الأحد 30 يونيو 2024

إبداعات الهلال.. «ليل» قصة قصيرة لـ رينا حنا

رينا حنا

ثقافة27-6-2024 | 19:45

دار الهلال

تنشر بوابة دار الهلال، ضمن باب "إبداعات" قصة قصيرة بعنوان "ليل" للكاتبة رينا حنا، وذلك إيمانا من المؤسسة بقيمة الأدب والثقافة ولدعم المواهب الأدبية الشابة وفتح نافذة حرة أمامهم لنشر إبداعاتهم.

 

قصة ليل

في إحدى الليالي، دقّ المنبه ليعلن عن موعد الاستيقاظ في الرابعة والنصف فجرًا، لتبدأ "ليْل" يومها، قد تظن أنها لا تحب الاستيقاظ المبكر من اسمِها، لكنك على خطأ يا عزيزي، فتحت عينًا واحدة بينما الأخرى ظلت مغلقة جميعنا نفعل هذا وتحسست بيدها باحثة عن هاتفها حتى أمسكت به وتفقدته لتجدَه مُفتوحًا على الأغاني التي كانت تستمع إليها ليلًا قبلَ النوم، ثم ضغطت على قائمة الأغاني واختارت الملف المُسمّى "ترويقة" واختارت أغنيةً تُحبها وبدأت الموسيقى تخترق أركان الغرفة مُعلنةً أن "ليْل" قد نهضت، ثم توجهت إلى المطبخ لتحضِّر قهوتها بالحليب التي لا يكتمل صباحها بدونها وانتظرت قهوتها وهي تنضُج لتخرج من شرودها عندما بدأت تفور ولكن لم تفسد.

وفي خلفية الغرفة، تمازج صوت العصافير مع كلمات الأغنية في تناغم رائع بينما هي جالسة تشرب قهوتها وتبدأ أفكارها في صراع معها، وكما هو معتاد يبدأ السؤال "لماذا؟"، حتى تعمد أفكارها إلى الانتقام لذات قلبها المُجروح.

قطع هذه المعركة الداخلية رسالة من هاتفها: "مالقتكيش بعتيلي "صباحو" زي كل يوم، قلقت عليكي إنتي كويسة يا ليل؟"، فابتسمت ليل وقالت لنفسها "والله الواد ده حبيبي" وراحت تُنَغِّم مع الأغنية.

نظرت في المرآة تتأمل نفسها وتتأمل الكَدَمات، الأسود، الأزرق، والبعض بلون البنفسج، لتتذكر عطر وردة اللافندر وكم هو مُريح للأعصاب، لتضحك خلسة عما كانت تفكر فيه، "كيف لفتاة تعرضت للعنف الجسدي أن تفكر في زهرة اللافندر؟!" ثم تنهض وتبتسم أمام المرآة وتقول: "أنا هنا لكِ، لا تخافي يا ليل"، وتفتح أحد الصناديق الخشبية لتخرج مستحضرات التجميل وبعد حوالي أربعين دقيقة، استطاعت أن تخفي كل آثار الضَرب... وبدأت في التجهيز لارتداء ملابس مريحة حتى تكون في أقصى درجات الراحة خلال جلسة التصوير، لأن ليل تعمل عارضة أزياء وفتاة إعلانات.

وغادرت مساءً في الساعة الثامنة، أشارت إلى "المشروع"، والذي كان ينقلها يوميًا إلى مكان عملها، فعملها كان الحلم الذي دفعت من أجله ثمنًا كبيرًا من وقت ومال وصحة، وآلت إلى خسارة أصدقاء وعائلة أيضًا، لكنها كانت راضية ما دامت تعمل ما تحب.

عند اقتراب موعد انتهاء العمل، وأثناء انتظارها "المشروع" في الشارع، بدأت تمطر، كانت تتأمل مستحضرات التجميل التي تستخدمها لإخفاء آثار الضرب، والتي بدأت تتلاشى بفعل المطر.

ليل كانت تعمل في المنازل كعاملة لتعين أهلها.. ولكن، عندما تقع في خطأ بسيط، كانت تتعرض للصفع من صاحبة المنزل، التي كانت شديدة القسوة وعديمة الرحمة، لضمان استقرار أسرتها ماديًا، بينما كان ابن هذه السيدة يدافع عن "ليل" ويبكي من أجلها، خطرت له فكرة، فقد سرق خاتمًا ذهبيًا من والدته، وانتظر حتى خلد الجميع في المنزل إلى النوم، ثم أيقظ "ليل" لتهرب به، وأعطاها كل ما كان يدخره في صندوقه.. ارتدت ملابسها وهربت إلى الإسكندرية... حتى قطع صوت "المشروع" عليها وهو يقترب، فركبت لتعود إلى بيتها.

وصلتها رسالة أخرى: "مساء الخير، فينك يا بنتي من الصبح؟ وحشتيني!" ليبتسم وجهها ويحمرّ خدّاها، وعندها حضنت هاتفها بشكل عفوي.

الاكثر قراءة