الجمعة 21 فبراير 2025

ثقافة

حسانين فهمي حسين: الحضارة المصرية لها تأثير واضح على إبداع الكتّاب الصينيين | حوار

  • 1-6-2024 | 20:56

د.حسانين فهمي حسين

طباعة
  • دعاء برعي

تتمتع العلاقات المصرية الصينية بعمق تاريخي يشمل مختلف المستويات من السياسة والاقتصاد إلى الثقافة والإبداع والفنون والفكر والإعلام.. إلخ، وعلى مدار هذا التاريخ كانت هناك اتفاقيات وشراكات ومواقف رسمية وخاصة أكسبت العلاقات قوة ومتانة، وقد انعكس ذلك على حركة الترجمة من وإلى الصينية، والتي طالت مختلف مجالات الإبداع والفكر والثقافة وأيضًا السياسة والاقتصاد.

وفي حوار "دار الهلال" مع د.حسانين فهمي حسين أستاذ اللغة الصينية والترجمة بجامعة عين شمس، وأحد أبرز المترجمين عن الصينية، الذين قدموا للمكتبة العربية عشرات الكتب المترجمة عن الصينية في مختلف التخصصات. نتعرف منه على أهمية ودور هذه العلاقات في توطيد التعاون بين مصر والصين.

 

بداية يؤكد دكتور حسانين فهمي أن زيارة الرئيس السيسي الأخيرة للصين للمشاركة في منتدى التعاون العربي الصيني بالعاصمة الصينية بكين، حظت باهتمام صينيّ كبير، بالنظر إلى العلاقة القوية التي تربط بين الرئيس السيسي والرئيس شي جين بينغ، وذلك ترجمة لما تحقق خلال السنوات الأخيرة من تقدم كبير في العلاقات المصرية الصينية  بكافة المجالات، ومن بينها الجانب الثقافي.

 

 ويشير إلى أن هذه الزيارة تمثل بعدًا استراتيجيًا مهمًا لمصر في التعاون مع ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وتأكيدًا على الاهتمام الذي توليه الصين بالدور المصري في المحيط العربي والإقليمي. يقول: "هناك أهمية كبيرة للزيارات المتبادلة بين رئيسي مصر والصين في دفع وتعزيز التواصل الثقافي بين البلدين، حيث تشهد السنوات الأخيرة تقدمًا وزيادة مستمرة تدريجية في برامج التبادل الثقافي وتحقيق الكثير من الإنجازات على هذا الصعيد، بالإضافة إلى تنظيم الكثير من الفعاليات الثقافية بالتنسيق بين الجانبين، والزيارات المتبادلة للوفود الثقافية من مصر والصين، كما تم البدء في تعاون واسع بين الجانبين في مجالات التعليم، والسياحة، والفنون، والآداب، والإعلام، والنشر، والتبادلات الشعبية وغيرها من المجالات. فحلت الصين ضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب أيضًا التوسع في تأسيس أقسام اللغة الصينية بالجامعات المصرية وأقسام اللغة العربية بالجامعات الصينية، وأصبحت معاهد كونفوشيوس بالجامعات والمؤسسات الثقافية المصرية قاعدة رئيسة للتبادل الثقافي بين البلدين. حيث ساعدت الدروس والفعاليات التي تقدمها هذه المعاهد في تحقيق تبادلات جيدة في مجال الثقافة الشعبية بين البلدين".

 

وحول أهم المراحل التي قطعتها العلاقات الثقافية بين مصر والصين حتى الآن، يقول: "لمصر والصين حضارتان عريقتان، وبينهما علاقات صداقة وطيدة، كان لها دورها في دفع تطور العلاقات العربية الصينية والعلاقات الإفريقية الصينية بوجه عام، فتعد مصر جسرًا مهما يربط بين العالم العربي والقارة الإفريقية والصين.

واهتمت كتب التراث الصينية بالإشارة إلى مصر ومدنها المعروفة قديمًا في مجال التبادلات الخارجية على طول طريق الحرير القديم، فورد ذكر مدن الإسكندرية ودمياط وبورسعيد والقصير، وهو ما تضمنته كتب "مذكرات ديار الغربة" لمؤلفه دوخوان من عصر أسرة تانغ، و"أحاديث حول بينغ جوو" لمؤلفه جويو من عصر أسرة سونغ، و"دليل ما وراء الجبال" لمؤلفه جووتشيوفيي من عصر أسرة سونغ، و"سجلات البلدان الأجنبية" لمؤلفه جاو روكوه من عصر أسرة سونغ، و"لمحة عن البلدان والجزر" لمؤلفه وانغ دايوان من عصر أسرة يوان، و"سجلات المناطق الأجنبية" لمؤلفه جوو جي جونغ من عصر أسرة يوان".

