الأربعاء 17 يوليو 2024

«تفاؤل حذر» .. هل اقتربت جولة المفاوضات المستمرة من الوصول إلى اتفاق تهدئة في غزة؟

الحرب على غزة

تحقيقات11-7-2024 | 15:05

أماني محمد

لليوم الثاني على التوالي  تستمر جولة جديدة من مفاوضات التهدئة في غزة، لبحث الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع وتبادل الأسرى، والتي بدأت أمس في الدوحة، ومستمرة اليوم ، فيما ستستكمل في القاهرة، بمشاركة وفود أمنية واستخباراتية من مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنباءً عن موافقة الاحتلال وحركة حماس، على إرساء إدارة مؤقتة مستقلة في  عقب الحرب، لا تشمل الطرفين، لكن الخلافات ظلت قائمة بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستوافق على وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع، حيث تتمسك حركة حماس بضرورة وقف الحرب كأساس لأي اتفاق مع الاحتلال الإسرائيلي.

ورجح خبراء أن هناك حالة من التفاؤل الحذر بشأن المفاوضات الجارية، بعد أن تم الاتفاق بشأن بعض القضايا للمرحلة الأولى للهدنة، لكن يبقى الحذر من أن تعرقل إسرائيل الاتفاق في أي مرحلة من مراحله كما حدث من قبل، موضحين بعض الخطوط العريضة لاتفاق الهدنة التي تكشفت حتى الآن.

التفاؤل الحذر

ويقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الجولة الراهنة من المفاوضات تستمر وسط حالة من التفاؤل الحذر، فالأمور تسير في إطارها لكن هناك من عدم الثقة في إسرائيل لأنها قد تعرقل مجريات الاتفاق في أي مرحلة، مضيفا أن المفاوضات حتى الآن شهد اتفاقا على وضع اتفاق إطار تبدأ منه مراحل التنفيذ، تناول العديد من القضايا والمحاور الرئيسية منها محور ما يتعلق بشأن ممر صلاح الدين ومعبر رفح من الجانب الفلسطيني، وكذلك الترتيبات الأمنية في ممر نتساريم وممر ديفيد، بالإضافة إلى مناطق التماس التي ستنسحب منها القوات الإسرائيلية.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هناك العديد من النقاط في هذا السياق لم تحسم حتى هذه اللحظة، لكن هناك تفاؤل بمشهد المفاوضات بصورة كبيرة، والدليل هو استمرارها حتى الآن، للوصول إلى  اتفاق الاطار بمراحل التنفيذ الرئيسية التي يمكن البناء عليها فيما بعد، مشيرا إلى أن الوسيط الأمريكي يتحرك على مسارين، الأول مسار ما يجري الآن في مفاوضات قطر والقاهرة، وهناك تحرك من مدير الاستخبارات الأمريكي، الذي التقى به الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الجاري في القاهرة، وأكدت المباحثات تصميم واشنطن على إنجاح المفاوضات في الجولة الجارية.

وأشار إلى أن المسار الثاني، هو ما يتعلق بمراحل التنفيذ للاتفاق وتطبيق المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة، والتي ستكشف بعمق مراحل تنفيذها، فهناك ضمانات طلباها الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهناك تعديل لبعض النقاط والصيغ الرئيسية التي طرحت في المفاوضات في الجولة الحالية، وهو ما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تقديمه، فالأمور ستمضي في سياقها لكن سيتم استكمال في المفاوضات في القاهرة.

وأكد المفاوضات تبحث الترتيبات الأمنية ووقف إطلاق النار تكتيكيا في القطاع، والإفراج عن 33 عنصر من الأسرى الإسرائيليين والمحتجزين في قطاع غزة، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار سيتم تدريجيا وليس بصورة مباشرة إنما مرحليا، مشيرا إلى أن هناك تجاوب حذر من الطرفين مع هذا الأمر.

ولفت إلى أن "اللاءات الخمسة " التي قالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأنه لن يتراجع عن المضي في الحرب على غزة حتى تحقيق مهمته وغيرها، لن تعيق مسار التفاوض أو تنفيذ الاتفاق، لأن فريق المفاوضين يواصل الأمر حتى الوصول لاتفاق والدليل على ذلك هو موافقة الاحتلال على إرسال الوفود والمضي قدما في التفاوض، مشيرا إلى أنه في الوقت نفسه هناك حذر وتخوف من تنصل إسرائيلي من الاتفاق.

وأكد أن جهود مصر في هذا التفاوض مهمة، فهي ضمانة ومحورية الدور في هذا السياق ما بين الأمني والسياسي والاستخباراتي والاستراتيجي، وتمضي في التفاوض وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، مشيرا إلى أن سيناريوهات اليوم التالي للحرب لم يتم أي توافق بشأنها لكن القضايا تدريجيا يتم بحثها حتى الوصول إلى حل.

