الأربعاء 17 يوليو 2024

خبراء: الزيادة السكانية معضلة تواجهها الدولة بتحقيق التنمية (خاص)

الزيادة السكانية

تحقيقات9-7-2024 | 23:31

محمود غانم

تُعد الزيادة السكانية من أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، لما تتسبب فيه من نقص الموارد الطبيعية للدولة، إلى جانب نقص الموارد الذي تعاني منه في الأساس، وهذا ينعكس على قدرة الدولة في تقديم الدعم الذي ينتظره المواطن، بحسب مدبولي، الذي أضاف في الوقت نفسه، أنه لايعارض ما يقال بأن الزيادة السكانية تعد نقطة قوة وليست ضعفًا، وفي هذا السياق أوضح عدد من الخبراء لبوابة "دار الهلال" التحديات التي تواجهها الدولة للحد من الزيادة السكانية.

حيث أكد الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، على أن من أكبر المعضلات التي تواجه الدولة المصرية هي معدل النمو السكاني المرتفع، ولكي نصل إلى مرحلة التعادل بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، لابد أن يكون الأخير من 3 إلى 4 أمثال النمو الأول.

وأضاف إن في الوقت الحالي معدل النمو السكاني تجاوز 2.5 في المائة، لذلك من المفترض أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 7.5 - 10 في المائة لكي نصل إلى مرحلة التعادل، وهذا رقم كبير جدًا في عالم الاقتصاد.

وقال الخبير الاقتصادي، إن معدل النمو السكاني بات حمل أكبر على الموازنة العامة للدولة، بتوفير الرعاية الصحية والتعليم، لكل مولود جديد، موضحًا أن الإستغلال الأمثل للموارد يكون بمعدل النمو السكاني.

أما في الوقت الحالي فلايوجد تعادل بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، ومن هذه النقطة تعد الزيادة السكانية معضلة للاقتصاد المصري، إن لم تستغلها الحكومة بشكل الأمثل بتعظيم الإستفادة من القوة البشرية، بحسب البهواشي، الذي أضاف أن الدولة اتخذت خطوات فعلية نحو ربط سوق العمل بالتعليم الفني والجامعي عن طريق إنشاء الجامعات والمدارس التكنولوجيا؛ لتأهيل الشباب المصري لسوق العمل ويوضح أنه كل تم تعظيم الإستفادة من القوة البشرية؛ يتم خلق قيمة اقتصادية مضافة، مشيرًا إلى أن هذا ما تستهدفه الدولة في غضون الفترة المقبلة، لاسيما في القطاعات التكنولوجية؛ لخلق قيمة اقتصادية وزيادة نسب التشغيل للشباب المصري في مشروعات تأخذ شكل الاستدامة.

وأشار البهواشي، إلى أن الدولة نجحت في تحجيم البطالة خلال الفترة الماضية، ففي عام 2013، كانت البطالة بنسبة 13.5 في المائة، أما اليوم فالدولة نجحت في تحجيم هذا المعدل ليصل إلى نسبة 6.7 في المائة، موضحًا أن الفترة المقبلة تحتاج جهود أكبر من قبل الحكومة؛ لزيادة إبداعات القوة البشرية، وهذا يتم من خلال زيادة فرص الاستثمار، وزيادة فرص التشغيل لمشروعات جديدة.

ورفض البهواشي تسمية الزيادة السكانية عائق للتنمية ولكنه يرى أنها تمثل عبء أكبر على التمنية؛ لأن الدولة تستطيع التعامل مع الوضع.

 مشكلة عالمية

وفي رأي الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، أن الزيادة السكانية مشكلة تعاني منها جميع الدول، ليست مصر فحسب، لكن هناك دول تستطيع أن تستغلها استغلال جيد، مستدلًا بالصين والهند كنموذج.

كما أوضح في حديثه، أنه يمكن استغلال القوة البشرية والنهضوض بها، من خلال تنميتها، فالهند أصبحت اليوم تصدر عمالة إلى العالم بأسره.

وأضاف رؤوف، أن العالم اليوم بات في صراع؛ بسبب الموارد، لذلك لابد من استغلال هذه الموارد أفضل استغلال، من أجل تحقيق التنمية والنهوض بالاقتصاد، وتحقيق إزدهار بشكل أكبر.

