تكليفات متعددة وملفات لها الأولوية حددها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تكليفه للدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة، بعد أن تقدم رئيس الوزراء باستقالة الحكومة اليوم، إذ كلفه الرئيس السيسي بتشكيل حكومة جديدة من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، تعمل على تحقيق عدد من الأهداف.
وتضمن الملفات والأهداف التي أوضحها الرئيس الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه في هذا الصدد، وتطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، والخطاب الديني المعتدل على النحو الذي يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.
كما تضمنت تكليفات الرئيس بشأن تشكيل الحكومة الجديدة مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات.
القضايا الداخلية ذات الأولوية
ويقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن استقالة الحكومة هي أمر متوقع، واستمرار الدكتور مصطفى مدبولي رئيسا للوزراء أمر كان متوقعا أيضا، موضحا أن التكليفات التي أصدرها الرئيس السيسي للحكومة الجديدة، تتضمن عدد من القضايا على رأسها بناء الإنسان أو المواطن المصري وخاصة فيما يخص مجالات التعليم والصحة، بجانب المشاركة السياسية وموضوعات الأمن القومي.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه التكليفات عامة، وتتضمن موضوعات وقضايا داخلية متنوعة مثل الصحة والمشاركة السياسية والوعي والثقافة والخطاب الديني، مضيفا أن الأولويات في المرحلة المقبلة هي للملف الاقتصادي، من خلال حزمة من الإجراءات لاستكمال مسار الإصلاح الاقتصادي والخروج من الأزمة الراهنة، بجانب التركيز على ضبط الأسواق والأداء الاقتصادي للدولة.
وأضاف أن الرئيس وجه الحكومة بتطوير الأداء الاقتصادي للدولة، وهذه أولوية أولى يجب العمل عليها، أما الموضوعات الأخرى فتتضمن ملفات ومحددات الأمن القومي وهو أمر له أولوية أيضا على رأس التكليفات، في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تشهدها البلاد، وبقية التكليفات هي قضايا اقتصادية وموضوعات داخلية، فهناك توازن في التكليفات بين قضايا الأمن القومي وبين القضايا الداخلية.
وشدد على أن الملف الاقتصادي ملح في الوقت الراهن، والرئيس السيسي يقدم تصورات والحكومة ستضع خطة عملها وتعرضها على الرئيس السيسي، مشددا على أن الرؤية التنفيذية ستضعها الحكومة لتنفيذ تلك التكليفات وستكون الأولوية للقضايا الداخلية مثل الأوضاع الاقتصادية وقضايا الصحة والتعليم والمشاركة السياسية والثقافة والخطاب الديني وضبط الأسعار ومواجهة التضخم.
الملف الاقتصادي أهم التحديات
ومن جانبه، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن التكليفات التي أصدرها الرئيس السيسي للحكومة الجديدة واضحة وتتضمن جوانب مختلفة سواء منها ما يتعلق بالأمن القومي أو الجانب الاقتصادي أو التنمية أو بناء الإنسان أو مواجهة التحديات المختلفة التي يتعرض لها الوطن في هذه الآونة، مضيفا أن الحكومة الجديدة عليها عبء ومهمة وهي مواجهة هذه التداعيات للأزمات الإقليمية والدولية أيضا.
وأضاف في تصريح لبوابة دار الهلال، أن التحديات ليست داخلية فقط ولكن هناك تحديات من الإقليم والعالم أثرت على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية، فالأوضاع في غزة أدت إلى تداعيات سلبية منها ما حدث في منطقة البحر الأحمر وتأثير ذلك على التجارة الدولية وزيادة رسوم الشحن والتأمين، وهو ما ينعكس بالضرورة على دول العالم ومنها مصر.
وأشار إلى أن الحكومة عليها تنفيذ هذه التكليفات والعمل على مواجهة هذه التحديات وتحقيق مصلحة المواطنين والوطن، موضحا أن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي التي تقدم باستقالتها واجهت تحديات كبيرة في الفترة السابقة سواء كانت التحديات إقليمية أو دولية أو في الداخل أو تتعلق بالأمن القومي، ويأمل الجميع أن تكون الحكومة الجديدة لديها قدرة على الاستمرار في مواجهة هذه التحديات وأن يكون لها استراتيجية ورؤية واضحة المعالم تنفذها من خلال استراتيجية سياسية طويلة المدى.
وأكد أهمية أن تكون هذه الاستراتيجية محددة بفترة زمنية وآليات واضحة، لأنه يجب التفرقة بين الأشخاص وبين السياسات، فهذه الاستراتيجية قد تمتد لعشر سنوات ولا تتأثر بتغير شخص الوزير، فيجب أن تستمر الوزارة في استراتيجيتها حتى إذا تغير الوزير أو الحكومة كلها، وأن يكون دور الوزير هو تنفيذ هذه الاستراتيجية وفقا للفترة الزمنية المحددة وأن يأتي من بعده يكمل ما اتخذه سالفه فيكمل ولا يهدم.
وأشار إلى أن المعيار في الحكم هو مدى الالتزام بتنفيذ الاستراتيجية واضحة المعالم وفقا للجدول الزمني، وأن يكون هناك نوعا من الشفافية، بمعنى مصارحة ومكاشفة المواطنين، بالصعوبات والتحديات وقدرة الحكومة على التعامل معها، وأن يعمل الجميع في إطار من التعاون وليس في جزر منعزلة.
ولفت إلى أن الملف الاقتصادي هو أولوية، في الحكومة الجديدة، والحكومة الجديدة يجب أن تمتلك القدرة على إدارة هذا الملف بما يساعد في التخفيف من الأعباء، فهو أهم التحديات، للتعامل مع مشكلات ارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة وخلق فرص عمل، وكذلك جذب الاستثمارات وهي كلها كلف الرئيس السيسي الحكومة الجديدة بها، بجانب تشجيع القطاع الخاص، مؤكدا أن الجانب الاقتصادي مهم لأنه يؤثر على حياة المواطنين اليومية.
وأضاف أن ملفات الصحة والتعليم وبناء الإنسان مهمة لأن الإنسان هو أداة وهدف التنمية، فهو من يقوم بها ومن يستفيد منها، وهي كلها اعتبارات يجب على الحكومة الجديدة وضعها في الحسبان، بهدف الاهتمام بتنمية قدرات الإنسان والحياة اليومية له وتخفيف الأعباء عليه.