أكد أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بالقضايا السكانية، وتضع تعزيز الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها على رأس أولويات صانعي القرار.
وأضاف الجوهري أن الحكومة تهدف إلى استمرار دفع جهود الحماية الاجتماعية، وتحقيق تكافؤ الفرص، والمساواة بين الجنسين، والاستجابة لمتطلبات النمو والتنمية لكافة قطاعات المجتمع وفئاته، بهدف تحسين مستوى المعيشة وبناء المواطن المصري، وذلك وفقًا لبرنامج عمل الحكومة للفترة (2023 /2024 - 2029 /2030)، تحقيقًا لأهداف الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023 - 2030).
وجاءت هذه التصريحات خلال ورشة عمل عنونها مركز المعلومات بعنوان: "القضية السكانية.. الواقع والرؤى المستقبلية"، حضرها نائب وزير الصحة والسكان لشؤون السكان الأستاذ الدكتور طارق توفيق، وعدد من الممثلين رفيعي المستوى من الجهات المعنية، والخبراء في المجالات ذات الصلة ونواب البرلمان المصري.
أكد الجوهري أيضًا أن القضية السكانية والتحديات التنموية المرتبطة بها تحظى بالاهتمام العالمي، وذلك في ضوء الضغوط المتزايدة على الموارد الاقتصادية نتيجة الزيادة المستمرة في مستويات الطلب على الغذاء والماء والسكن والطاقة والرعاية الصحية والنقل.
ولفت إلى أن ورشة العمل تهتم بإلقاء الضوء على الجهود المبذولة من وزارة الصحة والسكان، والمجلس القومي للسكان وكافة الجهات المعنية على صعيد تحديث وإطلاق "الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية (2023 - 2030)".
بدوره، قال الدكتور طارق توفيق، نائب وزير الصحة والسكان لشؤون السكان، إن الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية (2030-2023) تستهدف وصول معدل الإنجاب الكلي إلى 2.1 طفل لكل سيدة بحلول عام 2030 وذلك من خلال صياغة الفروض المختلفة للإنجاب على فترات زمنية عشرية خلال فترة الاسقاط (2022-2072)، مشيرا إلى التوقعات المستقبلية للسكان في مصر ما بين التحديات والفرص حتى عام 2050، مستعرضًا الإسقاطات السكانية المستقبلية لإجمالي الجمهورية خلال الفترة (2022-2072).
ونوه توفيق إلى نتائج الإسقاطات السكانية على أساس الفرض المتوسط التي تتوقع ارتفاع نسبة السكان في سن العمل (15-64) فيما يُعرف بالهبة السكانية من62.1% عام 2022 إلى 66.6% عام 2032، ثم من المتوقع حدوث انخفاض بسيط لتصل هذه النسبة إلى 66.5% عام 2052، ثم إلى 65.3% عام 2072، ومن المتوقع أيضا أن ترتفع نسبة كبار السن 65 سنه فأكثر بما يفوق ثلاث مرات من 5% عام 2022 إلى 18% عام 2072 طبقًا للفرض المتوسط.
من جانبها، أكدت رئيس محور شؤون المكتب الفني لرئاسة مركز معلومات مجلس الوزراء رئيس اللجنة العلمية الاستشارية للمركز، الدكتورة هبة عبد المنعم، اهتمام المركز بمتابعة تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية والترويج للجهود الحكومية المبذولة في هذا الإطار، لافتةً إلى قيام المركز - تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية - بحصر نحو 90 إستراتيجية خلال الفترة من أكتوبر 2023 وحتى مايو 2024، والتواصل مع 61 جهة إما للحصول على الوثائق الرسمية للاستراتيجيات، أو استكمال عناصر المتابعة والتقييم في سياق اهتمام المركز بتطوير المنظومة القومية لمتابعة الاستراتيجيات الوطنية، علاوةً على الحصول على 52 وثيقة رسمية للاستراتيجيات الوطنية وتوفيرها لبدء تفعيل العمل عليها، إضافةً إلى اعتماد 53 نقطة اتصال للتنسيق مع الجهات المعنية فيما يتعلق بموقف الاستراتيجية الصادرة عن جهاتهم، والعناصر المطلوب استيفاءها لتفعيل منظومة المتابعة والتقييم.
