الظلم.

 

 

وحبا لأنه مافرط قط، وما باع قط، ولا تصالح قط، ونذر نفسه من يوم ولد وكأنه جاء حاملا قدره، حاملا أملا، ومنح للمصريين أملا، وأعطاهم أملا. وغاب تاركا فيهم أملا، وخطب فيهم، ارفع رأسك يا أخى، ومات دون أن يحنى الرأس، مرفوع الهامة، ولاتزال صوره مرفوعة فى الميادين، ناصر يا حرية، ناصر ياوطنية، يا حرية ياوطنية ياروح الأمة العربية.

وعذرنا أن فى وجهنا نظرا، قبل مئويته بعام يقف مثلى ماثلا، وألا ألزم به غيرى، أن يقف على ضفاف هذا النهر الفياض من الوطنية ينظر فى فيضه، وخيره، نهر من الوطنية يفيض على الضفاف، لاتحار كثيرا فى السؤال عن ماهية الوطنية وناصر مجسدا أمامك، الوطنية أن تموت فداء للوطن، أن تضحى من أجل الوطن، أن تحيا كل لحظة وأمام ناظريك الوطن، رجال لا تلهيهم بيع ولاشراء عن حب الوطن، أن تموت فى ثرى الوطن، تموت وأنت الغنى بحب أبناء هذا الوطن، وتظل كلماتك تدوى فى جنبات الوطن، بنى وطنى كان نداء جديدا على أذن الوطن، فصار هو الأثير رغم النداءات الكثيرة التى أطلقها من لايعرفون قيمة هذا الوطن.

المرجفون فى المدينة يتبارون فى إحصاء أخطائه، والمحبون يخلعون عليه زعامة، ومثلى من يقفون على قلب هذا الرجل الذى حمل للمصريين ما اشتاقت إليه النفوس وتاقت إليه الأرواح واستشرفته العقول وتمنته الأنفس، حمل الاستقلال من ربقة الاستعمار البغيض، وحمل المساواة، وأنصف أهل الفقر، وانتمى الى الجلابيب الزرق، واحتضن العمال، واقتسم اللقمة مغموسة بعرق النضال مع المناضلين، وشرب من قلة العطشان، وافترش الأرض  الطيبة، كان استثنائيا بين العاديين.

مئوية ناصر التى تهل علينا، مئوية وطن، مئوية أمة، ما أتاه ناصر فى هذه المئوية وهو فرد، تكالبت عليه أمم واستخبارات وأنفقت عليه أموالا فقط لهدم صرح ناصر، لم يبنوا صروحا كالتى بناها، وتشهد بعصره. ولكنهم تفرغوا لهدم مابناه، فزالت دولتهم، وبقت دولة ناصر، وصار المثال حيا إذا أردت محبة المصريين كن ناصرا، وإذا كنت ناصرا عليك بحب المصريين، وحب المصريين جائزة كبرى لمن يستحقها، ومن استحقها يعمر طويلا فى قلب الوطن، لايغادره أبدا.

لماذا ناصر، سؤال اللئيم، رحل ناصر فى العام ١٩٧٠، هل مر يوم على المصريين دون ذكر ناصر، رحل ناصر وجاء من بعده خلق كثير، هل غاب نجم ناصر، تغيرت خرائط وتبدلت طرائق وتمحورت محاور واندلعت حروب ووقعت معاهدات ورفعت رايات فى الميادين، هل سقطت راية ناصر، هل غابت صورة عبد الناصر، هل حاد الرهط عن طريق ناصر، كلما حادوا حدثهم ناصر من قبره، مالكم تحديدون، أنكم لمنقلبون، مايلبثون ساعة |إلا وعادوا إلى سيرة ناصر، يتغنون جميعا أحلف بسماها وبترابها.

لأنه ناصر الفالوجا، ناصر ٥٢، ناصر ٥٦، ناصر ٦٧، وانتصارات وانكسارات، والثورة قايمة والكفاح دوار، ناصر نقلة فى تاريخ أمة، طريق خطته أمة، طريق طويل كتب علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها، وناصر فتح الطريق بطاقة دفع جبارة، لاتزال تدفع الوطن نحو العزة والكرامة.

ناصر سكن الضمير الوطنى، وسكنى ضمير المصريين، والضمير الجمعى لايكذب، والأجيال التى خرجت إلى الميادين فى ثورة ٢٥ يناير لم تجد اسما تتغنى بخصاله سوى ناصر، ولم ترفع سوى صور ناصر، ولم تهتف إلا على وقع صوت ثورة عبد الناصر، وما رفعت شعارات سوى شعارات ناصر، ارفع رأسك فوق أنت مصرى، أليس هذا شعار ناصر، ارفع رأسك يا أخى.

٩٩ عاما مضت على ولادة ناصر، ويكمل المائة خلال شهور، مر بنا ملوك وحكام ورؤساء وحكومات، هل تبقى فى الذاكرة وطنيا سوى ناصر، ناصر كان الترجمة الأمينة لكل نضالات الوطن، ناصر نفسه كان تجسيدا لكل رجالات هذا الوطن، فيه أفكار محمد عبده، وثورية سعد زغلول، ونضالات عرابى، وتشوف مصطفى كامل، امتص الرحيق، وأخرج للوطن ومن الوطن أجمل مافيه، والوطن جميل وناصر جميل، وتألق ناصر وتألق الوطن، وتألقت الأمة من وراء الزعيم والوطن العظيم، وصار الزعيم فى وطن والوطن فى أمة والأمة تباهى، والعالم ينظر إلى هامة فى الشرق ترتفع، وما تعودوا من الشرق الا انكسار الحلم فى دوح الوطن.

يؤرخ لمصر ماقبل ناصر وما بعد ناصر، وكان ناصر مفرق التاريخ المصرى، يقف شاهدا على ما قبل من ملكية واستعمار واستغلال وعبودية، وما بعد ناصر من استقلال وعزة وكرامة، يعز علينا السؤال، ولماذا ناصر، وهل من الأسماء التى سبقت أو تلت فى قامة ناصر، ناصر بنى اسمه على محبة المصريين، وهل أحبهم مثل ناصر، وهل تغنى المصريون إلا باسم ناصر، يا جمال يا مثال الوطنية أجمل أعيادنا المصرية، وهل يتذكر المصريون مئوية بكل هذا الجلال والإجلال إلا مئوية ناصر، ناصر لم يكن نبيا، ولا ادعى عصمة، ولكنه كان محبا لتراب هذا الوطن، سلام عليك يوم ولدت ياحبيب الملايين.