الخميس 21 نوفمبر 2024

ثقافة

حكايات مختلفة والأصل واحد .. كيف تحدثت الأساطير القديمة عن صراع الإنسان مع العالم المادي؟

  • 22-7-2024 | 01:44

أٍطورة جلجامش

طباعة
  • إسلام علي

ظهرت شخصية هرقل بأكثر من وجه في الأساطير القديمة فقد ظهر في الأساطير اليونانية باسم "هيراكليس" وأيضا تشابهت شخصيته وصفاته مع  الأساطير الأخرى مثل ملحمة جلجامش في بلاد الرافدين، وأعاد الظهور مرة أخرى في الأساطير السلتية القديمة في شخصية بلور.

 

أسطورة هرقل

تعد أسطور هرقل اليونانية أحد أقدم الأساطير التي تتحدث عن شخصية لها قوة خارقة، ولد هرقل لأم بشرية وهي ألكمينا، وأب وهو زيوس ملك الآلهة، فكان نصف إله ونصفه الآخر إنسان، اشتهر بقوته الخارقة وبالعديد من المغامرات والمهام الصعبة التي أكسبته شهرة واسعة.

كلف هرقل بالعديد من المهام الصعبة لغفران خطاياه، والتي من بينها: قتل الأسد النيمي والذي يعرف عنه بأنه لا يقهر، وقتل الهيدرا وهو حيوان مائي متعدد الرؤوس،  وذلك بمساعدة ابن عمه يولوس، ثم أسر الخنزير إرمانثوس، ومن ثم اصطياد الغزال ذو القرون الذهبية.

ثم كلف بعدها بالمهام الأكثر صعوبة، وهي: تنظيف أسطبلات أوغياس المعروف عنها بأنها مملوئة بالروث منذ سنوات عديدة، وينبغي لتنظيفها تحويل مجرى نهر، وبالفعل تمكن هرقل من ذلك، ومن ثم استمرت المراحل الأكثر صعوبة في الظهور لهرقل.

طلب منه  قتل الطيور الستيمفاليدية، وهي طيور ضخمة ومخيفة، وكانت تهاجم المحاصيل والبشر، وتمكن هرقل من طردها من المنطقة باستخدام قرون ملك كريت، ثم أسر الثور كريتي، وسرقة الخيول من ديوميدس، وكان ديوميدس ملكا تراكيا يملك خيولا شرسة تأكل لحوم البشر، وتمكن هرقل من سرقة الخيول بعد قتال مرير.

وتمكن هرقل من الحصول على حزام هيبي، ثم سرقة التفاح الذهبي من حديقة الهسبريدس، ثم أسر ابقار من جريون، ثم في نهاية المطاف، استطاع سحب الكلب سيربيروس من العالم السفلي مؤقتا من ثم انتهت جميع المهمات بالنجاح، وكانت هذه المهمات ترصد لنا صراع الإنسان مع العالم المادي الذي يزداد شراسه كلما عبر من مرحلة إلى أخرى.

 

ملحمة جلجامش

أما في ملحمة جلجامش، فتتكرر نفس الرمزية التي تريد الحضارات القديمة إيصالها لنا عن طريق حكاية، فتلك الملحمة تعد من أقدم الملاحم الأدبية في التاريخ، وتعود إلى الحضارة السومرية في بلاد الرافدين، وتحكي الملحمة قصة الملك جلجامش، ملك مدينة أوروك، الذي كان ثلثه إله وثلثيه إنسان، وذلك يتشابه مع الأساطير السابقة.

يرمز ظهور أبطال القصص والأساطير في هيئات متعددة وهي نفس إنسان ونصف إله مما يرمز إلى أصل الإنسان الإلهي والذي تحدثت عنه جميع الأديان، فتبدأ الملحمة برجل يدعى إنكيدو خلقته الألهه ليكون ندا لجلجامش، ولكن تنشأ بعد ذلك صداقة قوية بينهما بعد معركة عنيفة ينتصر أإحداهما على الأخر.

يقرر جلجامش وإنكيدو الذهاب إلى غابة الأرز لقتل همبابا، حارس الغابة الذي خلقه الإله إنليل، ولكن بمرور الأحداث يتوفى إنكيدو، فيحزن عليه جلجامش، ويبدأ رحلة للبحث عن الخلود، فيقرر الذهاب إلى رحلة إلى العالم السفلي،  فيسافر جلجامش إلى العالم السفلي ليطلب العون من نابشتيم، ليهرب من مصير الموت الذي يخشاه بعدما فقد صديقه.

يصل جلجامش إلى أوتنابشتم، الذي يخبره قصة الطوفان العظيم وكيف نجا وحصل على الخلود بمساعدة الآلهة، يرشد أوتنابشتم جلجامش إلى نبتة تمنح الشباب الدائم، ولكن في طريق عودته إلى أوروك، يسرقها ثعبان، مما يحبط جلجامش، ويعود جلجامش إلى أوروك ويقبل في النهاية بأن الخلود ليس للبشر، يدرك أن ما يمكنه فعله هو تحقيق أعمال عظيمة وترك أثر دائم.

 

بلور..الأسطورة السلتية

بلور هو شخصية من الأساطير السلتية، وهو عملاق ذو عين واحدة معروف بقوته الهائلة وقدراته العجيبة، يعد بلور من الشخصيات البطولية في هذه الأساطير، وكان يشتهر بقدرته على التدمير، فكانت عين بلور تمتلك قوة سحرية، بإمكانها تدمير أي شيء بمجرد النظر إليه.

حصل بلور على هذه العين الخارقة بعد أن تعرض لسم من بعض السحرة، مما جعل عينه تحمل قوة مدمرة، تلقي بلور نبوءة تقول أنه سوف يقتل على يد حفيده، لذلك قرر حبس ابنته إثلين في برج لمنعها من الزواج والحمل، ولكن تمكن شخص يدعى كيان، من الوصول إليها والإرتباط بها، ثم ولد لهما ولد يدعى لوغ، وعندما كبر، دخل في معركة كبرى مع جده والذي نجح في قتله في الأخير محققا النبوءة.

 

الصفات المشتركة في الأساطير الثلاثة

تميز كل من هرقل، جلجامش، وبلور بالقوة الخارقة وصفات بطولية تجعلهم قادرين على مواجهة تحديات كبيرة، إذ ان هذه الصفات صفات إليهة، والتي يقال عنه الصفات التي خلق الإنسان بها، وأن جميع المراحل التي يمر بها الأبطال في الثلاثة أساطير هي لأجل الحفاظ على هذه الصفات الإلهية في العالم المادي.

بينما يسعى جلجامش للبحث عن الخلود بعد وفاة إنكيدو، يتحدى هرقل الموت ويقوم بمهام تهدف إلى تطهيره من الخطايا وإثبات قوته، وجميع الأبطال يواجهون مخلوقات قوية وأعداء خطرين، مما يعزز مكانتهم كأبطال أسطوريين.

وتعد ظهور نفس الشخصية بأسماء مختلفة في أكثر من مكان في أزمنة مختلفة، يرمز إلى اللاوعي الجمعي الذي تميزت به الإنسانية على مر العصور، فيعتقد العلماء أن هناك مركز مشترك بين البشر يأتي منه الإبداع والإلهام وهو المصدر الإلهي، فكلما كانت السعي نحو هدف مشترك، كلما ظهرت نفس الأفكار، فجوهر ما يفكر فيه الإنسان واحد مثل الحياة والموت والحكمة وغيرها.                                          

أخبار الساعة

الاكثر قراءة