السبت 21 سبتمبر 2024

لا تحكم على الكتاب من غلافه.. كيف عبر تشيخوف عن خداع النخبة في قصة القناع

الكاتب الروسي أنطون تشيخوف

ثقافة30-5-2024 | 02:05

إسلام علي

تسلط قصة "القناع" لأنطون تشيخوف، الضوء على الأوضاع الاجتماعية في روسيا، في القرن التاسع عشر الميلادي، من خلال تحليل الشخصيات المثقفة وذات المناصب العليا في الدولة، إذ تظهر القصة، كيف يظهر هؤلاء الأشخاص وجها محددا للمجتمع، وخصوصا للعامة، بينما يمتلكون وجها آخر مليئا بالنفاق الاجتماعي، حيث يتعاملون مع الناس بحسب مستوياتهم الاجتماعية.

وتبدأ القصة في حفل تنكري خيري، في أحد النوادي عند منتصف الليل، كان النادي يضم عدة أقسام، منها قسم الرقص حيث يرقص المدعوون على أنغام رقصة "فيوشكي"، وقاعة أخرى مخصصة للمطالعة يجتمع فيها المثقفون لقراءة مختلف الجرائد والكتب.

خلال انشغال المثقفين بقراءة الكتب والجرائد، دخل رجل عريض يرتدي قبعة ذات ريش طاووس وقناع، يرافقه خادم يحمل صينية بها أكواب من الخمر، ومعه امرأتان، وأمر الرجل المثقفين بمغادرة القاعة فورا، قائلا إنه لا وقت للقراءة هنا، ورد أحد المثقفين باستهزاء، مطالبا الرجل بمغادرة القاعة لأنها ليست حانة، ولكن الرجل بدأ بشرب الخمر مع السيدتين وأصر على أن يشاركوه الشراب بدلا من القراءة، معتقدا أن المثقفين أذكياء، ويعرفون الكثير فلهم حق في آخذ قليل من الراحة.

لم يرد عليه أحد، مما أثار غضبه، أخذ الرجل جريدة من يد أحد المثقفين، الذي انفجر غضبًا وأخبره أن هذا المكان ليس حانة بل قاعة مطالعة، وأنه مدير بنك يدعى جيستياكوف، اندفع الرجل نحو جيستياكوف ومزق الجريدة أمام الجميع، ثم أمر الجميع بمغادرة القاعة بما فيهم صراف المحكمة "بيليبوخن"، مهددا بضربهم بشكل مهين إذا لم يفعلوا.

طلب جيستياكوف بعدها استدعاء الشاويش، لإخراج الرجل من القاعة، وصل الشرطي بعد ذلك وأمر الرجل بالمغادرة، لكنه رفض مشيرا إلى أن النساء اللاتي معه لا يرحبن بوجود غرباء في القاعة، اشتد غضب جيستياكوف وطلب استدعاء شرطي عجوز يدعى "يفسترات سبرييدونتش"، الذي أمر الرجل بالانصراف وهدده بتحرير محضر ضده.

في النهاية، خلع الرجل القناع ليتبين للجميع أنه المليونير "بيتيجوروف"، المعروف بأعماله الخيرية وفضائحه المتعددة، وغادر الجميع القاعة خوفا من ردة فعله، وقام بشرب العديد من الأكواب الخمر، ونعس بعدها على صوت الموسيقى حتى تأكد الجميع أنه نائم، وقاموا بنقله إلى عربته لتوصيله إلى منزله.

تعكس هذه القصة كيف يتفاعل الناس مع الشخص بناء على ظاهره، وتظهر أن المظاهر قد تكون خادعة دائما، وأن هناك حقيقة تحت السطح لا ترى، حيث يسعى تشيخوف من خلال هذه القصة إلى التعبير عن تغيير الهوية عند إزالة الأقنعة، وكيف يمكن أن تكون هذه التجربة مؤلمة أو محررة، كما يوضح كيف يخفي المثقفون سلوكيات مخزية وراء واجهتهم الإجتماعية، مسلطا الضوء على قضايا الأخلاق والثقافة والمعرفة، وإمكانية العيش بحرية في مجتمع يقيد الأفراد بأعراف وتقاليد جامدة.