يذخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامهم وإخلاصهم وموهبتهم وإبداعهم في مسيرة المسرح المصري والعربي، وأسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار ولنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
ونلتقي اليوم، مع واحد من أضواء ثلاثي أضواء المسرح الفنان القدير جورج سيدهم
الميلاد والنشأة
ولد جورج سيدهم، في 28 مايو عام 1938 بمدينة «جرجا» بمحافظة «سوهاج»، وبعد حصوله على الشهادة الإعدادية ترك مع أسرته مدينة «جرجا» مسقط رأسه وانتقل للحياة بالقاهرة.
بداية الرحلة
بدأ « جورج» رحلته مع الفن بالتمثيل مرحلة الدراسة الثانوية حيث كان يقوم بتقليد العديد من الشخصيات، ثم أصبح رئيسا لفرقة التمثيل بالمدرسة،و حصل على درجة البكالوريسو بكلية الزراعة جامعة عين شمس عام 1961، وترأس فرقة المسرح بكلية الزراعة، وتعرف عليه الجمهور لأول مرة خلال تلك الفترة عندما قام بتقديم فقرة صامتة بعنوان «دش بارد» في برنامج «تسالي» للتليفزيون.
تعارف وتكوين لـ .. «ثلاثي أضواء المسرح».
تعرف « جورج» على الضيف أحمد من كلية الآداب بجامعة القاهرة، وسمير غانم من كلية زراعة الإسكندرية، من خلال لقاءات الفرق المسرحية والمنتخبات الفنية الجامعية، وقاموا معًا بتكوين فرقة «ثلاثي أضواء المسرح»،التي اشتهرت في منتصف ستينيات القرن الماضي بالسينما، والمسرح، والتليفزيون، وخاصة بعدما احتضنهما المخرج الكبير محمد سالم، وينتقل بهم من مرحلة الاسكتشات إلى مرحلة أكثر تطورًا فشاركوا معا خلال هذه الفترة في بطولة عدد كبير من الأفلام والمسرحيات، والعديد من الأفلام السينمائية بدءا من عام 1963، ثم تم تكوين فرقة «ثلاثي أضواء المسرح» المسرحية عام 1967، لتتحقق لهم بعد ذلك ىشهرة وانتشارا كبيرا وقدموا فوازير تليفزيونية بشهر «رمضان» لأول مرة من إخراج محمد سالم في الفترة 1967 إلى 1970.
رحلة فرقة «ثلاثي أضواء المسرح»
قام جورج سيدهم بتأسيس الفرقة عام 1967 لتجمعه مع الضيف أحمد وسمير غانم، الذين تألقوا في البداية بالمسرح الجامعي، ثم انطلقوا إلى عالم الاحتراف بتقديم بعض الاسكتشات والفقرات الفنية بالحفلات العامة والتليفزيون، وذاعت شهرتهم بدءا من عام 1962 ونجحوا بعد ذلك في المشاركة ببعض الأفلام السينمائية وأيضا تقديم فوازير شهر «رمضان» بالتلفزيون.
واستطاع الفنانين الثلاثة بتعاونهم وبخبراتهم أن يجعلوا فرقتهم «ثلاثي أضواء المسرح» من أشهر وأنجح الفرق المسرحية خلال النصف الثاني من القرن العشرين
وبدأت الفرقة عروضها على خشبة «الهوسابير» الذي ظل لسنوات طويلة مرتبطا بها، وكان العرض الأول يمثل سهرة منوعات بعنوان «حواديت وبراغيت» من إخراج محمد سالم، وتوالت العروض ومنها: طبيخ الملايكة، «الراجل اللي جوز مراته» ، وهي المسرحية التي قام بإخراجها الضيف أحمد ولم يشارك في بطولتها حيث توفي فجأة قبل افتتاحها.
واستكمل الثنائي جورج وسمير المسيرة ، والعمل معا، بعد وفاة الفنان الضيف لسنوات فقدما سويا: «فندق الأشغال الشاقة»، «موسيقى في الحي الشرقي»، «جوليو وروميت»، «المتزوجون»، «أهلا يا دكتور»، وهي آخر مسرحية شارك في بطولتها سمير غانم الذي انفصل عن الفرقة لينفرد بالبطولات بعدة فرق أخرى،وقام «جورج» بعد ذلك بتقديم ثلاث مسرحيات فقط باسم الفرقة وهي: «لو أنت قط أنا فار»، «حب في التخشيبة»، «نشنت ياناصح»
جورج سيدهم .. المبدع رسول البهجة والضحك
اتسم «جورج» بخفة الظل وتقديم الشخصيات الكوميدية ، وامتلاك موهبة الارتجال وتحقيق التواصل مع الجمهور، والتلقائية و بساطة الأداء وتجنب الأداء الكلاسيكي، وكان يتمتع بالأذن الموسيقية والقدرة على الغناء وتقديم الاسكتشات الكوميدية، واتسم باللياقة الجسدية وخفة الحركة،
وكان «جورج» يحرص على تقديم الكوميديا الراقية منها الاجتماعية الموسيقية الاستعراضية والكوميديا السوداء، لتناسب مع جميع أفراد الأسرة.
