الأربعاء 17 يوليو 2024

شهادة مثقف | عبد اللطيف فردوس مسرحي مغربي ينفتح على المسرح العربي والمصري

المسرحي المغربي عبد اللطيف فردوس

ثقافة15-7-2024 | 18:12

دعاء برعي

لا يمكن فصل تجربة كل مبدع عن مسار حياته، كما لا يمكن فصل مسار حياته عن محيطه الخاص والعام بظروفهما وملابساتهما.

وقد انطلق المسار الإبداعي لعبد اللطيف فردوس، المؤلف والمخرج المسرحي، ومؤطر الورشات المسرحية للشباب، من المغرب وتحديدًا من مدينة مراكش، إلى مختلف العواصم العربية.

ووفقًا لشهادته التي خص بها "بوابة دار الهلال"، ينطلق عبد اللطيف من إيمان أن الحياة أخذ وعطاء، وأن هناك دينًا على رقبته تسلمه ممن علموه وكوّنوه، أن ينقل مكتسباته وخلاصات تجاربه إلى الأجيال الصاعدة، فأخذ على عاتقه مسؤولية تأطير ورشات الشباب في المسرح بمختلف مناطق المغرب، وخارجه في مسقط بسلطنة عمان، وجوهانسبورغ جنوب إفريقيا، وميامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وفيلستد بالمملكة المتحدة.

 

نشر عبد اللطيف نصوصًا مسرحية في موسمي 2024/2023 هي "عبور"، و"سيدي بلعباس"، و"الدكتور فاوستوس أسطورة الإنسان الذي"، واتخذ من الذكاء الاصطناعي تيمة رئيسية للاشتغال، حيث أنتج الشباب في الورشات التي أطرها أكثر من 45 نصًا مسرحيًا قصيرًا ستنشر إذا سمحت الظروف بذلك وفق فردوس.

 

ونظرًا لارتباطه بعالم الرياضة، حيث كان لاعبًا ومدربًا في الكرة الطائرة، تم اختياره لإعداد وإخراج حفليّ افتتاح البطولة العالمية للألعاب المدرسية التي أقيمت بالمغرب سنة 2000، إضافة إلى الإشراف الفني إعدادًا وإخراجًا على حفلات افتتاح مجموعة من البطولات الوطنية والإقليمية.

 

اشتغل عبد اللطيف فردوس مع أهم الفرق المسرحية بالمغرب التي منها فرقة الوفاء المراكشية، مخرجًا لمسرحية "عطيل بين الحلقة والاوطيل"، وفرقة مسرح تانسيفت الشهيرة، مؤلفًا لمسرحيتيّ "التسليم للأسياد" عن "جزيرة العبيد" لماريفو، و"كيف طوير طار" عن "المثري النبيل" لموليير، أيضًا عمل مع فرقة الأصدقاء بفرنسا كمؤلف لمسرحيتيّ "شرف الحرب" و"لحريق تحت الدفة" ببطولة من الفنانة لطيفة أحرار، المديرة الحالية للمعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي ابتداءً من 2023.

 

وحضر مشكل البيئة بقوة في أعمال المؤلف والمخرج خاصة مع الأطفال، وتجلى ذلك في مسرحية "غول لطيف" الذي ألّفها، و"الأسد الضائع" التي أعدها وأخرجها عن النمر في السيرك لزكريا تامر، واللتان حصلتا على جوائز في مهرجان المسرح المدرسي بالمغرب.

 

وحين فرضت الظروف العامة بالمغرب على الفنانين التكتل للدفاع عن حقوقهم بتأسيس أول نقابة، انتخب عبد اللطيف فردوس نائبًا للأمين العام لأول فرع جهوي للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح. وافتتح مسار تقلد مسؤوليات في الحياة العامة للمسرح، عضوًا للجنة دعم المشاريع المسرحية لوزارة الثقافة 2016، وعضوًا للجنة انتقاء عروض مهرجان المسرح الوطني بتطوان لموسم 2016، وعضوًا للجنة اقتراح المسرحيات المغربية لمهرجان المسرح العربي بالجزائر 2016.

 

مسار المبدع المهني كأستاذ جعله أكثر التصاقًا بالمسرح المدرسي، فكتب وأخرج مسرحيات شاركت بها المؤسسات التعليمية في المهرجانات الإقليمية والوطنية للمسرح المدرسي بالمغرب، وكانت الحصيلة 32 مسرحية ما بين الإعداد والإخراج، كما أعد وأخرج جميع الحفلات المناسباتية التي نظمتها النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بمراكش ما بين سنتي 1978 و 1988.

