السبت 3 اغسطس 2024

لا تحزن إن الله معنا.. موضوع خطبة الجمعة اليوم

خطبة الجمعة

تحقيقات12-7-2024 | 09:12

محمود غانم

تنشر بوابة "دار الهلال"، نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان"لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا"، حيث تتناول الخطبة تلك الكلمة وما فيها من تفاؤل وأمان، ثم تنتهي إلى أن إيمَانُ الإِنسَانِ بِمَعِيةِ الله يبعث الطمأنينة والأمان في القلب، والسكينة في النفس.

إلى نص الخطبة:

الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، حَمْداً كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشْهدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَشَرَّفْنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا أُمته، اللهم صل وسلم وبارك عليهِ ، وعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ: فَرِسَالَةُ أَمل (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) كَلِمَةُ طُمَأْنِينَةٍ وَأَمَانٍ وَتَفَاؤُلٍ، قَالَا سَيِّدُنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِلصَّدِّيقِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) لَيْلَةَ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ المُبَارَكَةِ مِنْ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ إِلَى المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَسَطَّرَهَا الْقُرْآنُ الكَرِيمُ بَاقِيَة خَالِدَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِتَكُونَ مَنْهَجَ حَيَاةٍ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِه لَا تَحْزَنَ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}، فَيا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا؛ وَلَا تَيْأَسُوا؛ فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا، وَمَعَ الكَرْبِ فَرَجًا، وَمَعَ البَلَاءِ لُطْفًا.

(لَا تَحْزَنْ) فَإِنَّمَا جَاءَ الحُزنُ فِي القُرْآنِ الْكَرِيم مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَمَنْفِيَّا، يَقُولُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا}، وَيَقُولُ تَعَالَى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}، وَيَقُولُ (جَلَّ جَلَالُهُ) فِي نَفْي الحُزْنِ عَنْ أَهْلِ الإِيمَانِ وَالإِصْلاح: {فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، وَأَخْبَرَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَنَّ أَهْلَ الجنَّةِ يَحْمَدُونَهُ عَلَى نِعْمَةِ إِذهَابِ الحَزَنِ عَنْهُمْ: {وَقَالُوا الحَمْدُ لله الَّذِي أَذْهَبَ عنا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }.

(لَا تَحْزَنْ) فَأَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الشَّيْطَانِ أَنْ يُحْزِنَ الإِنْسَانَ لِيَقْطَعَهُ عَنْ سَيْرِهِ إِلَى رَبِّهِ (جَلَّ وَعَلَا)، وَيَقُولَ بَينَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ مَهَامِهِ وَالْقِيَامِ بِرِسالَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ لِأَجْلِهَا، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}،( لَا تَحْزَنْ) فَقَدِ اسْتَعَاذَ سَيِّدُنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الحُزْنِ حَيْثُ قَالَ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهُم وَالحَزَنِ).

(لَا تَحْزَنْ) وَكَيْفَ يَحْزَنُ الْمُؤْمِنُ وَهُوَ يُوقِنُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، قَالَ نَبِينا (صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ): (عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ)، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلَّا لِّلْمُؤْمِن إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَه). 

وَلِمَاذَا لَا نَحْزَنُ؟ لِأَنَّ اللَّهَ مَعَنَا، مَعِيَّةُ نَصْرٍ وَتَأْييدِ، وَعِنَايَةٍ وَحِفْظُ، وَعَحَبَّةٍ وَتَوْفِيقِ، وَتَسْدِيدٍ وَإِنْهامٍ، مَعِيَّةٌ هي تِرْيَاقُ المَهْمُومِ، وَسَلْوَةُ المَحْزُونِ، وَأَنْسُ الحَائِرِ، وَأَمَانُ الخَائِفِ، وَالعُدَّةُ فِي كُلِّ شِدَّةٍ، وَالحِصْنُ مِنْ سِهَامِ البَوَائِقِ وَالشُّرُورِ وَالآفَاتِ، (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) فِي جَمِيعِ أَحْوَالِنَا، في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، فِي الشَّدَائِدِ وَالِمِحَنِ، فِي الخُطُوبِ وَالكُرُبَاتِ.

ومَا أَجْمَلَ أن تُحَصِّلَ أَسْبَابَ المَعِيَّةِ، وَنَطْرُقَ أَبْوَابَهَا، (فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) أَخْبَرَنَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَكُونُ مَعَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، الْمُتَّقِينَ، المُحْسِنِينَ الصَّابِرِينَ الذَّاكِرِينَ، تَخُوطُهُمْ عِنَايَتُهُ، وَيَحْقُهُمْ بِنَصْرِهِ وَتَأْبِيدِهِ، يَأْخُذُ بِأَيْدِيهِمْ إِذَا كَبَوْا، وَيُعِينُهُم إِذا احتاجوا، وَيَلْطُفُ بِهِمْ إِذَا خَافُوا، يَقُولُ رَبُّنَا (عَزَّ وَجَلَّ): {وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، وَيَقُولُ (جَلَّ وَعَلَا): {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ}، وَيَقُولُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلَا فِي الحَدِيثِ القُدْسِيّ: (أَنَا عِنْدَ ظَنْ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا

ذَكَرَنِي).

 

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

(إِنَّ اللهَ مَعَنَا): فإيمَانُ الإِنسَانِ بِمَعِيةِ الله (عَزَّ وَجَلَّ) وَالقِيَامُ بِحَقِّ هَذِهِ المَعِيَّةِ مِنَ الْتِزام الأَدَبِ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ السَّيْرِ إِلَى الله تَعَالَى - يَبْعَثُ الطُّمَأْنِينَةَ وَالأَمَانَ فِي القَلْبِ، وَالسَّكِينَةَ فِي النَّفْسِ، فَإِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ لَطِيفٌ بِخَلْقِهِ، قَرِيبٌ مِّنْ دَعَاهِ، وَمَنْ يَأْوِي إِلَى رَبِّهِ فَإِنَّمَا يَأْوِي إِلَى مَلِكِ الملوكِ وَمُدَبِّرِ الأَمْرِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَلَا خَوْفَ وَلَا حُزْنَ وَلَا يَأْسَ فِي رِحَابِ مَعِيَّةِ الله رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالله دَرُّ القَائِلِ:

أعْطِ المَعِيَّةَ حَقَّهَا * وَالْزَمْ لَمَا حُسْنَ الأَدَبُ

وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ عَبْدُهُ فِي كُلِّ حَالٍ وَهُوَ رَبْ

اللَّهُمَّ احْفَظْ مِصْرَنَا بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهَا بِمَعِيَّتِكَ إِنَّكَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