 

ويضيف: "قبل تأسيس العلاقات الرسمية بين البلدين، كان مصر مقصدًا للطلاب والباحثين الصينين المسلمين الذي جاءوا إليها للدراسة في الأزهر الشريف، وكان لبعضهم دور مهم في تعزيز العلاقات الثقافية المصرية الصينية عبر ما ترجموه من أمهات الكتب الإسلامية وعلى رأسها ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الصينية، وفي مايو 1956 كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تعترف بتأسيس جمهورية الصين الجديدة، وفي العام نفسه بدأت مصر والصين في تبادل الوفود الثقافية.

حيث زار الكثير من كبار الكتّاب والمثقَّفين المصريّين الصين، وفي المقابل زار مصر الكثير من كبار الكتّاب الصينيّين. وفي 1957، زارالكاتب الصينيّ الكبير قوه مو روه مصر برئاسة وفد ثقافي صيني للمشاركة في أعمال المؤتمر الأول لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية - الآسيوية (26/12/1957- 1/1/1958) الذي شاركت فيه وفود من أكثر من 40 دولة إفريقية وآسيوية. وعندما هاجمت القوّات الإنجليزية والفرنسية مصر عام 1956،  عبر الكتّاب الصينيّون والشعب الصينيّ بمختلف فئاته عن تأييدهم لنضال الشعب المصريّ ضد القوى الإمبريالية، وسخّروا أقلامهم لنصرة الشعب المصريّ. وفي فبراير 1962، زار مصر وفد أدبي صيني كبير مكوّن من ستّة عشر كاتبًا وكاتبة برئاسة الأديب والناقد الصينيّ الكبير ماو دون، وشارك الوفد في أعمال الدورة الثانية لمؤتمر كتاب آسيا وإفريقيا.

وضمّ الوفد العديد من الأسماء الأدبية المهمّة في الصين آنذاك مثل الكتّاب: يانغ شوه، وبينغ شين، ويان ون جينغ، وآي وو، وييه جيون جيان وآخرين. وتوالت بعدها زيارات كبار المثقَّفين والكتّاب الصينيّين إلى مصر، وزاد هذا التواصل الأدبي بين البلدين الصديقين من مطلع القرن الحادي والعشرين".

 

ويلفت دكتور حسانين فهمي إلى أن مصر وحضارتها العريقة كان لها التأثير الواضح على إبداع عدد من الكتّاب الصينيين في العصر الحديث، ومن أبرز الكتاب الصينيّين الذي كتبوا عن مصر الكاتب يانغ شوه والكاتبة بينغ شين، كما تشهد دراسة وترجمة الأدب المصري في الصين خلال السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا، في ظل التطور الذي تشهده العلاقات المصرية الصينية في كافة المجالات، والتي كان للمجال الثقافي نصيب كبير منها، حيث زاد اهتمام الجهات الثقافية الصينية ممثلة في اتحاد كتاب الصين، ودور النشر الصينية، وجمعية دراسات الأدب العربي بالصين، وأقسام اللغة العربية في الجامعات الصينية، بالتواصل مع الجهات الثقافية المصرية والتنظيم والمشاركة في الندوات والمؤتمرات حول الأدب الصيني والمصري، مثل "الدورة الأولى لمنتدى الأدب الصيني العربي" بالقاهرة في يونيه 2018، وورشة الكتابة الأدبية التي نظمها اتحاد كتاب شنغهاي خلال سبتمبر وأكتوبر 2018 والتي شارك فيها عدد كبير من الكتاب الأجانب ومن بينهم الكاتبة المصرية منصورة عز الدين. بالإضافة إلى ما تم ترجمته من أعمال أدبية مصرية ضمن مشروع تبادل الترجمة والنشر بين الصين والدول العربية، فساهم إعلان فوز الكاتب الصيني الكبير مويان بنوبل في الأدب قبل 2012 ، ثم زيادة عدد أقسام اللغة الصينية  بالجامعات المصرية وأقسام اللغة العربية بالجامعات الصينية، وتخريج المزيد من المتخصصين في الترجمة بين اللغتين العربية والصينية، في تطور حركة الترجمة من وإلى العربية بصورة كبيرة، وصدرت في السنوات الأخيرة ترجمات عربية لعدد كبير من الأعمال الأدبية الصينية التي حققت نجاحًا ملحوظًا داخل وخارج الصين، وأصبحت متاحة أمام القارئ العربي في مختلف الدول العربية، وعلى رأسهم عدد من الكتاب الذين يتصدرون المشهد الأدبي في الصين حالياً مثل مويان، ويوهوا، وليوجين يون، وسوتونغ.

