السبت 27 يوليو 2024

القرار بين الحكمة والانفعال

مقالات30-5-2024 | 12:55

 الضغط يتزايد أحيانًا من البعض من أجل حث القيادات على اتخاذ قرارات هامة في مراحل دقيقة وحساسة من عمر الشعوب، فنجد حراكًا جماعيًا نحو هدف ما، هدف غير صائب في الغالب، وربما لو تم تحقيقه فسوف يعقبه كم عظيم من الانهيار والدمار، تزداد الأمور تعقيدًا في عصر كهذا، عصر متخم بأحدث وسائل التواصل الاجتماعي، عصر به أدوات عديدة للاتصال.

لقد أصبح الأمر مزعجًا للغاية، فاتخاذ قرارات مصيرية بشأن كشأن بدء حرب -مثلًا- ليس من حق الأفراد والجماعات، الأمر كله متروك لمن يعنيهم اتخاذ القرار بناء على مواقعهم الهامة ومسئولياتهم الجسام.

الحروب ليست نزهة وقرار اتخاذ الدخول فيها ليس بالقرار السهل كما يراه محدودي الوعي، إنه قرار بحجم أمة لابد وأن يكون له ضوابط تحكمه وحسابات عقل سابقة وحلول لمعادلات لا يعلم عنها شيئًا من أولئك الذين ينادون باتخاذ القرار وهم جلوس على مقاعدهم المريحة داخل منازلهم آمنين متحدثين من أمام الشاشات، يجهلون العواقب الوخيمة للحروب طالما هم بعيدون عنها، فكم من بلاد تفتت بفعل أهلها فما جنوا من تنفيذ قرارهم الذي دعوا إليه إلا الدمار والخراب، لسنا دعاة خضوع أو خنوع بل نحن ننادي بإعمال العقل وترك الأمر للمتخصصين فيه، هؤلاء الذين درسوا تفاصيله بكل دقة، هم وحدهم من لهم حرية اتخاذ القرار من دون تسرع أو انفعال.

عجيب هذا الغضب المتداول وهذا التباري والمسارعة في صب اللعنات، والأعجب أن من يدعو لهذا هو نفسه من يشكو من مشاكل بسيطة تواجهه مثل:

انقطاع التيار الكهربائي عنه لعدة ساعات، إن كنت لا تستطيع تحمل خشونة الحياة -المؤقتة- فكيف ستتحمل ظروف حروب ودمار وشتات؟ ليتكم تسألون عن الحروب من عايشوها، هؤلاء الذين فروا من بلادهم بأنفسهم باحثين فقط عن الأمان.

لكل مجال في الحياة رجاله الذين يعلمون عنه ما لا يعلمه أحد غيرهم، فهم أصحاب الشأن الذين لهم فيه صولات وجولات، إنهم يرون المشهد من كافة جوانبه مع فهم جيد لتداعياته آخذين في الاعتبار دقة الموقف وحساسية القرار، يدركون طبيعة المرحلة وكيفية إدارة الأزمات، اتركوا الأمر لمن يديرونه بالحكمة بعيدًا عن الانفعالات.

إن قرار سريع غير مدروس كفيل بهدم أمة وتشريد شعوب، ناهيك عن تأثر مصادر الدخل القومي للبلاد، فضلًا وليس أمرًا توقفوا عن التهافت والدفع لاتخاذ قرارات غير مأمونة التبعات.

توقفوا عن الجدال يرحمكم الله، وزنوا الأمر بميزانه الحساس، فإن عجزتم عن هذا، فلا تتحدثوا عنه من الأساس.