أعلن أيمن مختار الجمال سفير مصر لدى جنوب السودان، أنه يتم حاليًا دراسة مقترح لتشكيل لجنة مشتركة بين القاهرة وجوبا لإعداد مشروعات البنية التحتية، ودراسات الجدوى الخاصة بها في جنوب السودان، لاسيما في مجالات الطرق والكباري والطاقة.
وأضاف: أن "إحدى المعوقات الرئيسية أمام تدفق استثمارات مصرية هي عدم وجود بنية تحتية من طرق ومحطات طاقة كافية، وهذه إحدى المشكلات التي سيتم معالجتها مع الجانب الجنوبي خلال الفترة المقبلة".
وأوضح الجمال، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن مصر تعمل جاهدة من أجل مساعدة جنوب السودان على تحقيق استقرار الأوضاع، واصفًا المبادرة التي طرحها الرئيس سالفا كير ميارديت، لإجراء حوار وطني بـ"الجيدة"، داعيًا المجتمعين الدولي والإقليمي إلى الالتفاف حولها لكي تكلل بالنجاح، لأنها ستكون السبيل الأمثل إلى تحقيق استقرار الأوضاع وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية في العام 2018.
كان سالفا كير، قد طلب خلال كلمة له أمام برلمان بلاده في منتصف شهر ديسمبر الماضي، من شعبه الصفح عن أي أخطاء قد يكون ارتكبها بحقهم، مطالبًا بالشروع فورًا في الترتيب لعقد حوار وطني جامع لحل مشكلات البلاد، متعهدًا باتخاذ كل الإجراءات الصارمة بحق كل من يروج لخطابات قبلية تعزز الكراهية وترفض نبذ العنف.
وبشأن مستوى العلاقات التي تجمع بين البلدين، وصف السفير المصري بجوبا العلاقات بـ"الأخوية والوثيقة"، مشيدًا بمستوى التنسيق والتشاور الثنائي بين البلدين، خاصة فيما يخص الأوضاع بجنوب السودان، قائلاً: "هناك تنسيق يتم بشكل دوري ما بين وزارتي الخارجية بالبلدين، إضافة إلى تبادل الزيارات الرسمية لوفود البلدين، بجانب الاجتماعات الدورية التي تتم خلال المؤتمرات الدولية والإقليمية، وكذلك هناك تنسيق وتشاور بين مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة ومندوب جنوب السودان هناك، خاصة فيما يخص الأوضاع بجنوب السودان والتي يتم تداولها داخل مجلس الأمن الدولي، وهو ذات مستوى التنسيق الذي يتم في إطار الاتحاد الأفريقي".
وأضاف الجمال، أن "مشاعر الأخوة التي أظهرها الرئيس سالفا كير، خلال زيارته في يناير الماضي، ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، هي ذات المشاعر التي يكنها أبناء جنوب السودان، حيث يوجد امتنان واعتزاز بالدور الذي تقوم به مصر في المجالات كافة سواء الدعم الإنساني أو التنموي، خاصة وأن جزءًا كبيرًا من هذه المشروعات التي تم افتتاحها مؤخرًا كانت تمس المواطن بشكل أساسي".
وحول المشروعات التي تم افتتاحها مؤخرًا، أشار السفير المصري إلى أنه تم مؤخرًا افتتاح ست محطات مياه، نفذتها مصر، في 5 أحياء مختلفة بمدينة جوبا، بالإضافة إلى مشروعين آخرين تم الاتفاق عليهما، وهما مزرعة سمكية وأخرى للإنتاج الحيواني وإنتاج الألبان في مدينة (واو)، وأنه تم بالفعل توقيع عقود هذه المشروعات للبدء في التنفيذ في يونيو 2016، وذلك بعد استلام الأراضي الخاصة بها، غير أن أحداث الأزمة التي شهدتها البلاد في يوليو من العام ذاته حالت دون ذلك.
واندلعت مواجهات عنيفة في العاصمة جوبا في 8 يوليو 2016، بين المتمردين بقيادة رياك مشار الذي كان نائبًا لرئيس الجمهورية، والقوات الحكومية، ما أدى إلى فرار مشار إلى الكونغو الديمقراطية ومنها إلى السودان، ثم إلى جنوب أفريقيا حيث استقر هناك.
وأوضح أن الحالة الأمنية خارج جوبا تحول- حتى الآن- دون البدء في تنفيذ مشروعي الإنتاج السمكي والمزرعة النموذجية، مضيفًا "حتى لا يتم تأخير هذه المشروعات، تم الاتفاق على تحويل مشروع (المزرعة السمكية) من تركاكا إلى جوبا، بحيث يتم تنفيذه في إطار استقرار الأوضاع الأمنية في جوبا، وتمت معاينة الأرض المخصصة لإقامته، ونحن الآن في انتظار إجراءات تخصيص الأرض، وبعدها سيتم إرسال وفد من وزارة الزراعة لمعاينتها والبدء في تنفيذها فورًا".
واختتم السفير المصري تصريحاته الخاصة بالتذكير بالحضور المصري الفعال في مختلف الاتفاقيات التي يتم توقيعها بخصوص إعادة الاستقرار في جنوب السودان، خاصة اتفاقية السلام الشاملة، حيث تابعت مصر الاجتماعات التحضيرية للاتفاقية، باعتبارها من أصدقاء الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا (إيجاد)، وهي المنظمة التي رعت الاتفاقية، وتضم 8 دول وهي جيبوتي وأريتريا وأثيوبيا وكينيا والصومال والسودان وأوغندا وجنوب السودان.
كما نوه السفير بمشاركة مصر- أيضًا- في اتفاقية (أروشا) التي هدفت إلى توحيد الحركة الشعبية من أجل إعادة اللُحمة الوطنية ثانية إلى جنوب السودان، والتي تمت في تنزانيا، التي حرصت على دعوة مصر للمشاركة في اجتماعاتها.
ووقعت فصائل الحركة الشعبية الثلاثة في مدينة (أروشا) التنزانية، في 21 يناير 2015، اتفاقية لإعادة توحيد الحركة التي انقسمت إلى الحركة الشعبية في الحكومة والحركة الشعبية في المعارضة والحركة الشعبية (المعتقلون السابقون)، وفي 17 أغسطس من العام ذاته وقعت الجماعات المتمردة بقيادة رياك مشار على اتفاق سلام في أديس أبابا، ينص على وقف إطلاق النار وتقاسم السلطة، بينما وقع الرئيس سالفا كير على الاتفاق ذاته بجوبا في 26 من الشهر نفسه لإتاحة الفرصة أمام السلام، وإنهاء أعنف اشتباكات شهدتها البلاد منذ الاستقلال.