لعبت المرأة المصرية دورا رياديا في المجتمع المصري، حيث تقلدت مناصب رفيع منذ القدم مثل الملكات كحتشبسوت وميريت رع ونفرتيتي، وشاركت في الحروب وفي الحكم، وتركت بصمتها الخالدة على صفحات التاريخ، ولم يقتصر دور المرأة على ذلك فقط، بل فهناك الكثير من المفكرات والفيلسوفات والكاتبات المعروفات في وقتنا الحالي، فالمرأة تمثل عمودًا للمجتمع وبها تنهض الأمم.
"وقــف الخلــق ينظـرون جميعــا.. كيف أبني قواعد المجد وحدي" كلمات أطربت آذاننا بسماعها وقدمت صاحبة الحنجرة الذهبية الكثير من المعاني الشجية في اوقات عصيبة مرت بها مصُرنا الغالية، حينما تبرعت بمقابل حفلاتها اثناء الحرب لصالح جيشنا العظيم، كما قامت برسالتها الفنية علي أكمل وجه ودافعت عن معاني فنها بكل قوة، فلها الكثير من الأغاني والأعمال الوطنية، وتركت إرثًا غنائيًا كبيرًا، إنها صاحبة الطرب الأصيل، الصوت القوي الرنان، وكوكب الشرق "السيدة أم كلثوم".
ولدت أم كلثوم فى 4 مايو عام 1898، بقرية طماى الزهايرة، مركز السنبلاوين، محافظة الدقهلية، واسمها الحقيقي فاطمة ابنه الشيخ ابراهيم السيد البلتاجى، الذي كان مؤذن القرية، عمل والدها فى الإنشاد الديني، وبالرغم من حالتها المادية صعبة، فقد تعلمت بكتاب القرية وحفظت القرآن الكريم، وتمكنت من حفظ القصائد والتواشيح، وذلك في أثناء استماعها لوالدها وهو يلقنها على أخيها حتى حفظتها ورددتها بصوتها العذب فاستمع إليها والدها وانبهر بها فجعلها تغني في حفل حضر به 15 فردًا وحصلت على طبق مهلبية كأول أجر لها.
قدمت أم كلثوم الكثير من الحفلات، وبدأت في كسب آجرها المادي، وتساعد والديها حتي جاءت إلى مدينة القاهرة وغنت أمام عز الدين يكن باشا وفاتن حمامة وأعجبا بها بشدة وأعطتها فاتن خاتما ذهبيا وثلاث جنيهات أجراً لها، ونالت تفاعلًا كبيرًا من قبل الجمهور وقتها.
جائت أم كلثوم إلى القاهرة مرة أخرى، بناء على نصيحة الشيخ أبو العلا محمد، ثم قدمها إلى أحمد رامى وغنت إحدى قصائده، فآمن بموهبتها وتولى تعليمها من حيث أصول اللغة والشعر، حتى تطور مستواها، تولى القصبجي تعليمها المقامات الموسيقية والعود ولحن لها مجموعة من الأغاني، وبعدما غنت طقطوقة "قال إيه حلف ما يكلمنيش" والتي كانت من الحان محمد القصبجي.
كون القصبجي لأم كلثوم، أول فرقة موسيقية وأول تخت موسيقي، حتي غنت أول مونولوج "إن كنت أسامح وأنسى الآسية"، وحققت الأسطوانة أعلى مبيعات وقتها لتكون تلك بداية الشهرة، وزادت أكثر بعد بدء إرسالها إلى الإذاعة المصرية عام 1934.
غنت أم كلثوم حوالي 700 أغنية ومنها: انت عمري، ألف ليلة وليلة، أنساك، سيرة الحب، أمل حياتي، وغيرهم، كما لحن لها أشهر ملحنى عصرها أمثال: أبو العلا محمد وزكريا أحمد، رياض السنباطى، محمد القبصجي، محمد عبد الوهاب، محمد الموجي، بليغ حمدي، كمال الطويل وغيرهم.
أطلق على أم كلثوم، العديد من الألقاب ومنها: ثومة، الجامعة العربية، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل، صاحبة العصمة، كوكب الشرق، قيثارة الشرق، فنانة الشعب.
ومن المتعارف عليه، تقديم أم كلثوم الكثير لمصر، حيث دافعت عنها بصوتها، حيث قدمت العديد من الحفلات الفنية فى الدول العربية والأوروبية، حتى أصبحت سفيرة الفن العربي في أوروبا، فغنت "مصر التى فى خاطرى وفى فمى.. احبها من كل روحى ودمى" والتي كانت من كلمات أحمد رامى، ولها من الشعر القديم لحافظ ابراهيم "وقف الخلق ينظرون جميعاً.. كيف ابنى قواعد المجد وحدى".
قدمت أم كلثوم حوالي 6 أفلام مثل: فيلم وداد وقد حقق هذا الفيلم نجاحاً كبيرا،ً نشيد الأمل، دنانير، سلامة، وفاطمة.
نالت أم كلثوم العديد من التكريمات ومنها: وسام الرافدين من قِبل الحكومة العراقية في 1946 وهو أعلى وسام يمنح في العراق، ةوسام النهضة من ملك الأردن عام 1955، فضلا عن ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس هاشم الأتاسي، وسام الجمهورية من رئيس تونس بورقيبة عام 1968، في عام 1959 وسام الأرز برتبة كوماندوز من رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي.
رحلت صاحبة الحنجرة الذهبية أم كلثوم في 3 فبراير 1975 بعد صراع مع المرض وتركت إرثًا غنائيًا كبيرًا.