وأكد الخبير الاقتصادي، على أن الأزمة السكانية مشكلة لابد أن تتعامل معها الدولة من خلال تحقيق التنمية، لافتًا إلى أن الدولة المصرية تمتلك مشروعات قومية عملاقة، يمكن أن يتم استغلالها في توظيف القوة السكانية، وتحقيق اللامركزية وإقامة الاقتصاد على النحو الذي قام عليه الاقتصاد الصيني، مشددًا على أن الزيادة السكانية لاتمثل أي عائق للتحقيق التمنية في الوقت الحالي، إذا ما تم استغلال الموارد المتاحة على الوجه الأكمل.

خطر يواجه الدولة

في غضون ذلك، قال الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، إن الزيادة السكانية يجب أن تكون أقل من معدل النمو، مشيرًا إلى أن الفترة الأخيرة كانت معدلات النمو منخفضة على أساس الأزمات المالية المتتاليية والمتصاعدة، مما أدى إلى انخفاض في معدلات الناتج المحلي.

وأضاف الجرم، إنه لايصح أن تكون معدلات النمو منخفضة والزيادة السكانية أكبر منها، لكن الإجراءات التي اتخذتها الدولة على مدى السنوات الماضية، خصوصًا السنتين الأخيرتين، أدت إلى التخفيف من حدة الزيادة السكانية، حيث بلغت 2.3 في المائة مقارنة بـ3 في المائة للفترة السابقة، مشيرًا إلى أن التعداد السكاني للدولة المصرية الذي يتجاوز 100 مليون نسمة، يترتب عليه زيادة السكانية كبيرة؛ لذلك لابد من تنظيم الأسرة؛ للحد من تلك الزيادة.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مدن الجيل الرابع التي أنشأتها الدولة المصرية ليست للأغنياء فقط، حيث تضم مساكن للفئات محدودي الدخل، مشيرًا إلى مشروعات التوسع الأفقي في الإسكان لها دور أيضًا في الحد من الزيادة السكانية وتداعياتها.

وأكد على أن الزيادة السكانية هي خطر يواجه الدولة المصرية في الفترة المقبلة، يترتب عليها أزمات متعددة خصوصًا في قطاع الطاقة؛ ولأجل ذلك بدأت الدول كافة، بما في ذلك مصر، في التوجه إلى الطاقة المتجددة.

 وجهات نظر

من جهته، أوضح الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، أن هناك أكثر من وجهة نظر تتعامل مع قضية الأزمة السكانية، حيث يرى البعض أنها تمثل عبء على الدولة؛ لأنها تتحول إلى قوة مستهلكة.

ولايقتنع "عبده" بهذا رأي، مستدلًا بالنموذج الصيني، التي يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة، وبرغم من ذلك لاتتعايش في أزمات، ومن هنا يمكن القول أن الزيادة السكانية ليست الأزمة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية باتت تتسابق على جذب السائح الصيني إليها؛ لأن إنفاقه كبير، كذلك ألمانيا فقد عملت على جذب السكان إليها من أعماق الدول الإفريقية؛ نظرًا لأنها كانت تعاني من شح سكاني، وهذه وجهة نظر أخرى.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن هناك نظرية أخرى تسمى "الحجم الأمثل للسكان"، تعتمد على تطبيق سياسات؛ لتحويل القوى البشرية من الإستهلاك إلى الإنتاج، مما يعود على الدول بالنفع، ومن هذا المنطلق نجحت الصين في إزاحة اليابان، وأصبحت ثاني أكبر قوة إقتصادية على مستوى العالم، وباتت تهدد الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأربع السنوات المقبلة؛ لتصبح هي القوى الإقتصادية الأكبر على مستوى العالم.

ولفت إلى إحدى التقارير التي أشارت إلى أن مصر ستصبح من القوى الاقتصادية الأكبر على مستوى العالم في غضون الفترة المقبلة، وذلك اعتمادًا على قوتها السكانية، التي معظمها من الشباب على رغم من كل ما تعاني به من أزمات.