الثلاثاء 18 يونيو 2024

قصة "الحرباء" لتشيخوف.. كيف تتحكم المكانة الاجتماعية في سلوكياتنا؟

الكاتب انطون تشيخوف

ثقافة24-5-2024 | 01:41

إسلام علي

اشتهرت قصة "الحرباء"، وهي قصة قصيرة للكاتب "أنطوان تشيخوف"، ينتقد فيها الكاتب الروسي  المجتمع الروسي، في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي، حيث انتشرت الأفكار البيروقراطية، التي تقسم المجتمع إلى عدة طبقات، بدءا من مرتبة دنيا، وصولا إلى مراتب عليا للسياسيين والجنرالات.

وعرض " تشيخوف"  في تلك القصة المجتمع الروسي على حقيقته في تلك الحقبة التي كان يتعامل بها الشخص طبقا لمستواه الاجتماعي، لا غير، فتبدأ هذه القصة القصيرة، في إحدى المدن الروسية الصغيرة، حيث كان يسير شرطي  يدعى " أتشوميلوف"، وهو ذو مرتبة دنيا، ومع زميل له يسير خلفة يدعى " يلديرين"، وأثناء سيرهما في الشارع، لاحظا عامل ذو ملابس تدل على تدنى مرتبته يصيح في علو الصوت، ويسمك بجرو صغير، ويتحدث أمام العامة من الناس بعد أن تجمعوا حوله أنه تعرض للعض من قبل هذا الكلب.

وذهب الشرطي مسرعا إلى هذا الشخص الذي كان يعمل كصائغ، ويدعى " خريوكني"، وتحدث مع الشرطي، على أنه ذو مرتبة دنيا ويعمل على يديه كعامه الناس، وأن ما فعله هذا الكلب في حقه سوف يجعله يرقد في بيته اسبوعا، فينبغي أن يدفعوا له تعويضا عن ذلك، ونتيجة لذلك، تحدث "أشوميلوف"، عن أن هذا الحدث لن يمر مرور الكرام، بل يجب أن يقوموا بكتابة محضر لهذه الواقعة.

ونادى في الناس من حوله من هو صاحب هذا الجرو، وقالوا له أنه الجنرال "أتشوميلوف"، وبعد أن سمع ذلك هذا الشرطي ذو المرتبة الدنيا، قال لمساعده انزع عني هذا المعطف، ما هذا الحر المفاجيء، يبدو أنها ستمطر، وأنقلب فجأة الشرطي "أتشوميلوف"، الذي كان للتو مناصرا للصائغ الذي تعرض للعض، وقال له كيف لهذا الجرو الصغير المسكين أن يعض رجل طويل مثلك كيف وصل إلى أصبعك من الأساس.

وعلى هذا المنوال، أتهم الشرطي، الصائغ بأنه هو الذي أثار الكلب نحوه وجعله يعضه من أصبعه، وذلك بسبب لسعه للكلب لكي يضحك عليه وسط العامة، وبعدها قال أحدهم أنه لم يكن كلب الجنرال، ورد "أتشوميلوف"، أنك على حق فكيف للجنرالات أن يمتلكوا هذا النوع من الكلاب، وأسرد الشرطي: ينبغي أن نؤدب من يقتني هذه الكلاب الضالة وأن نعاقبهم بالقانون.

بعد مدة من الوقت، قال أحدهم لا أنه كلب الجنرال، فانقلب للمرة الثانية الشرطي "اتشوميلوف"، وقال لمساعده أعطني المعطف لقد شعرت بالبرد فجأة، وفي النهاية، جاء طباخ الجنرال ويدعى "برخور"، ورد الشرطي، بأنه لا داعي في الأصل للسؤال لأنه كلب ضال، ولكن أكمل "برخور" حديثه، بأن هذا الكلب هو كلب شقيق الجنرال.

تغير بعدها تماما سلوك الشرطي، وقال لطباخ الجنرال، بأبتسامة كبيرة، هل حقا وصل إلينا شقيق الجنرال؟، هل جاء للزيارة، وجعل الطباخ يأخذ الكلب ويرجع به إلى شقيق الجنرال مرة أخرى، وألتفت الشرطي للصائغ وقال له سوف اتفرغ لك بعد ذلك، وذهب الشرطي بعد ذلك.

وتظهر لنا هذه الحكاية، أن تقسيم المجتمعات إلى عدة أقسام يكون دائما عائقا أمام العدالة، وهذا أتضح من خوف الشرطي ذو المرتبة الدنيا من أصحاب السلطة والمال وهما الجنرال وشقيقه، فضلا عن تركيز أتشوميلوف على إظهار سلطته، بدلا من حل المشكلة بشكل عادل.

وجسدت هذه التصرفات سلوكيات العديد من الموظفين في مختلف المجالات، الذين يهتمون أكثر بالقوانين والإجراءات الروتينية، بدلا من مساعدة الناس وحل مشاكلهم.