عاش المصريون أوقاتا عصيبة على مدى عام كامل خلال عام 2012 إبان تولي تنظيم الإخوان الإرهابي مقاليد الحكم، تبدلت فيه مظاهر الفرح إلى الحزن، والأمل بغد أفضل إلى إحباط ويأس من المستقبل، من إحساس بالمواطنة والمساواة بين الجميع، إلى إحساس بالعنصرية وبأفضلية عضو الجماعة الإرهابية عن سائر أفراد الشعب في كل شئ.
وجاءت اللحظة الحاسمة، والتي لبى فيها رجل وطني مخلص نداء جموع الشعب المصري العظيم؛ لينتزع مصر من ظلام دامس صنعته جماعة إرهابية، لم ترد لأرض الكنانة إلا الخراب والدمار، إلى غد مشرق، مليئ بالأمل والحلم ببناء الجمهورية الجديدة القائمة على مؤسسات قوية قادرة على مواجهة مختلف التحديات وتحقيق تطلعات المواطن، لتتغير مفاهيم الدولة المصرية على أيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل بناء دولة جديدة قوية يستحقها المصريون.
ومن أبرز التحديات التي واجهت بناء الجمهورية الجديدة، عقب الجرائم التي ارتكبها عناصر الشر الإخوانية، الذين حاولوا ترويع وتخويف أهل المحروسة، بالقتل والحرق والنهب، كان التحدي الأمني، حيث شرع عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي عقب ثورة الشعب في 30 يونيو، في السعي في الأرض فسادا، بعد أن قاموا بحرق وتدمير أكثر من 180 منشأة شرطية، و22 كنيسة، و55 محكمة ومنشأة عامة في 14 محافظة من محافظات الجمهورية، فضلا عن حرق أكثر من 130 سيارة شرطة متنوعة، لإشاعة الفوضى في البلاد، وإظهار أن قوات الشرطة ممثلة عن الدولة المصرية، عاجزة عن حماية جموع الشعب، لكن رجال الشرطة الأبطال، بالتعاون مع أشقائهم من رجال القوات المسلحة البواسل، أجهضوا ذلك المخطط الشيطاني الخبيث، من خلال مواصلة الليل بالنهار والعمل على مدار الـ 24 ساعة؛ لتأمين الجبهة الداخلية والخارجية للوطن، بل وقدموا مئات الشهداء الأبرار من أجل حفظ أمن ومقدرات الوطن.
وعقب تلك الفترة العصيبة، اتجهت الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي إلى إعادة بناء جهاز الشرطة من جديد، لكن ذلك البناء لم يكن عشوائياً، بل اعتمد على بناء العنصر البشري المتمثل في رجل الشرطة بطريقة علمية تمكنه من أداء واجبه المقدس باحترافية شديدة، بالإضافة إلى إعادة بناء البنية اللوجيستية لجهاز الشرطة من خلال تسليحه بأحدث المعدات والأسلحة التي تمكن أعضائه من القيام بالمهام الموكلة إليهم.
وفي عصر الجمهورية الجديدة، لم يقتصر دور رجل الشرطة على تأمين الجبهة الداخلية للوطن وحفظ أمن وآمان المواطن فقط، لكنه أصبح أيضاً شريكاً في العمل المجتمعي، من خلال عشرات المبادرات المجتمعية الفعالة، التي ساهمت فعليا في رفع العبء عن كاهل المواطنين، لتتكامل مع منظومة الحماية الاجتماعية التي تقدمها الجمهورية الجديدة لمحدودي الدخل.
وعند الحديث عن الدور الرئيسي لرجال الشرطة، والمتعلق بحفظ الأمن، لا يمكن حصر النجاحات التي حققتها الدولة المصرية، سواء على المستوى السياسي أو الجنائي، والتي أبرزها بالطبع القضاء على الإرهاب الذي استهدف المواطن المصري والدولة بكافة مؤسساتها عقب ثورة 30 يونيو، وتقويض نشاطه وتجفيف منابعه وتفكيك هياكله، حيث نجحت أجهزة وزارة الداخلية من خلال ضرباتها الأمنية الاستباقية الحاسمة، خلال السنوات الثلاث الماضية، في ضبط نحو 365 بؤرة إرهابية ومحاولات لتكوينها، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه عدد من الكيانات التجارية، متورطة في تقديم الدعم المادي لتنظيم الإخوان الإرهابي بقيمة سوقية بلغت نحو 7 مليارات جنيه، فضلا عن حرص وزارة الداخلية على تكثيف برامج التوعية وأساليب حروب الجيلين الرابع والخامس وتفنيد الأكاذيب وتبصير الرأي العام بالحقائق.
وفي المجال الجنائي.. نجحت الأجهزة الأمنية على سبيل المثال، في ضبط كميات غير مسبوقة من المواد المخدرة التي تستهدف تدمير وتغييب الوعي لدى المواطن، ولاسيما فئة الشباب، حيث بلغت قيمة الكميات المضبوطة نحو 25 مليارا و500 ألف جنيه، في حين بلغ إجمالي المبالغ المضبوطة في قضايا الأموال العامة التي تم ضبطها نقديا ومستنديا نحو 15 مليارا و560 مليون جنيه، فضلا عن ضبط أكثر من 4500 تشكيل عصابي، و150 ألف قطعة سلاح ناري متنوعة و700 ألف قضية تموينية متنوعة.