التنكر المتفرد
وتميز «جورج» في إطار في التنكر وخاصة في أداء أدوار النساء، ومهارته في تجسيد المرأة بمختلف مستوياتها الاجتماعية سواء بالطبقات الشعبية أوالأرستقراطية، و بذكائه في التقاط بعض التفاصيل الدقيقة والمضحكة في تصرفاتهن.
وتمثل نرصد المشاركات الفنية لجورج سيدهم فيما يلي:
شارك جورج سيدهم في بطولة عدد كبير من المسرحيات المتميزة، مع الفرق المسرحية فيما يلي:
فرق «مسارح الدولة»
- »المسرح الحديث»: المصيدة (1963).، وفي المسرح العسكري» (العروبة): الأستاذ كالون (1964).»مسرح الحكيم»: الراجل اللي ضحك على الأبالسة ،1966.
فرقة «ثلاثي أضواء المسرح»
- الستينيات القرن الماضي «حواديت»، «أبناؤنا في الخارج» »زفة العروسة»، «براغيت» (1967)، »حدث في عزبة الورد» (1968)، »أحدث زوجة في العالم»، «طبيخ الملايكة، «كل واحد وله عفريت» (1969)،
- السبعينيات»الراجل اللي جوز مراته»، »أنت اللي قتلت عليوة، »آخر موضة» (1970)، »فندق الأشغال الشاقة» (1971)، »موسيقى في الحي الشرقي» (1972)، »جوليو وروميت (1973)، فندق الثلاث ورقات» (1974)، »من أجل حفنة نساء» (1975)، »المتزوجون» (1976).
- الثمانينيات ..»أهلا يا دكتور» (1980)، »لو أنت فار أنا قطة» (1985)، »حب في التخشيبة» (1992)، »نشنت يا ناصح (1995)
المسرحيات المصورة
وشارك في بطولة بعض المسرحيات التي أنتجت للتصوير والعرض التليفزيوني، وتتمثل فيما يلي:
»ضيوف فوق العادة»، مين فينا الغبي»، الراجل يخاف من خياله»، »أزواج بلا ماضي» (1975)، »في انتظار جودة»، »غرفة للإيجار»، »منطقة ممنوعة» (1977)، »درويش يتألق فرحا » (1983)، »جواز مع الاشتراك في الأرباح»، »كلام خواجات» (1984)، »ثمانية على الهوا» (1985)
وتعاون من خلال مشاركاته المسرحية مع نخبة من المخرجين منهم محمد سالم، عبد المنعم مدبولي، نور الدمرداش، محمود السباع، جلال الشرقاوي، حسن عبد السلام، نجيب سرور، أحمد حلمي، الضيف أحمد، عوض محمد عوض، شاكر عبد اللطيف، محمد فاضل، شاكر خضير، عصام السيد، سمير سيف.
أعماله السينمائية
تنوعت أدوار جورج سيدهم السينمائية وكانت بدايته ا بفيلم «منتهى الفرح» عام 1963، و آخر أفلامه عام 1995، وهو فيلم «الجراج» وصل رصيده السينمائي خلال أكثر من 30 إلى 60 فيلما، وتتمثل فيما يلي:
- الستينيات القرن الماضي.. أفلام: «منتهى الفرح»، «القاهرة في الليل» 1963، «آخر شقاوة »، بنت الحتة 1964، «الشقيقان»، «آخر جنان»، «ذكريات التلمذة»، «المشاغبون» (1965)، «30 يوم في السجن»، «خان الخليلي»، «رحلة السعادة، «جناب السفير» (1966)، «أخطر رجل في العالم»، «شباب مجنون جدا»، «معبودة الجماهير»، «إضراب الشحاتين»، «بنت شقية»، «معسكر البنات»، «كرامة زوجتي»، «العريس الثاني»، «شاطئ المرح»، «شنطة حمزة»، «نورا» (1967)، «أشجع رجل في العالم»، «ثلاث نساء- القصة الثانية»، «الزواج على الطريقة الحديثة»، «أنا الدكتور»، «حلوة وشقية، «أفراح» (1968)، «العميل 77»، «نشال رغم أنفه»، «غرام تلميذة»، «الحرامي» (1969)، «لسنا ملائكة»، «طبول»، «واحد في المليون»، «المجانين الثلاثة».
