الأربعاء 17 يوليو 2024

سياسيون: الاحتلال ارتكب مجزرة المواصي لإفشال مسار المفاوضات القائم

المجزرة

تحقيقات13-7-2024 | 20:37

محمود غانم

لا يمكن وصف الرغبة الجامحة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في إحداث الدمار والقتل، حيث أقدم بدم بارد على قصف خيام النازحين بمنطقة المواصي في خان يونس جنوبي قطاع غزة، رغم تصنيفها على أنها ضمن "المناطق الآمنة"، مما أسفر عن استشهاد 71 فلسطينيًا، وإصابة 289 آخرين بينهم حالات خطيرة.

وتأتي المجزرة في وقت لا توجد به مشافي قادرة على استقبال هذا العدد الكبير من جثث الشهداء والجرحى، وبالتزامن مع تدمير الاحتلال للمنظومة الصحية في قطاع غزة، حسبما يذكر مكتب الإعلام الحكومي بغزة.

وليست هذه المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال مخيمات النزوح في المناطق التي زعم أنها "آمنة"، وسرعان ما حاول تبرير تلك الجريمة البشعة بالقول:"إن المنطقة يتواجد فيها هدفين بارزين من حركة حماس"، وذلك دون تسميتهما.

وفي الواقع، فإن جيش الاحتلال لم يستهدف إلا مجموعة من الخيام تضم النازحين، الذين دفعهم إليها على مدار الأشهر السابقة بدعوى أنها "إنسانية آمنة".

من جهتها، نفت حركة حماس، صحة الادعاءات الإسرائيلية باستهداف قيادات تابعة لها في منطقة المواصي، مؤكدة أن هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقًا.

وفي الوقت نفسه، أكدت أن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة، مشيرة إلى أن الاحتلال يرتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين في خيام ومراكز النزوح غير مكترثة بدعوات وقف استهدافهم وغير ملتفتة لأي من قوانين الحروب.

إفشال مسار المفاوضات

وبات السؤال الأبرز في هذه الأثناء.. هل ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك المجزرة البشعة لإفشال مسار المفاوضات القائم، في ظل حديث الوسطاء عن أن المؤشرات أكثر إيجابية الآن؟.

وأجمع سياسيون على أن جيش الاحتلال ارتكب تلك المجزرة البشعة في هذه الأثناء؛ لإفشال مسار المفاوضات القائم مع حركة حماس، مما يخدم مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدافع لإطالة أمد الحرب لأكبر وقت ممكن، لأن انتهاء الحرب يعني السطر الأخير في حياته السياسية.

في غضون ذلك، أكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب تلك المجزرة البشعة في هذه الأثناء، يستهدف إفشال مسار المفاوضات القائم مع حركة حماس.

وأوضح في حديثه لـ"دار الهلال"، أن الاحتلال لا ينوي وقف الحرب المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، مشيرًا إلى أن الضغوط الممارسة عليه على طاولة المفاوضات، تدفعه للاستجابة، وذلك يوضح لماذا تلك المجزرة البشعة في هذا الوقت، حيث ارتكبت لإحراج الوسطاء، مما يدفعهم إلى رفع أيديهم من المسار التفاوضي.

وشدد بيومي على أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي يدرك جيدًا أن توقف الحرب على القطاع، قد يحمله إلى السجن، لذلك سوف يظل يرتكب تلك المجازر، ولن يتوقف، مؤكدًا على أن المقاومة سوف تظل مستمرة ببذل عشرات ومئات الأرواح، دون التنازل عن أرضنا.

وأشار إلى أن قيام جيش الاحتلال بارتكاب تلك المجزرة البشعة في منطقة يزعم أنها آمنة، فهذا جزء من أخلاقياته الذي اعتاد عليها، وليس بالجديد الذي يذكر.

وبسؤاله هل تنسحب حركة حماس من المسار التفاوضي القائم أم تكمل المفاوضات، أجاب الدبلوماسي السابق، بأننا جميعًا لا بد أن نمتلك آذان صاغية من يحاورنا نحاوره، وإلا نستمر في المقاومة.

ولا يملك الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، القول بأن توقف حركة حماس المسار التفاوضي أم تكمله؛ لأن الأمر يرجع لها، لكنه يجزم أن الاحتلال ارتكب تلك المجزرة؛ لإفشال المسار التفاوضي القائم.

ويؤكد في حديثه لـ"دار الهلال"، أن "نتنياهو" يتبع سياسة كسب الوقت، وبالتالي فكرة الوصول إلى هدنة، لن تحقق هدفه، الذي يكمن في النجاة من المحكمات، مما يفسر هذه المجزرة البشعة، خصوصًا أنه لا توجد أي شواهد على وجود كوادر عسكرية تابعة لحركة حماس؛ لأن المستهدفين كلهم مدنيين.

ومنطقة المواصي مصنفة على أنها سكنية آمنة، أي أن تلك المجزرة مخالفة للقوانين الحرب، مما يعني استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل، بدليل ما أسفرت عنه تلك المجزرة من سقوط 300 ما بين شهيد وجريح، ولم يحقق زعمه، في إشارة إلى قول جيش الاحتلال الإسرائيلي "إن المنطقة يتواجد فيها هدفين بارزين من حركة حماس"، حسبما يذكر أستاذ العلوم السياسية، الذي أضاف:"إذًا إسرائيل ترى أنها فوق القانون الدولي، وأن لا أحد يستطيع أن يردعها".

وأكد أنه في ظل تلك المجزرة البشعة من الطبيعي أن تتعثر المفاوضات؛ لأن ليس من المعقول أن تتفاوض على حقن الدماء ووقف إطلاق النار، وتحدث تلك المجزرة البشعة، مشددًا على ضرورة أن يتواصل مسار المفاوضات، الذي من الطبيعي أن يواجه التحديات، وهذه المجزرة من بين التحديات.