وفي إطار مواكبة التطور العلمي في مجال العمل الأمني، طورت وزارة الداخلية منظومة الأدلة الجنائية، ودعمها بمعامل جنائية تخصصية، وفقا لأحدث المقاييس الدولية، بالإضافة إلى استحداث مركز العمليات الأمنية، وتزويده بأحدث التقنيات والوسائل التكنولوجية، لمتابعة المهام الأمنية الميدانية، وتحليلها باستخدام الذكاء الاصطناعي، بما يكفل الحفاظ على التفوق الأمني في حماية أمن وسلامة الوطن والمواطن.
كما اهتمت وزارة الداخلية بتحديث الخدمات التي تقدمها للمواطنين، لمواكبة عصر الرقمنة والتحول التكنولوجي الذي تنتهجه مصر في سبيل بناء جمهوريتها الجديدة بقيادة الرئيس السيسي، حيث حدثت الوزارة خدماتها الإلكترونية عبر صفحتها على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وعلى بوابة الحكومة الرسمية، وطورت خدمات الأحوال المدنية لتسهيل حصول المواطنين على أوراقهم الثبوتية، ومنها خدمات السجل المدني الذكي، الذي يتيح الحصول على مختلف الوثائق الرسمية بطريقة مميكنة كليا، فضلا عن إنشاء مكاتب نموذجية للأحوال المدنية بعدد من المراكز التجارية الكبرى، يتوفر بها خدمة ترجمة تلك الوثائق إلى نحو 23 لغة أجنبية، بالإضافة إلى توفير سيارات حديثة تعمل بالطاقة الشمسية، كمقرات متنقلة لخدماتها بمواقع المشروعات القومية العملاقة بكافة المحافظات، وربط أجهزة "التابلت" بمراكز الإصدار، بما يتيح الانتقال لتقديم الخدمة بأماكن إقامة كبار السن وذوي القدرات الخاصة، فضلا عن استحداث الإدارة العامة لتصاريح العمل نظام (الكيو آر كود)، الذي يتيح للمواطن التقدم لاستخراج تصريح العمل من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية.
كما قامت وزارة الداخلية بإعادة صياغة منظومتها المرورية، لتتوافق مع منظومة النقل الذكي التي أطلقتها الدولة، حيث اعتمدت الربط الإلكتروني مع إدارات ونيابات المرور، في حين ضم المقر الجديد للإدارة العامة لنظم معلومات المرور، مركزا متطورا لتجويد وتشفير الملصق الإلكتروني لأول مرة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والتوسع في تشغيل مراكز تضم خدمة الفحص الفني الإلكتروني للسيارات بعدد من المحافظات، في إطار خطة لتعميمها على مستوى جميع محافظات الجمهورية، فضلا عن افتتاح عدد من وحدات المرور المتطورة بعدد من المراكز التجارية، والنوادي الرياضية، لتقديم خدمات تجديد تراخيص السيارات والفحص الفني، دون الحاجة للتواجد بوحدات التراخيص، إلى جانب التوسع في تشغيل منظومة الرادارات الثابتة والمتحركة على كافة الطرق السريعة، والمحاور الرئيسية، ومطالع ومنازل الكباري؛ لرصد المخالفات وإرسالها لحظيا إلى مركز معلومات النيابة العامة، من خلال الربط الإلكتروني، وذلك من أجل تخفيض معدلات الحوادث المرورية والحفاظ على حياة وسلامة قائدي المركبات والمشاة.
كما اهتم اللواء محمود توفيق وزير الداخلية بمواكبة عصر الرقمنة وإدخال التكنولوجيا الحديثة داخل منظومة العمل فيها بشكل كبير، خاصة في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وجه بإطلاق صفحات رسمية للوزارة على كافة مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتلقي كافة استفسارات وشكاوى المواطنين والرد الفوري عليها، وكذلك رصد ما تبثه الصفحات المسمومة لتنظيم الإخوان الإرهابي من إدعاءات كاذبة، في محاولات يائسة لتضليل الرأي العام، والرد عليها من خلال إيضاح الحقائق أولا بأول.
وفي إطار اهتمام وزارة الداخلية بحقوق الإنسان، والتزامها بثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، شيدت الوزارة خلال عامين فقط - وفقا لخطتها لغلق السجون العمومية القديمة، واستبدالها بمراكز إصلاح وتأهيل عصرية ومتطورة - 5 مراكز جديدة للإصلاح والتأهيل خارج الكتل السكنية، بمناطق وادي النطرون، وبدر، والعاشر من رمضان، والخامس عشر من مايو بالقاهرة، وأخميم الجديدة، والتي روعي فيها جميع المواصفات والمعايير الدولية.