وخلال الجلسة الأولى من فعاليات الورشة، التي جاءت بعنوان "عرض الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030"، قامت مدير عام البحوث والاتفاقيات الأجنبية بالمجلس القومي للسكان، الدكتورة هالة عزام، باستعراض الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023-2030)، مشيرةً إلى أنه تم إعداد الاستراتيجية استنادًا إلى نتائج المسح الصحي 2021، ونتائج تقييم الخطة التنفيذية (2015-2020)، والمبادرات الرئاسية والمبادرات القومية الحالية، وجهود الدولة المصرية في تنفيذ السياسات السكانية، لا سيما المبادرات الرئاسية والقومية، ومشروع تنمية الأسرة المصرية، كما ألقت الضوء على جهود الدولة المصرية في تنفيذ السياسات السكانية، ووضع التعليم في مصر ودوره في حل القضية السكانية.
وفيما يخص مدى إمكانية تشريع قوانين صارمة لتنظيم الزيادة السكانية في مصر اقتداءً بتجارب بعض الدول، سلط رئيس لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ، الدكتور على مهران، الضوء على تجارب الدول التي لجأت إلى القوانين لتحديد عدد الأطفال بكل أسرة، منها على سبيل المثال فيتنام وسنغافورة والصين، مشيرًا إلى أن الكثير من الدول لجأت إلى اتباع سياسات سكانية للسيطرة على المشكلة السكانية والتحول الديموجرافي وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية خلال متوسط زمني يقدر بثلاثة عقود.
كما تحدث مستشار وزير الصحة والسكان لشؤون السكان وتنمية الأسرة، الدكتور عمرو حسن، عن التحركات المستقبلية لكيفية التعامل مع القضية السكانية في مصر، وكيفية تنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة بالدولة في ضوء تحديث الاستراتيجية، مشددًا على أهمية عمليات الحوكمة والمتابعة والتقييم والشفافية في التعامل مع ملف السكان والتنمية نظراً لأهميته، بجانب أهمية دور التعليم والإعلام والخطاب الديني وضرورة تقديم حوافز إيجابية للتوعية بخطورة الزيادة السكانية.
وأكد أن القضية السكانية هي قضية مهمة وجوهرية ومسئولية مشتركة للجميع ولا بد من التعامل معها في إطار مؤسسي واضح، مضيفا أن مصر يمكنها النزول من معدل إحلال حالي يبلغ 2.85% إلى معدل إحلال يبلغ 2.1% إذا استطاعت التغلب على مشكلة الحمل غير المرغوب فيه، وهو ما يحدث مع نحو 20% من سيدات مصر، مما يتطلب ضبط عملية تنظيم الأسرة، والتحسين المستمر لهذه الخدمة، وخطابا دينيا وتوعية إعلامية لمواجهة الحمل غير المرغوب فيه.
وأدارت الجلسة الثانية، التي جاءت بعنوان "الخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023 - 2030): مسار نحو مستقبل أفضل"، مدير عام التخطيط بالمجلس القومي للسكان الدكتورة سحر يوسف، واستعرضت خلالها الخطة التنفيذية الوطنية للسكان والتنمية (2024 -2025)، موضحةً أن الخطة التنفيذية تعتبر خارطة طريق مفصلة وشاملة تحدد الإجراءات والموارد والجداول الزمنية المحددة لتحقيق الأهداف المخططة، حيث تقدم الخطة وصفًا واضحًا وموجزًا حول تحويل الأهداف الإستراتيجية إلى إجراءات تنفيذية مما يضمن تنسيق جميع الأنشطة لتحقيق الأهداف المرجوة بنجاح.