محاور اتفاق المرحلة الأولى

ويقول الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن التفاؤل بشأن الجولة الحالية من المفاوضات مشهود بالحذر، لأنه حتى هذه اللحظة لا توجد بصراحة ملفات نضجت بشكل كامل، حيث نوقشت بعض الملفات بشكل حقيقي وتم الاتفاق على مفاتيح المرحلة الأولى تقريبا، مع الوصول إلى آلية التنفيذ وكيف سيتم إجراء المرحلة، لكن الانتقال إلى المرحلة الثانية هو ما يشهد بعض المعوقات.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه المرحلة تشمل موضوعات مثل معبر رفح ومحور صلاح الدين ومحور نتساريم تم مناقشته بعمق، لكن الاحتلال حتى هذه اللحظة يرفض الانسحاب منه، مضيفا أنه قد يؤجل كل ذلك واتخاذ قرارات بشأنها بعد أن ينهي نتنياهو زيارته لواشنطن، وهي الزيارة المرتقبة في 24 يوليو الجاري، لأن نتنياهو لديه مشكلة مع حكومته خاصة بن غفير، وسيلتقي في زيارته لواشنطن قيادات يهودية مختلفة وقيادات امريكية والجمهوريين ودونالد ترامب، فلديه طبعا سلسلة من اللقاءات المهمة بالنسبة له وستحدد مصير ملفات كثيرة من ضمنها ملف الحرب في جنوب لبنان.

وأكد الرقب أن نتنياهو يحتاج الوقت ولن يعطي قرارا قبل ذلك، لذلك فهناك ملفات التي نضجت وتم تسويتها والاتفاق عليها بصراحة، لكنها ستؤجل جميعها إلى بعد أن تنتهي زيارته إلى واشنطن، مضيفا أن الملفات التي تم حسمها والتي يطلق عليها مفاتيح إتمام الصفقة الجاهزة، وهذه تتضمن الإفراج عن قرابة 30 أسير إسرائيلي، فالمرأة والطفل مقابل كل واحد منهم 30 أسيرا فلسطينيا، والرجل فوق خمسين عاما مقابله 40 أسيرا فلسطينيا، أما المجندة مقابلها 50 أسيرا فلسطينيا.

ولفت إلى أن هناك حديث عن أن التنفيذ في الجولة الثانية سيبدأ أسبوعين من تنفيذ هذه المرحلة، وهذا تم الاتفاق عليه، وفي لقاءات القاهرة تم مناقشة معبر رفح ومحور فلاديلفيا وآلية تشغيله، وتم الاتفاق بشكل مبدئي على أن الإسرائيليين جاهزون لتسليم محور صلاح الدين والذي يطلق عليه محور فلاديلفيا ومعبر رفح مقابل أن تستلمه قوة فلسطينية ليست من السلطة وليست من حماس، وذلك من خلال بناء قوة فلسطينية جديدة، وهو أمر يمكن ترتيبه مع مصر أو مع دول عربية أخرى وهو ليس مستحيلا لكنه يجب أن يتم باتفاق مع حركة حماس.

وأشار إلى أنه فيما يخص موضوع عودة المهجرين قصر يا "النازحين " من الجنوب إلى الشمال تم الاتفاق عليه، بأن يتم السمح لهم بالمرور بعد أن ينسحب الاحتلال من محور هارون الرشيد على البحر، وأن تبقى كاميرات على حاجز نتساريم أو محور صلاح الدين، مؤكدا أن الاحتلال يقول إذا كانت الحركة بدون سلاح فلن يعترض على ذلك، فيشترط ألا يتحرك مسلحين، وهذا الامر بالتأكيد سيكون به ترتيبات خاصة.

وشدد على أنه إذا كان هناك مرونة في الحركة ستبدأ تدريجيا الانتقال إلى المرحلة الثانية، لكن الاحتلال لا يريد أن ينتقل إلى المرحلة الثانية ويتفق لوقف الحرب، وخاصة نتنياهو لانه يدرك أن نهاية الحرب تعني نهايته سياسيا، لذلك يحاول عرقلة أي اتفاق، لكن حتى الان الامور تسير في هذه السياقات بشكل إيجابي.

ولفت إلى أن الجولة الجارية من المفاوضات قال عنها الإعلام العربي إنها قد تستمر عدة أسابيع وذلك بهدف إطالة الأمد ، حتى إتمام زيارة نتنياهو لواشنطن في 24 يوليو الجاري، وإذا كان الأمر ليس في صالحه سيعيق الاتفاق بحجج وعراقيل مختلفة، وخاصة أنه أبلغ المبعوث الأمريكي أن هناك خطوط حمراء لأي اتفاق، ومنها عدم الحديث عن وقف الحرب، وهو أمر يرفضه الشعب الفلسطيني، فلا يمكن القبول بأي اتفاق بدون وقف الحرب، لذلك فالأقرب الآن هو تنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة لأن ذلك يرضي جميع الأطراف وتأجيل المراحل التالية لوقت لاحق.