الأربعاء 26 يونيو 2024

"عيد الجلاء".. مسيرة كفاح الشعب المصري ضد المحتل الغاصب

توقيع اتفاقية الجلاء

تحقيقات18-6-2024 | 12:04

محمود غانم

يوافق اليوم 18 يونيو، عيد الجلاء، وهو عيد تحتفل به مصر بعد جلاء آخر جندي بريطاني عن قناة السويس، تنفيذًا لاتفاقية الجلاء، الموقع بين مصر وبريطانيا، التي جاءت بعد نحو 70 عامًا من كفاح أبناء الشعب المصري ضد المحتل الغاصب، لتحرير الأرض، ونيل الاستقلال.

كفاح ضد المحتل

كانت أولى المفاوضات مع الإنجليز في سبيل الجلاء سنة 1882 -نفس العام الذي بدأ فيه الاحتلال- وهي التي عرفت بـ"مفاوضات دورمندلوف" إلا أنها لم تثمر شيئًا، وشغلت بها بريطانيا الرأي العام في الداخل والخارج، وفي الأخير لم تحقق أي نتائج.

تبع ذلك المفاوضات التي أجرتها الحركة الوطنية على يد مصطفى كامل ومحمد فريد، بهدف إنهاء الاحتلال الإنجليزي البلاد، ولكن مضت الأمور دون جدوى.

وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى، التي أعلنت فيها بريطانيا فرض الحماية على مصر، اشتعلت ثورة عام 1919، التي أثمرت بالعديد من المكتسبات في سبيل إنها الوجود الإنجليزي في مصر.

ودخلت مصر في مفاوضات مع الإنجليز، عرفت بـ"مفاوضات سعد - ملنر"، وقدم الأخير مشروع معاهد بين مصر وبريطانيا، كانت الحماية تتراءى في نصوصه، وتحت ضغط الشعب المصري، اضطر الإنجليز إلى إلغاء الحماية، وتم الاعتراف بمصر على أنها دولة مستقلة في عام 1922.

 ورغم ذلك، لم يتحقق جلاء القوات الإنجليزية عن مصر، ولسنوات نجح الاحتلال في إعاقة أي محاولة لتحقيق جلائهم، في ظل الإصرار الإنجليزي على استبقاء احتلالهم تحت أوضاع مختلفة.

وعلى هذا النحو مضت الأمور، حتى جاء عام 1936، الذي شهد توقيع معاهدة سميت "معاهد الصداقة والتحالف بين مصر وبريطانيا"، حيث نصت على أن تنتقل القوات الإنجليزية إلى منطقة قناة السويس، والمناطق المجاورة لها، بما في ذلك شبه جزيرة سيناء.

يشار إلى أن بريطانيا لم تحترم تلك المعاهدة، حيث أن المعاهدة لم تكن تخولها بزيادة عدد جنودها في منطقة قناة السويس على 10 آلاف، وبرغم من ذلك زادت قوتها إلى نحو 80 ألف.

وارتأى الشعب المصري، أن تلك المعاهدة لم تحقق الجلاء المرجو، الذي كافح من أجله لسنوات طوال، لذلك استمرت المطالب التي تنادي بإنهاء الوجود الإنجليزي في مصر، عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ودخلت الحكومة على الخط وساندت تلك المطالب.

وتحت هذا الضغط، جلا الإنجليز عن المناطق التي كانوا يحتلونها بالقاهرة والإسكندرية، وانتقلوا إلى منطقة قناة السويس، إلى أن أعلنت الحكومة في عام 1951 إلغاء -معاهدة 1936- بفعل الضغط الشعبي، واستأنف الكفاح المسلح من الفدائيين ضد الإنجليزي، مع الإصرار على مواصلة الاحتلال، طبقًا لما أورده المؤرخ عبد الرحمن الرفاعي. 

 الطريق نحو تحرير

وشهد عام 1954، استئناف المباحثات بين مصر وبريطانيا، وانتهى الطرفان إلى جلاء القوات البريطانية من مصر خلال فترة 20 شهرًا، مع إنهاء جميع المميزات التي كانت تحصل عليها القوات البريطانية في مصر.

وقد تم توقيع هذا الاتفاق في 19 من أكتوبر من العام ذاته، وكانت الوزارة البريطانية آنذاك برئاسة ونستون تشرشل الذي طالما عارض الجلاء الإنجليزي من مصر، لكنه اضطر تحت الضغط أن يذعن لإرادة الشعب المصري.

وبموجب هذا الإتفاق، كسبت مصر جلاء القوات الإنجليزية عن قاعدة قناة السويس، وهذه القاعدة كانت أكبر قاعدة حربية لبريطانيا بالشرق الأوسط.

وقد تسلمت مصر بموجب اتفاق الجلاء منشآت تقدر قيمتها بنحو ستين مليون جنيه، منها 23 منشأة و 10 مطارات كاملة، منها مطار أبي ومطار صویر "الديفر سوار" الواقع في الركن الشمالي الغربي للبحيرة المرة الكبرى بجوار القناة، وكان يعد أكبر المطارات الحربية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى منشآت أخرى تصل قيمتها إلى ملايين الجنيهات.