ولفتت إلى أن الخطة التنفيذية تتضمن تفاصيل حول الموارد المطلوبة، بما في ذلك الأفراد والمعدات والموارد المالية، بالإضافة إلى خطوات عمل محددة وجداول زمنية لكل نشاط، كما أنها تحدد العقبات أو المخاطر المحتملة التي قد تنشأ أثناء عملية التنفيذ، وتقدم خطط طوارئ لمواجهة هذه التحديات.
من جانب آخر، استعرض رئيس قطاع تنظيم الأسرة بوزارة الصحة والسكان، الدكتورحسام عباس، جهود وزارة الصحة في دعم بناء قدرات ومهارات مقدمي الخدمات الطبية، لتحسين خدمات تنظيم الأسرة وتقديم خدمات المشورة للنساء، وتنفيذ الحملات التوعوية حول تنظيم الأسرة في مصر، مستعرضًا عددًا من المؤشرات والنتائج حول الوضع السكاني في جمهورية مصر العربية.
وأوضح أن وزارة الصحة والسكان تهدف بشكل أساسي إلى زيادة توافر وإمكانية الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، من خلال توفير خدمات ووسائل تنظيم الأسرة في وحدات الرعاية الأساسية، والتغطية الجغرافية للمناطق المحرومة والمناطق الأعلى في معدلات الحاجة غير الملباة، والتوسع في تقديم خدمات تنظيم الأسرة ما بعد الولادة والإجهاض، وتستهدف الوزارة كذلك تحسين جودة خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، من خلال رفع مهارات مقدمي الخدمة على تقديم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، وميكنة نظم المعلومات من الوحدة الصحية حتى المستوى المركزي، ونشر المعرفة وتنمية الوعي المجتمعي بتنظيم الأسرة.
وفي سياق متصل، تحدث وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في الورشة، الدكتور أكرم حسن، عن دور التعليم في مواجهة التحديات السكانية في مصر، في ضوء الاستراتيجية الوطنية (2023 -2030)، مستعرضًا جهود الوزارة تجاه قضية السكان والتنمية باعتبارها قضية جوهرية، مؤكدا ضرورة التعامل معها ودمجها في المناهج والمقررات الدراسية للتوعية بخطورتها.
وأوضح أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني كانت في السابق تعمل على تضمين القضية السكانية في إحدى المواد الدراسية، لكن في الوقت الحالي تولي الوزارة هذه القضية اهتماما كبيرا؛ لذا تعمل على توعية الطلاب بها في جميع المقررات الدراسية أثناء مراحل التعليم الأساسي المختلفة، وذلك بالتعاون مع عدد من الخبراء في هذا المجال.
وفي هذا الصدد، أكد المستشار بالهيئة الوطنية للإعلام، الدكتورعصام عزوز، على ضرورة تضافر مختلف الجهود للحد من الزيادة السكانية.
وحذر أن القضية السكانية هي أهم تحدي يعيق جهود الدولة في التنمية، مبرزا جهود الهيئة الوطنية للإعلام في التوعية الإعلامية حول القضية السكانية وسُبل التعاون المستقبلي لدعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية من أجل ضبط النمو السكاني ومحاربة التداعيات السلبية للزيادة السكانية للارتقاء بجودة حياة الأسرة وتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد البشرية.
وحثَّ على تطبيق اللامركزية في إدارة البرامج السكانية بما يزيد من فاعلية وكفاءة المشروعات وضمان مراعاتها للخصوصية الثقافية للمجتمع المحلي، والعمل على مقاومة السلوكيات المجتمعية الخاطئة المتوارثة عبر الأجيال ودعم السلوكيات الإيجابية.
فيما أكدت عضو المجلس القومي للمرأة، الدكتورة نسرين البغدادي، أهمية دور المرأة المصرية في هذه القضية؛ كونها شريكة فاعلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023 - 2030)، مستعرضةً فرص التمكين والتحديات وآليات التغلب عليها.
وأوضحت أهمية دمج كبار السن داخل الأسرة المصرية، مؤكدة على دور الدراما المصرية في مناقشة قضايا السكان ورفع وعي المواطنين بأهمية القضية السكانية.