 

ومن ناحية أبرز ما أنتجته العلاقات الثقافية بين مصر والصين للترجمات من الصينية إلى العربية يؤكد دكتور حسانين فهمي أن لترجمة أعمال مويان إلى العربية وعلى رأسها رواية "الذرة الرفيعة الحمراء" دور كبير في جذب الانتباه إلى ترجمة الإبداع الصيني للعربية، وتعرف القراء العرب على الأدب الصيني ورواده. وصدرت الطبعة العربية الأولى للرواية مطلع عام 2013 عن المركز القومي للترجمة، وحظت هذه الترجمة فور صدورها باهتمام ملحوظ من النقاد والباحثين المتخصصين في الأدب الصيني والأدب المقارن، وتناولها عدد من الباحثين المصريين والعرب والصينيين في أبحاثهم الأكاديمية، ومن وجهة نظر مقارنة مع عدد من الأعمال الأدبية العربية، وهو ما أشرنا إليه في مقدمة كتابنا "عناق النيل واليانجتسي.. موجز تاريخ التفاعلات الأدبية بين مصر والصين" الصادر عام 2020، وفي كتاب صدر باللغة الصينية بعنوان "الأدب الصيني الحديث في مصر" عن دار العلوم الاجتماعية للنشر بالصين (2021). قبل أن تصدر الطبعة الثانية من الرواية (بمقدمة خاصة للسيد مويان) في 2023 عن دار صفصافة للنشر بمصر.

 

ويواصل: "أيضًا الترجمات العربية لأمهات الكتب الصينية بما فيها "محاورات كونفوشيوس" و"الطاو" وغيرها والأعمال الإبداعية لأهم الكتاب الصينين في العصر الحديث أمثال لوشون ولاوشه ومويان وأعماله المعروفة "الذرة الرفيعة الحمراء" و"الصبي سارق الفجل" وغيرها، وأعمال الكاتب الصيني المعاصر يوهوا "مذكرات بائع الدماء" و"صيف حار وقصص أخرى" و"الماضي والعقاب وقصص أخرى"، وروايتي "الموبايل" و"سرير الغرباء" للكاتب الصيني المعاصر ليوجين يون، وغيرها من الأعمال الأدبية الصينية، تعد جميعها أبرز الأعمال التي ترجمت إلى العربية عن الصينية مباشرة من خلال مترجمين مصريين وصدرت عن دور نشر مصرية".

 

ويسلط أستاذ اللغة الصينية والترجمة بجامعة عين شمس الضوء على معظم أعمال الكاتب المصري نجيب محفوظ التي ترجمت إلى الصينية، بما في ذلك روايات "الكرنك"، و"الحرافيش"، و"زقاق المدق"، والثلاثية "بين القصرين"، و"قصر الشوق" و"السكرية" حيث صدر للثلاثية ثلاث ترجمات حتى الآن، إضافة إلى "القاهرة الجديدة"، و"بداية ونهاية" التي صدر لها ثلاث ترجمات حتى الآن، و"حضرة المحترم"، و"ميرامار" التي صدر لها ترجمتان حتى الآن، و"أولاد حارتنا"، و"ليالي ألف ليلة"، و"رادوبيس"، و"اللص والكلاب"، و"الطريق"، و"مختارات من قصص محفوظ القصيرة"، و"خان الخليلي" و"أصداء السيرة الذاتية"، و"أحلام فترة النقاهة" وغيرها من الأعمال.

 

ويشير إلى ترجمة "دعاء الكروان"، و"الأيام" لطه حسين، بالإضافة إلى عدد كبير من أعمال كتّاب مصريين آخرين إلى اللغة الصينيّة، منها أعمال الكاتب المصريّ إحسان عبد القدوس "شيء في صدري"، و"في بيتنا رجل" و"مختارات من أعمال إحسان عبد القدوس القصصية"، وأعمال الكاتب المصريّ توفيق الحكيم "يوميّات نائب في الأرياف"، و"عودة الروح"، ومسرحية "أهل الكهف"، وأعمال الكاتب يوسف السباعي "العمر لحظة"، و"رُدَّ قلبي"، و"بين الأطلال"، ورواية "الأرض" لعبد الرحمن الشرقاويّ، و"اللقيطة" و"بعد الغروب" لمحمّد عبد الحليم عبد الله، ورواية "الحرام" ليوسف إدريس، و"وقائع حارة الزعفراني" و"رسالة البصائر في المصائر" لجمال الغيطاني"، و"أيام الإنسان السبعة" ليوسف القعيد، ووصولًا إلى الترجمة الصينية لرواية "الوصايا" للكاتب المصري عادل عصمت التي صدرت نسختها الصينية قبل أيام في الصين.

 

ويخلص دكتور حسانين فهمي في حواره مع "دار الهلال" إلى أن الأدب المصري محورًا لعدد كبير من الندوات والفعاليات التي تنظمها "جمعية دراسات الأدب العربي بالصين" منذ تأسيسها عام 1987.

 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة