الخميس 20 يونيو 2024

قصص دار الهلال النادرة | «الدرس المفيد» لـ عادل شريف ضمن سلسلة إفريقيا الشعبية

الدرس المفيد

كنوزنا15-5-2024 | 16:13

بيمن خليل

يزخر أرشيف مؤسسة دار الهلال منذ تأسيسها عام 1892م، بالعديد من القصص النادرة، والكنوز الأدبية، المكتوبة على أيدي كتاب بارزين، وبعد مرور عقود، قررت "بوابة دار الهلال"، إعادة نشر هذه التحف القصصية النادرة من جديد، والتجول في عوالم سردية مختلفة ومتنوعة، من خلال رحلة استكشافية في أرشيف دار الهلال العريق.

في مايو 1969، نشرت مجلة الهلال ثلاث قصص ضمن سلسلة "قصص أفريقيا الشعبية"، من تأليف الكاتب عادل شريف، وسوف نستعرض اليوم القصة الثالثة والأخيرة من هذه السلسلة، بعنوان " الدرس المفيد".

تدور القصة حول مجموعة صيادين، قرروا الذهاب إلى بلد آخر، لشراء كلب صيد ممتاز، إلا أن زوجة أحدهم أهانت الكلب، مما اضطره لأن يهرب ويعود مجددا إلى بلاده مستاءً من سوء المعاملة.

نص القصة

في يوم من الأيام قال رجل لأصدقاله "فلنذهب إلى الغابة للصيد وفي الغابة تمكنوا من اصطياد خنزير بري، وهناك قال أحدهم: "أيها الأصدقاء.. عندي فكرة طالما أننا نصطاد حيوانات متوحشة.. فعلينا أن نذهب إلى بلاد "توا"، حيث يربون كلاب الصيد الممتازة المدربة خير تدريب.. ولنحضر إحداها معنا عبر النهر إلى بلادنا.. ما رأيكم !".

ووافقوا على رأيه وذهبوا إلى بلاد "توا"، واشتروا كلبا من كلاب الصيد.. وقبل أن يعودوا قال لهم صاحب الكلب "عندما تطعمون هذا الكلب الذي ستشترونه فلا تقدموا له الطعام على الأرض بل قدموه له في سلة صغيرة.. ولا تضعوا له حساءه في وعاء مكسور، فمن الأصول.. ومن اللائق أن تقدموا له حساءه في جرة من أحسن الأنواع".

وعبر الصيادون مع كلبهم الجديد النهر في طريقهم إلى بلادهم، وعندما اخترقوا الغابة كان أول ما فعله الكلب هو أن اصطاد لهم خنزيرا بريا.. وبعد قليل.. اصطاد لهم فيلا، وقال الصيادون حسنا فعل هذا الكلب.. وعلينا الآن أن نسير اثنين اثنين.. حتى تستطيع أن نحمل الأنياب.

وبعد قليل بلغوا قريتهم.. وقال مالك الكلب الجديد لزوجته.. أنصتي إلى ما سوف أقوله يا زوجتي.. هذا الكلب الذي أحضرته معي لا يأكل من جرة مكسورة ولا ترضيه المرقة الخفيفة، عليكِ أن تقدمي له طعاما دسمًا في سلة صغيرة بلا غطاء.. وأجابته زوجته "حسنا".

وذهب الرجال ليحتسوا الجعة في الحان وخلفوا النسوة وراءهم، هل تعرف ماذا فعلت النساء بالكلب، لقد صنعن عصيدة بلا ملح وقدموها للكلب على قطعة من أنية مكسورة .

وهنا قال الكلب "ما هذا"، إنهم يقدمون الطعام لي اليوم على شقفة من جرة محطمة! لي أنا! أنا الذي أقتل الفيلة.. حسنا، سأعود اليوم وإلى الأبد.. إلى قريتي الأصلية وبدون أن يزيد حرفا جرى إلى الطريق .

وتساءلت النسوة "ترى إلى أين يذهب ذلك الكلب الغريب وجرت زوجة الصياد خلف الكلب وصاحت به "يا شاكر الفضل.. عد"، ولكن شاكر زاد من سرعته، فصاحت به المرأة ثانية "عد يا.. شاكر.. وكن من الشاكرين".

وبعيدا.. بعيدا.. بدأ شاكر یغني: لما كنت شاكرا.. فإنني سأعود.. سأعود إلى وطني.. من الواجب عليّ أن أعود إلى موطني..

الكورس: لما كنت شاكرا.. فإنني سأعود.. سأعود..

الكلب: سأعود إلى النهر.. حيث تغتسل الزهور البيضاء.

الكورس: لما كنت شاكرا.. فإنني سأعود.. سأعود..

الكلب: سأعود إلى النهر.. حيث توجد الأمواج العالية.

الكورس: لما كنت شاكرا.. فإنني سأعود.. سأعود..

الكلب: لما كنت شاكرا..

وقالت المرأة.. لا.. لا يا أخي شاكر.. عد ثانية "إلينا"، ولكن شاكر أسرع في جريه وهو يقول: لن أتوقف من جريي إلا عندما أصل إلى موطني.

وهناك فقط سأتوقف عن ركضي.. لقد أسأتم معاملتي.. فمن العار عليكم أن تقدموا لي طعامي فوق كسرة جرة.. وأنا الذي أصطاد.. الفيلة من أجكلكم، وحث الكلب خطاء وهو يغني.. لما كنت شاكرا.. فإنني سأعود.. أعود إلى بلدي.. وعندما وصل إلى شاطئ النهر وقف تحت ظل شجرة ليسترد أنفاسه اللاهثة.

وفي تلك الأثناء عاد الزوج إلى بيته وسأل عن زوجته.. فقالوا له.. لقد ذهبت وراء الكلب.. فقد قدمت له طعامه على بقية من حطام جرة.. فقال الزوج حسنا لكم.. أرجو ألا ألقاها حتى لا أنزل بها أشد العقاب.. وعندما سمع وقع خطاها التقط رمحه وجرى إلى خارج کوخه.

وبعد أن استراح الكلب واصل جريه بمحاذاة شاطئ النهر، وعندما رأی قريته الأصلية على الشاطئ الآخر من النهر ألقى بنفسه إلى الماء وهو يغني لما كنت من الشاكرين.. فإنني سأعود.. أعود إلى بلدي، وعلى شاطئه الحبيب الآن حيث يلقى الحب والتقدير بدأ يفذ خطاه ليصل إلى أكواخ قريته وصاح أهل بلدته عندما رأوه "لقد عاد الكلب ثانية"، وبعد قليل وصل الصياد الذي كان قد اشتراه وقال: إنني أرید کلبي، وبدأ يضرب زوجته.

وأخذ أهل "توا" يخلصون زوجته من بين يديه وهم يقولون له "كف عن ضربها.. سنعطيك كلبا آخر" إنها غلطتكم أنتم، فلابد وأنكم قدمتم له طعاما على جزء من جرة مكسورة، إن كلابنا لا تأكل من حطام الجرار، إننا نقدم لها طعاما في سلال نظيفة.

ونجحوا في النهاية في وقف الشجار، وقال أحدهم "اعطوهم كلبا آخر.. وهنا عفا الزوج عن زوجته وعاد إلى موطنهما ومعهما كلب آخر.. ووعدا باحترام العهد.. وبحب الإنسان للحيوان.