- السبعينيات.. أفلام: «فرقة المرح» (1970)، «أضواء المدينة» (1972)، «البحث عن فضيحة»، «امرأة سيئة السمعة»، «مدرسة المشاغبين» (1973)، «قاع المدينة» (1974)، «بديعة مصابني»، «ممنوع في ليلة الدخلة » (1975) ، «عالم عيال عيال»، «نبتدي منين الحكاية»، «ما بعد الحب»، «حب على شاطئ ميامي» (1976)، «أونكل زيزو حبيبي » (1977)، «قصر في الهواء»، «البعض يذهب للمأذون مرتين»، «أولاد الحلال»، «أحلى أيام العمر»، «رجب فوق سطح صفيح ساخن» 1978،
- الثمانينيات.. أفلام: «ناس تجنن» 1980، «المعتوه»، «غريب في بيتي» 1982، «الشقة من حق الزوجة» 1985، «دخان بلا نار» 1986، «الجراج» 1995
كبار مخرجي السينما العربية
وتعاون جورج سيدهم معة من كبار مخرجي السينما العربية وفي مقدمتهم: أحمد بدرخان، نيازي مصطفى، هنري بركات، صلاح أبو سيف، حلمي رفلة، حسن الإمام، فطين عبد الوهاب، حلمي حليم، عاطف سالم، حسن الصيفي، عباس كامل، محمود ذو الفقار، حسام الدين مصطفى، نور الدمرداش، سعيد مرزوق، سمير سيف، محمد عبد العزيز، أشرف فهمي، أحمد فؤاد، علاء كريم، عمر عبد العزيز، وائل فهمي عبد الحميد.
المشاركات التليفزيونية
نجح جورج سيدهم في وضع بصمة مميزة له، قدم عدة شخصيات إنسانية بعيدا عن الأدوار الكوميدية التي عرف بها في المسرح، الدراما التليفزيونية
الفوازير
في مرحلة البدايات قدمت«ثلاثي أضواء المسرح» فوازير بشهر رمضان الكريم ، عدة سنوات متتالية، خلال الفترة من 1967 إلى عام 1970، من إخراج محمد سالم ومنها: «وحوي يا وحوي» (1969)، وكانت آخر مشاركاته جوؤج بالفوازير كضيف شرف بدور الأكول بفوازير «الحلو ما يكملش» بطولة الفنانة: جيهان نصر (1997)
المسلسلات
- «قلوب عطشى، «خط عرض 43»، «أمينة»، «البحث عن ضحية»، «بنت الحتة» (1964)، «تركة جدو» (1965).
- «سيداتي آنساتي» (1970)، «النصيب» (1971)، «ضيوف مزعجين جدا» (1979).
- «أصيلة» (1980)، «ياسين وبهية» (1982)، «الغربان» (1984)، «سنوات الضحك والدموع» 1986، «بلاغ للنائب العام» (1986، «آسف لا يوجد حل» (1987)، «صرخة بريء» (1987)، «سنوات الصبر» (1987)
- «زغلول يلمظ شقوب» 1990، «قابيل وقابيل» (1991، «رأفت الهجان» (ج3)، «عصر الفرسان» (1992)، «ألف ليلة وليلة »- «معروف الإسكافي» (1993)، «يوميات فكري أباظة» (1993، «بوابة الحلواني» (ج2 - 1994)، «عزبة القرود»، «صباح الورد» (1994)، «كلام رجالة» (1995)، «الرجل والليل» (1996)، «بوابة الحلواني» (ج3 - 1997).
- التمثيليات والسهرات التليفزيونية
شارك ج«فتش عن الرجل»، «الحب كلمة من حرفين»، شقاوة بريئة، «موقعة المرتبة»، «الساعات الأخيرة»، «الهدف»، وتنوعت مشاركاته بالدراما التليفزيونية كثيرا بين أدواره بالمسلسلات الكوميدية وأدواره الإنسانية الأخرى بالمسلسلات الاجتماعية.
المشاركات الإذاعية
شارك بأداء بعض الشخصيات الدرامية المتميزة في عدد كبير نسبيا من المسلسلات والتمثيليات والسهرات الإذاعية، على مدار ما يقرب من 35 عاما، وتتمثل في:
«الجاهزين قوي»، «مراتي عاقلة جدا»، «سلام لحضرة الناظر»، «قانون ساكسونيا»، «أحلام بالتقسيط المريح، «أحلام كومبارس»، «هذا جناه مرسي»، «الشاعر » و«العرضحالجي».
الجوائز والتكريم:
نال الفنان القدير جورج سيدهم الكثير من مظاهر التكريم بمصر وبعض الدول العربية الشقيقة، وتتمثل فيما يلي:
- المهرجان «الثاني للمسرح الضاحك» (الذي نظمته «الجمعية المصرية لهواة المسرح») 1996.
- المركز المصري الكاثوليكي للسينما 2000.
- الإذاعة المصرية 2002.
- الدورة الثانية للمهرجان «القومي للمسرح المصري» عام 2007.
- درع المركز الكاثوليكي المصري عام 2013.
- مهرجان «موسم نجوم المسرح الجامعي» بدورته الثانية (بمركز الإبداع الفني) عام 2016.
- الدورة الخامسة لمهرجان «آفاق مسرحية» عام 2018.
- أطلق اسمه على الدورة الرابعة من مهرجان «شرم الشيخ الدولي للمسرح الشباب»
رحيل وأثر باق
أصيب جورج سيدهم، في عام 1997 بجلطة في المخ نتج عنها حدوث شلل تام في الشق الأيمن من جسده، كما أثرت على مركز الكلام، مما أدى إلى ابتعاده عن الفن والوسط الفني ورحل عن عالمنا في 27 مارس 2020، لكنه باق كأيقونة فنية خالدة لجمهور الفن المصري وفي كل الأقطار العربية.