الخميس 20 يونيو 2024

«لا تسبق الحياة».. الزعيم مكرم عبيد ورسالته للشباب في مجلة الهلال (مقال نادر)

أيها الشباب.. مقال نادر

كنوزنا5-6-2024 | 13:56

بيمن خليل

يصادف اليوم ذكرى وفاة مكرم عبيد باشا، الذي رحل عن عالمنا  في مثل هذا اليوم عام 1961، وهو شخصية بارزة في تاريخ مصر، كان سياسيًا ومحاميًا ومفكرًا، وكان له تأثير كبير على شكل الحركة الوطنية المصرية في القرن العشرين.

يعد مكرم عبيد واحدًا من الزعماء السياسيين والوطنيين المصريين، يارتبط اسمه بالنضال الوطني في مصر، إذ كان من بين الوفد الذي رافق سعد زغلول باشا ونُفي إلى جزيرة مالطا خلال ثورة 1919، كما شارك في تأسيس حزب الوفد في عام 1918، وعند وفاة سعد زغلول، تولى منصب سكرتير الحزب وترشح لعضوية مجلس النواب حتى عام 1946م.

في 1 فبراير 1947، نشرت مجلة الهلال مقال لمكرم عبيد باشا بعنوان "إلى الشباب" ووجه فيه رسالته القيمة إلى شباب مصر، وشباب العالم العربي، وحثهم على الحفاظ على شبابهم مشيرًا إلى أهمية الشباب في بناء المجتمع وتقديم ما هو أفضل لوطنهم.

إلى نص المقال:

في بداية مقاله كتب مكرم عبيد، أيها الشباب: إذا كانت هناك نصيحة يسديها إليك رجل لا يزال يتعلق بأهداب الشباب، حتى بعد أن شاب.. فهي أن تحتفظ بشبابك الغض البريء، وأن لا تسبق الحياة في جولتها، فتتكلف الشيخوخة في تجاريبها، أو تتصنع الكهولة في أساليبها.. بل على العكس.. كن شابا في شبابك، وكنه في رجولتك، بل كنه في شيخوختك.. فما الشباب إلا النظرة باسمة إلى الحياة قائمة.

وأوضح "عبيد"، أنه لا شك عندي إن الإنسان إذا أمكنه أن يحتفظ بشبابه عاطفة ملتهبة بين حنايا صدره، حتى ولو أفلت الشباب من سنى عمره، لاستطاع أن يكشف من الدهر سره، فيقتطف من العمر زهره، ثم يغلب على الموت قبره!.. وهل الموت أقسى الموت إلا الإحساس بالفناء قبل الفناء..  وهل الشباب أزهر الشباب إلا الحياة إذ تتدفق، فتترفق بالأحياء؟!..

وأشار "عبيد" إلى أن هذه الرسالة الوطنية النفيسة موجهة إلى شباب مصر والسودان، وشباب العروبة في العالم العربي.

وأضاف "عبيد"، إذن، فمن واجبكم أيها الشباب ان تحتفظوا بتلك الزهرة اليانعة، اليافعة، في أعمالكم، وفي أقوالكم، بل وفي خيالكم.. حتى لا يتسرب الشك أو التردد إلى نفوسكم، فتتمشى رعدة الموت الى آمالكم.. وها هي ذي مصر أمنا العجوز قد ألهمت هي أيضا أسر الحياة، فانقلبت بإذن ربها، وبوحى من قلبها، إلى مصر الفتاة.. فما أحوج مصر الفتاة إلى فتيانها وفتياتها، وشبانها وشاباتها..

وأكد "عبيد"، لابد للشباب أن يدرك أن له رسالة في الحياة، هي أن يكون منسجما مع سجيته، فيلهب الوطنية المصرية بنار من حميته.. علما منه أن القضية المصرية السودانية إنما هي قضية الأجيال المقبلة قبل أن تكون قضيتنا، وأن المعاهدة لن يرجى منها خير إذا لم تكفل لهم حريتهم قبل حريتنا، ووحدتهم قبل وحدتنا.

واختتم "عبيد"، فليهبنا الشباب المصري - والشباب العربي - إذن ما وهبته إياه الحياة من حماسة بريئة مشبوبة.. فإن مثل هذه الحماسة هي وحدها الوطنية الغلابة من حيث يحسبونها مغلوبة!..