وتعد مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة التي شيدتها وزارة الداخلية، نموذجاً متميزاً للمؤسسات العقابية والإصلاحية على المستويين الإقليمي والدولي، وتعكس آفاق التطوير والتحديث والعصرية، حيث عملت على تحويل أماكن الاحتجاز التقليدية، إلى أماكن نموذجية، لإعادة تأهيل النزلاء من منطلق أحقية المحكوم عليهم بألا يعاقبوا عن جرمهم مرتين، حتى لا تتوقف الحياة بهم وبأسرهم عند ذنب اقترفوه، بما يعد ترجمة واقعية للإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لتحظى تلك المراكز الجديدة بإشادات من منظمات حقوق الإنسان المحلية، وكبرى المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية، إلى حد قيام عدد من الدول بطلب الاطلاع على تفاصيل تلك التجربة لتنفيذها على أراضيها.
وعلى الرغم من مدى تطور مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة التي شيدتها وزارة الداخلية وفقا لأحدث التكنولوجيات العالمية، إلا أنها لم تكلف الدولة أعباء مالية، نظرا لأنه تم تشييدها خارج الكتلة السكانية كبديل للسجون العمومية الحالية، وهو ما أدى إلى إغلاق عشرات السجون العمومية في مصر، وبالتالي عدم تحمل الموازنة العامة للدولة أية أعباء لإنشاء وإدارة تلك المراكز، في ضوء أن القيمة الاستثمارية لمواقع السجون العمومية التي تم ويتم غلقها حاليا، تفوق تكلفة إنشاء تلك المراكز بكثير.
ولأول مرة في تاريخ وزارة الداخلية، وفي انعكاس لمبادئ دولة 30 يونيو، وأسس الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها الرئيس السيسي، حرصت الوزارة على تكريس الدور المجتمعي لمنظومة العمل الأمني، عبر إشراك رجال الشرطة في الشق المجتمعي، لتوطيد أواصر الثقة مع المواطنين، من خلال مشاركة وزارة الداخلية في مبادرة (حياة كريمة) التي أطلقها الرئيس السيسي، عبر مبادرة (كلنا واحد)، لرفع العبء عن كاهل المواطنين، حيث قامت من خلال 26 مرحلة بالمبادرة، بالتنسيق مع كبرى الشركات والكيانات الصناعية والتجارية، وأصحاب السلاسل التجارية الكبرى، والمطاعم ومحال الحلويات، بإجمالي 3315 فرعا على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى 1026 منفذا ثابتا ومتحركا، وسرادقات بالميادين والشوارع الرئيسية، لتوفير منتجاتها المختلفة وتقديم خدماتها للمواطنين بأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق، بنسبة تصل إلى 40%، مساهمة من وزارة الداخلية في رفع العبء عن كاهل المواطنين.
وفي السياق ذاته.. دفعت وزارة الداخلية بسيارات منظومة "أمان" التابعة للوزارة، محملة بعبوات تضم سلعا غذائية تم إعدادها بجودة عالية؛ بهدف طرحها للمواطنين بأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق بنسبة تصل إلى 50%، وذلك بالمنافذ الموضحة على الموقع الرسمي لوزارة الداخلية على (الإنترنت) (www.moi.gov.eg).
واستمراراً للدور الإنساني والمجتمعي لوزارة الداخلية تجاه قاطني المناطق الحضارية الجديدة، نظمت وزارة الداخلية خمسة ملتقيات لشباب وطلائع المناطق الحضارية الجديدة، وهي الأسمرات، وأهالينا، وبشائر الخير، ومعاً، ضمن مبادرة "جيل جديد" تحت رعاية الرئيس السيسي؛ لترسيخ قيم الولاء ومفاهيم الانتماء وحب الوطن لديهم، وتأكيداً على دور الدولة ومؤسساتها لبناء المناطق الحضارية الجديدة، والعمل على ترسيخ مفاهيم وقيم الوطنية، لإعداد أجيال جديدة تفخر بانتمائها للوطن.
واهتمت الملتقيات الخمسة بمخاطبة الشباب وبناء قدراتهم، وزيادة الوعي لديهم بكافة التحديات التي تواجه وطنهم، وكذلك بالأزمات التي تغلبت الدولة عليها منذ عام 2011 وحتى الآن، سواء الاقتصادية، أو الأمنية، مرورا بالإنجازات التي حققتها الدولة خلال السنوات العشر الماضية.
كما تحرص وزارة الداخلية على مشاركة المواطنين فرحة مختلف المناسبات الوطنية والدينية، حيث تقوم بتوزيع طعام الإفطار على عدد من الصائمين في الشوارع وقت الإفطار في شهر رمضان المعظم، ومشاركة المواطنين فرحة الاحتفال بمختلف الأعياد وتوزيع الزهور والهدايا العينية على المارة ومستقلي السيارات بمختلف الشوارع والميادين.
ويأتي ملف إعادة بناء المنظومة الأمنية، وتوطيد أواصر الثقة بين المواطن ورجل الشرطة، كأحد أبرز الإنجازات التي تحققت خلال بناء الجمهورية الجديدة، بقيادة ربان سفينة البناء الرئيس عبد الفتاح السيسي.