أشرقت شمس جديدة في سماء المملكة المتحدة، عقب النجاح الذي حققه حزب "العمال" البريطاني في الانتخابات التشريعية التي عقدت أمس الخميس، حيث نجح في إنهاء حقبة حزب "المحافظين" التي استمرت لمدة 14 عامًا متتالية، وفتح أبواب "داونينج ستريت" أمام زعيمه "كير ستارمر"، حسبما تظهر الاستطلاعات.
سوناك يقر بالهزيمة
واعترف ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب المحافظين، بهزيمة حزبه في الانتخابات، مضيفًا:"الناخبون أصدروا حكما واقعيًا في هذه الليلة الصعبة، وهناك الكثير لنتعلمه ونفكر فيه".
وبرغم من تلك الهزيمة، إلا أن سوناك الذي أكد على أنه يتحمل المسؤولية الكاملة للهزيمة الساحقة للحزبة، نجح في الاحتفاظ بمقعده البرلماني في ريتشموند بشمال إنجلترا.
وأضاف زعيم حزب المحافظين، أنه اتصل بمنافسه كير ستارمر زعيم حزب العمال لتهنئته بفوز حزبه في الانتخابات.
وبحسب نتيجة الاستطلاع التي نشرتها التلفزة البريطانية، سيحصل حزب العمال على 410 من أصل 650 مقعدًا في مجلس العموم، متقدمًا بفارق كبير على المحافظين الذين ستنحصر حصّتهم بـ131 مقعدًا في أسوأ نتيجة انتخابية لهم منذ مطلع القرن الـ20.
وهذه النتائج، تعطي الحق لحزب العمال لتشكيل الحكومة، في حين أنها تمثل هزيمة مدوية للمحافظين الذين تقلصت حصتهم من 365 نائبًا انتخبوا قبل 5 سنوات إلى 131 نائبًا فقط، إضافة إلى أنه تمثل عقابًا قاسيًا للمحافظين على أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة وعدم استقرار يضرب البلاد على مدى السنوات المنقضية.
وتعليقًا على ذلك، قال كير ستارمر، زعيم حزب العمال البريطاني، إن البلاد صوتت لصالح التغيير، والوقت حان لأن يفي حزبه بوعده، وذلك بعد فوزه بمقعد في البرلمان.
وأضاف:"قال الناس كلمتهم هنا، وفي جميع أنحاء البلاد الليلة، وهم مستعدون للتغيير، التغيير يبدأ هنا"، متابعًا:"الناخبون هنا وفي كل أنحاء البلاد قالوا كلمتهم وهم مستعدون للتغيير ولإنهاء سياسة الاستعراض، وللعودة إلى السياسة بصفتها خدمة للجمهور".
كير ستارمر
رئيس وزراء بريطانيا المحتمل، نجح في الصعود إلى زعامة حزب العمال البريطاني في عام 2020، خلفًا لجيرمي كوربن، وذلك بعد حصوله على نسبة تصويت بلغت 56.2% من أصوات أعضاء الحزب.
وما أن تولى "ستارمر" مهام الحزب، إلا أن عمل على التحول بدفة الحزب من خط "كوربن" الذي مثل أقصى اليسار لجعله أكثر وسطية من جديد، حتى يصبح أكثر قابلية للانتخاب من الناخبين في المملكة.
نشأ "ستارمر" في مقاطعة ساري بـ"لندن"، حيث ولد فيها عام 1962، تغلغل في نفوسه حب حزب العمال البريطاني منذ صغره، حيث كانت أسرته من أشد المؤيدين للحزب. درس القانون في جامعتي ليدز وأكسفورد البريطانيتين، ليعمل كمحام متخصص في شؤون حقوق الإنسان.
كان أول تطور لافت في حياة "ستارمر" في عام 2008، حين أصبح رئيس النيابة العامة، ثم صار رئيسًا لدائرة النيابة العامة وخدمات الادعاء العام الملكية البريطانية.
وفي عام 2015، وصل إلى مجلس العموم البريطاني، كنائب عن دائرة هولبورن وسانت بانكراس في لندن، بأغلبية تجاوزت الـ 17 ألف صوت.
كان ستارمر يرفض انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن الهزيمة القياسية التي تلقاها الحزب في عام 2019، جعلته يقبل بمغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي.
وعلى إثر تلك الهزيمة، استقال جيرمي كوربين زعيم الحزب آنذاك، ليتولى "ستارمر" مهام الحزب، حيث عمل على إحيائه من جديد من خلال تنفيذ إصلاح شامل.
انتخابات عام 2024
وبالعودة إلى عام 2024، نجد أن زعيم العمال البريطاني روج في حملته الانتخابية لـ ما أسماه "عقد من التجديد الوطني" للبلاد، بعد سنوات من تخفيض الإنفاق وانخفاض مستويات المعيشة في ظل حكم المحافظين، هكذا يرى حزب العمال.
ووضع حزب العمال خمس مهام طويلة الأمد إذا وصل إلى السلطة، وهي: دفع النمو الاقتصادي، والاستثمار في الطاقة الخضراء، وإصلاح هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وإنشاء شوارع أكثر أمانًا، وتوفير الفرصة من خلال أجندة جديدة للمهارات، للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف.
يصاحب ذلك تغيير جذري في الوزارات الحكومية، إضافة إلى تحسين ما يراه اتفاق فاشل بين بلاده والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مجالات مثل التجارة والبحث والأمن، حسبما تذكر وسائل الإعلام الإنجليزية.