الثلاثاء 18 يونيو 2024

القوة الناعمة للصين في مصر (6)

مقالات22-5-2024 | 11:25

في هذا المقال نستعرض الجزء السادس والأخير من نتائج رسالة دكتوراه الباحثة هبة صادق عبده عبد المجيد الحلو المعنونة: "اتصالات القوة الناعمة الصينية في مصر ودورها في تعزيز قدرتها التنافسية"، والتي ناقشتها مؤخرًا بكلية الإعلام جامعة القاهرة.

مراعاة الأنشطة الاتصالية الصينية لأبعاد الثقافة الوطنية المصرية

وحددت الدراسة مدى مراعاة الصين لأبعاد الثقافة الوطنية في برامج القوة الناعمة، وجاءت النتائج كالتالي:

تراعي الثقافة الوطنية: جاء مراعاة أبعاد الثقافة الوطنية بنسبة (46.44%) لمجلة الصين اليوم، ونسبة (18.6%) للمركز الثقافي الصيني، ونسبة (37.28%) للسفارة الصينية.

 وتشير النتائج السابقة إلى ارتفاع نسبة مراعاة الثقافة الوطنية في الرسالة الاتصالية الموجهة للجمهور المصري، حيث جاء المركز الثقافي الصيني بنسبة (100%).

 وقد لاحظت الباحثة أثناء فترة التحليل حرص المسئولين عن صفحة المركز الثقافي الصيني على مراعاة العادات والتقاليد المصرية في التعامل والردود على الجمهور المصري، والحرص على تقديم التهنئة والتعازي في جميع المناسبات والأعياد المصرية، حتى في خلال شهر رمضان يشيرون دائمًا إلى أن معظم الفعاليات ستنعقد بعد الإفطار.

 وبالنسبة للمطبخ الصيني في مصر حرصوا على تقديم المطبخ الصيني بنكهة مصرية، ومن الأشياء الجميلة التي تعبر عن الاهتمام بالثقافة المصرية قيام الوزير المفوض مدير المركز الصيني بالقاهرة "شي يوه ون" بتأليف أغنية باللغة العربية أسماها "في حب مصر".

لا تراعي الثقافة الوطنية: جاءت لا تراعي الثقافة الوطنية بنسبة (5.07%) لمجلة الصين اليوم، ونسبة (2.61%) للسفارة الصينية، وهي نسبة ضئيلة جدًا بالمقارنة بمراعاة الثقافة الوطنية المصرية.

واتفق مجموعة من الخبراء المهتمين بالشئون الصينية في مصر مع نتيجة الجدول السابق، حيث  يرى الدكتورهشام عزمي أمين  المجلس الأعلى للثقافة "أن الأنشطة الثقافية والإعلامية الصينية في مصر تجذب اهتمام المصريين بشكل كبير، وتعمق التفاهم والصداقة المتبادلة بين الشعب المصري والشعب الصيني.

 ويضيف الأستاذ عماد الأزرق أن "المطبخ الصيني من أحد أدوات القوة الناعمة الصينية، حيث لجأت الصين لحيلة ذكية، حيث تعطي المطبخ الصيني طعم ونكهة المنطقة الموجود فيها حسب كل بلد وثقافتها، وأضاف أن الصين أصبحت تروج بشكل كبير إلى أسلوب الحياة فيها وثقافتها وعروض أزيائها، لدرجة أنها صممت فوانيس رمضان بأشكال وتصميمات صينية لنشر ثقافتها".

ويرى الدكتور ناصر عبد الفتاح أستاذ اللغة الصينية بكلية الألسن جامعة عين شمس" أن برامج القوة الناعمة الصينية أثرت بشكل ملحوظ في المجتمع المصري، فهناك زيادة كبيرة في معدل تعلم اللغة الصينية في مصر، وهناك اهتمام كبير بين المجتمع المصري بالصين كدولة وإعجاب بها كنموذج دولي صاعد، وهناك زيادة في متابعة وسائل الإعلام الصينية من قبل الجمهور المصري، بالإضافة إلى المطبخ الصيني والطب الصيني والأزياء والسينما والدراما الصينية"". ويجادل الدكتور يحيى مختار في هذا المحور "بأنه ليس هناك آلية لمراعاة الأنشطة الاتصالية للقوة الناعمة الصينية للأبعاد الثقافة الوطنية في مصر، فهي في أغلبها صادرة من الصين، ويتم تفعليها وفقًا لرؤية الحكومة الصينية، ويعتقد أنه على الصين أن تبذل الكثير من الجهد في هذا الخصوص".

ويرى الدكتور محمد أبو بكر "أن السياسة الخارجية للصين قائمة على مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وتحقيق الفوز المشترك، كما أن الصين حريصة على إقامة علاقات طيبة ومستدامة مع شعوب الدول الأخرى، واحترام الثقافات والعادات والتقاليد للدول، فالصين يوجد عندها 56 قومية مختلفة يعيشون في سلام ووئام. ويضيف بأن الصين تنظر للحضارة المصرية بنظرة احترام وتقدير وتعتبرها من أقدم وأهم الحضارات في العالم". 

 ويضيف الدكتور الصاوي الصاوي أحمد"أنه منذ أن وقعت مصر والصين وثيقة العلاقات الدبلوماسية في عام 1956 تشهد العلاقات المصرية الصينية تطورًا في كافة المجالات، كما تميزت هذه العلاقات على مدى أربعة وستين عامًا بعلاقات وتبادلات .

ثقافية متميزة بين الشعبين، والتي انطلقت من السمات الحضارية المشتركة بين الشعبين، وتعد العلاقات الثقافية المحرك الرئيسي للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، لما تحمل من ميراث ثقافي مشترك، يتسم بالسعي نحو ثقافة السلام والمنفعة المتبادلة والدعوة إلى ديمقراطية العلاقات واحترام ثقافة الآخر، وهناك الكثير من الآمال التي يتمناها المواطن المصري والصيني في مستقبل العلاقات الثقافية والاجتماعية.

وهناك رغبة من شباب ومواطني الصين ومصر في معرفة كل شيء عن ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع الآخر، خاصةً في ظل خطة الصين في الانفتاح على الآخر، ومبادرة الحزام والطريق التي تحتاج إلى معرفة كل طرف المزيد من ثقافة الآخر في تنفيذ المشروعات التجارية والصناعية المشتركة، خاصةً في ظل التطورات العالمية الحالية، وهذا لا يتحقق إلا من خلال معرفة كل طرف لثقافة الآخر، والذي يعد عصب العلاقات بين الدول الصديقة".

وترى الباحثة:

أن النمو الاقتصادي للصين أدى إلى اجتذاب الاهتمام بلغتها وثقافتها وعلاماتها وهويتها التجارية، وعزز من قدرتها التنافسية في العالم عامةً، وفي مصر على وجه الخصوص.

قام المركز الثقافي الصيني بالقاهرة بدور كبير وملحوظ في التواصل الفعال مع الجمهور المصري، من خلال حرصه على مراعاة الثقافة الوطنية والعادات والتقاليد المصرية، من خلال العديد من الفعاليات والمسابقات، والحرص على تهنئة الشعب المصري في جميع أعياده ومناسباته.

 ولاحظت الباحثة عند زيارة المركز الثقافي الصيني بالجيزة إتقان المسئولين بالمركز اللغة العربية، وحرصهم على التواصل مع الزائرين باللغة العربية، وهذا يدل على حرصهم على التقارب مع الجمهور المصري.تلعب وسائل الإعلام الصينية دورًا مهمًا للغاية في نشر الثقافة والقيم الصينية، وتستعين الصين في قنواتها وإذاعاتها وصحفها بكوادر مصرية.

ولاحظت الباحثة أيضًا أن من المذيعات في هذه القنوات مذيعات محجبات، وهذا يدل على حرص الصين أيضًا على مراعاة الثقافة الوطنية والعربية في تعاملها مع الجمهور المصري.حرصت الصين على استخدام التعليم كأداة مهمة من أدوات القوة الناعمة، وكناقل للثقافة والقيم الصينية، فاهتمت بزيادة معاهد وفصول كونفوشيوس في مصر والعالم، كذلك الزيادة في أعداد الطلاب المصريين الذين يدرسون في الصين، والتبادلات الطلابية بين الجامعات الصينية والأزهر الشريف، وهذا يدل على قوة دور التعليم في القوة الناعمة الصينية.

أدى تبادل الزيارات بين نواب من الشعب المصري والأحزاب وجمعيات المجتمع المدني المصرية بمثيلاتها في الصين، إلى دعم دور المجتمع المدني في التواصل بين الشعوب وتقريب وجهات النظر وتقليل الاختلافات، والسعي إلى قبول الآخر، ويعتبر ذلك من موارد القوة الناعمة المهمة للدولة.

وتعتبر السياحة من موارد القوة الناعمة المهمة للدولة، ووفقًا لإدارة السياحة الوطنية في الصين، فإن الصين تعتبر رابع أكبر مصدر للسياحة في مصر منذ مطلع 2017، وهو ما تراه الباحثة ليس بالكافي، حيث تتمنى أن تصبح الصين المصدر رقم (1) للسياحة في مصر.