 

يقول عبد اللطيف فردوس: "المغرب بلد الثقافة الغنية والمتنوعة الروافد -أمازيغي، وعربي، وإفريقي وصحراوي- والمنفتح على الحضارة الأوروبية. تمتد جذوره التاريخية إلى 2974 وهي السنة الأمازيغية (الممالك الأمازيغية بشمال إفريقيا). ومراكش مسقط رأسي فهي عاصمة المرابطين منذ نشأتها 1072م ، ثم عاصمة للموحدين والسعديين من بعدهم، ما جعلها مركزًا حضاريًا متميزًا".

 

ويضيف: "في هذه المدينة لامس رأسي هذه الفترة، يدي القابلة (الداية) سنة 1954 وسط زغاريد خافتة مكتومة، واختيار واعٍ من طرف الوطنيين بارتداء السواد، حينها كان المغرب يخضع للاحتلال الفرنسي الذي فرض عليه منذ 1912. وفي نفس الزمن بدا هذا البلد يتطلع إلى عودة ملكه محمد الخامس سنة 1955من منفاه واستقلال البلاد سنة 1956".

 

ويوضح: "بعد نكبة 1967 وأحداث ماي 1968 بفرنسا، انخرطت ـوكنت في سن الثالثة عشرة من عمري ـ في جمعية مسرحية، وهي "النادي الفني المراكشي/ كوميديا"، حيث تلقيت تكويني المسرحي على يد أساتذة كبار في الجمعية، وعلى رأسهم المخرج عبد العزيز الزيادي رحمه الله، أحد أعمدة المسرح المغربي، وتعد جمعية "النادي الفني المراكشي" واحدة من أهم الجمعيات المسرحية التي حققت بصمة واضحة على الحركة المسرحية المغربية بطابعها الخاص، وساهمت في بلورة وتطور الفعل المسرحي الجاد منذ 1956 سنة تأسيسها إلى يومنا هذا".

 

داخل "كوميديا" تشبع التلميذ المنخرط بالعمل الجمعوي، ما شكّل في ما بعد قناعاته بالشكل الفني الذي بصم مسرح الهواة في المغرب خلال السبعينيات، المتميز بالتجديد والتجريب والانفتاح على مسرح الأخر، خاصة في مصر وسوريا والعراق، وعلى مسرح شكسبير وموليير وليس من باب الغرابة أو الصدفة أن أول نص اشتغل عليه المبدع كمخرج وكاتب كان مسرحية "الهلافيت" للمسرحي المصري محمود دياب التي اختار لها بعد مغربتها كعنوان "الانتظار" وعُرضت في أهم الملتقيات التي كانت تنظم حينها بالمغرب، وهي ملتقى رواد الخشبة بمكناس، وملتقى أنوار سوس بأكادير، وملتقى النبوغ بالمحمدية، إضافة إلى عروض بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، ومدن أخرى.

 

وحول ثاني تجارب عبد اللطيف المسرحية يقول: "كانت «المهرج» للشاعر والمسرحي السوري محمد الماغوط، إلا أن هذا لم يمنعني من العمل على الفرجات الشعبية المحلية التي كنت أستقيها من قرى ودواوير مختلف المناطق المغربية ومن جامع لفنا بمراكش، وساحة الفرجات الشعبية، وبعد أن أغرتني تجربة فرقة ورشة "إبداع دراما" بمراكش واقتنعت بمشروعها المتعلق بـ"مسرحة الأشكال الفرجوية في التراث المغربي" دخلت معها في تفاعل وعملٍ استغرق عشرين عامًا، انطلاقًا من 1995، ألفتُ خلالها عبد اللطيف أكثر من 15 نصًا مسرحيًا، حولتها الفرقة إلى عروض متميزة، ونُشر أغلبها وصورت بعض عروضها للقناة الأولى والثانية بالتلفزيون المغربي. كما شارك جلها في المهرجان الوطني للمسرح الاحترافي بمكناس، ونالت جوائز التأليف بمسرحية "التبوريدا وعبيدات الرما"، والجائزة الكبرى بمسرحية «لبسايطية»".

 

ويؤكد: "بعد نكسة 1967 وحرب أكتوبر 1973 حضرت القضية الفلسطينية بشكل قوي في المسرح المغربي، ولم أخرج عن القاعدة، فاشتغلت على مسرحية "تراجيديا السيف الخشبي" و"الرش الثامن من النزيف التراجيدي" لـ محمد مسكين صاحب تيار مسرح النفي والشهادة بالمغرب، إلى جانب تيار الاحتفالية والمسرح الجدلي وتيارات أخرى. وأنجزت رفقة الشباب آنذاك مسرحية شعرية عنوانها "هوامش على دفتر النكسة" لنزار قباني، و"البطل" لعبد الغفار مكاوي، و"إيزيس" لتوفيق الحكيم، و"جلجامش"، و"اوديب ملكا" من إعداده وإخراجه".