تحل اليوم، 6 يونيو، ذكرى ميلاد توماس مان، الروائي الألماني، الحائز على جائزة نوبل في الأدب.
ولد الأديب "توماس مان"، في عام 1875م، في مدينة لوبيك الألمانية، وكان لعائلته آثر كبير في اتجاهه الأدبي، إذ نشأ في وسط عائلة برجوازية مثقفة، فكان والده تاجر ثري، وأخيه الأكبر المدعو "هاينريش"، والذي كان كاتبا مشهورا هو الآخر.
وتعمق "مان"، منذ صغره في العديد من الأجواء الأدبية، حيث انشغل في قراءة الأعمال الأدبية والفلسفية المتنوعة، ونظرا لبراعه أسلوبه الكتابي، فاتجه في بداية حياته إلى الكتابة الصحفية، وبدأ بعدها الاتجاه الأدبي في كتابه العديد من الروايات التي جعلته رائد الأدب الألماني في القرن العشرين.
وتميز أسلوب "توماس مان"، بالعمق الفلسفي والعقلانية في رواياته ذات المواضيع الإنسانية العميقة، حيث سلط الضوء في العديد من رواياته على التحديات التي كانت شائعه في المجتمع الألماني في ذلك الوقت والتي كانت تعيق تحقيق الفرد لذاته، وعبر "مان"، في كثير من رواياته عن قلقه بسبب انهيار القيم الإنسانية بسبب وجود ما يسمى بالاتجاه إلى الحداثة، وذلك كان واضحا في روايات مثل الجبل السحري، وآل بودنبروك.
سعى الكاتب أيضا إلى محاولة أستكشاف معنى الحياة ومكانة هذا الإنسان في الكون، بطرق فلسفية ذات مغزى، وذلك عن طريق طرح أسئلة عن الموت والحياة والحب، ذلك يشرك القاريء في وجدانه.
وبالنسبة إلى رواياته، اشتهرت رواية "الجبل السحري"، للكاتب توماس، في القرن العشرين، حيث كانت مغزى هذه القصة هي محاولة الوصول إلى الذات الإنسانية، واستكشاف صفاتها، لأجل أن يحيا الإنسان حياة سعيدة، فكان أحداث هذه الرواية تدور حول بطلها وهوهانز كاستروب، حيث يطرح العديد من الأسئلة الروحية والفلسفية ذات المغزى العميق على العديد من الشخصيات في الرواية.
وامتازت رواية "آل بودنبروك"، بأنها تسرد جانب تاريخي لعائلة بودنبروك في خلال أربعة أجيال متتالية، منذ نشأتهم في ألمانية، وصولا إلى القرن العشرين الميلادي، وجسدت الروائي، حياة هذه العائلة من خلال الأحداث الشخصية، فضلا عن صراعات وتناقضات هذه الطبقة البرجوازية.
ووثق "توماس مان"، في تلك الرواية، انهيار القيم والعادات المثالية لهذه العائلة حيث صور كل جيل من الأجيال الأربعة مواجها العديد من التحديات والتي تؤدي به إلى التنازل عن قيمه، مما يؤدي في النهاية إلى انهيار هذه العائلة، ووجه الكاتب رسالة موثقه تاريخيا من نتيجة انهيار القيم الأخلاقية.
واتجه أيضا الكاتب إلى إعادة استخراج وتجسيد القيم الإنسانية في الأساطير القديمة، مثل أسطورة فاوست، في رواية "الدكتور فاوستوس"، والتي سلط فيها الضوء على الصراعات التي تواجه الإنسان في حياته مثل صراعات الخير والشر، في داخله، فضلا عن تأثير المجتمع عليه.
ولم يقتصر توماس مان بالاتجاه الأدبي فقط، بل توجه إلى الشأن السياسي، وذلك ليعارض صعود النازية إلى السلطة، ونتيجة لذلك هاجر من ألمانيا عام 1933 بعد تولي هتلر الحكم، وقرر السفر إلى سويسرا والولايات المتحدة حتى وفاته عام 1955، مناهضا للفكر النازي وداعيا للقيم الإنسانية والديمقراطية.
حصل مان على جائزة نوبل في الأدب عام 1929، وذلك تقديرا لإسهاماته المتميزة في الأدب الألماني، وترجمت أعماله إلى لغات متعددة، مما أكسبه شهرة عالمية واسعة.