الإثنين 1 يوليو 2024

علاقة أسطورة النداهة في الفولكلور المصري بأسطورة يونانية قديمة

أٍسطورة النداهة

ثقافة28-6-2024 | 18:18

إسلام علي

اشتهرت أسطورة النداهة في الفولكلور المصري التقليدي، وانتشرت الحكايات عنها في ربوع وقرى مصر، فهي تنتمي إلى التراث الشعبي العريق والذي انتقل عبر الأجيال، وتشير بعض الكتابات المصرية القديمة إلى حكايات عن أصوات أو كائنات غامضة تغري الناس وتؤذيهم، مما قد يسلَط الضوء على أصول قديمة لأسطورة النداهة.
تظهر النداهة أو ذلك الكائن الخيالي، في شكل امرأة جميلة تتواجد دائما بالقرب من المجاري المائية في الليل، وتبدأ في مناداة الأشخاص بأسمائهم بصوت جذاب في الليل، وإذا استجاب الشخص لهذا النداء وتتبع الصوت فإنه يختفي ولا يعود. 
تتشابه تلك الأسطورة مع أسطورة في الحضارة اليونانية تسمى "سيرينات" وهي تتمثل في كائنات أسطورية تصور بهيئة مخلوقات نصف امرأة ونصف سمكة، وتسكن الجرز والصخور في البحار، فمهمه هذه الكائنات تتمثل في الغناء بصوت جذاب يجذب البحارة، مما يجعلهم يفقدون السيطرة على سفنهم ويصطدمون بالصخور أو يغرقون.
تتميز أسطورة النداهة، بأنها تهدف إلى تخويف الأطفال من الأقتراب من المياة ليلا، وذلك كان التفسير الشائعة والمتداول وقتها، ولكن في نفس الوقت، وتعكس الأسطورة العلاقة المعقدة بين الإنسان والطبيعة، حيث تظهر كيف يمكن للطبيعة أن تكون جميلة وجذابة لكنها تحمل في طياتها خطرا مميتا، كما تعبر عن رغبة الإنسان في إيجاد تفسيرات للأحداث الغامضة والخطيرة. 
وتعكس الأسطورة اليونانية، خوف الإنسان من المجهول والطبيعة وقواها الخفية، وتحذير للإنسان من العبث مع قوى الطبيعة والتي في بعض الأوقات لا يمكن السيطرة عليها، وتمثل تلك الكائنات البحرية تجسيدا للأرواح الشريرة أو الكيانات الخارقة للطبيعة التي تعيش بالقرب من المياة، والتعبير عن الجاذبية الفتاكة والخطر المختبئ خلف الجمال.
وبالرغم من اختلاف المدة الزمنية بين أسطورة النداهة والأسطورة اليونانية القديمة والتي ترجع إلى ما يقارب 1500 عام من الأولى، إلا أنهما يشتركان في المقصد الأصلي، وهو التعبير عن الإغراءات التي قد تؤدي إلى الهلاك إذا لم يتم التعامل معها بحذر، وهذه الفكرة تمتد إلى العديد من الفلسفات والأديان التي تحذر من الانسياق خلف الإغراءات دون التفكير في العواقب.