في إطار سعيها المستمر لتعزيز النمو الاقتصادي وتحفيز بيئة الأعمال، تبذل الدولة المصرية جهودًا مكثفة لجذب الاستثمارات الخارجية من خلال تنفيذ مجموعة من الإصلاحات وتسهيلات للإجراءات، كما تسعى الحكومة المصرية إلى تقديم حوافز استثمارية متميزة وتسهيلات لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز موقع مصر كوجهة رئيسية للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، تسلط بوابة دار الهلال الضوء على تحليلات وتوضيحات خبراء الاقتصاد حول جهود الدولة المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، والتحديات التي قد تواجههم مع رصد كيفية التغلب عليها.
تطوير البنية التحتية والتشريعية لجذب الاستثمارات
قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير المالي والاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن الدولة المصرية بذلت جهوداً كبيرة منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر 2019 لجذب الاستثمارات عبر عدة محاور. شملت هذه الجهود تحسين البنية التحتية، حيث تم ضخ تريليونات الجنيهات لتنفيذ مشاريع في جميع المحافظات، بما في ذلك بناء شبكة طرق، وتطوير الأراضي الصناعية، وتحديث الموانئ والمطارات، بالإضافة إلى تحسين خدمات الطاقة والاتصالات، وكل ذلك بهدف تعزيز بيئة مناسبة للاستثمار.
وأضاف الخبير المالي والاقتصادي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن الحكومة عملت على تحسين وتطوير البنية التشريعية من خلال تقديم حوافز عديدة للمستثمرين، وشاركت في التكتلات الاقتصادية العالمية مثل مجموعة بريكس، الكوميسا الأفريقية، واتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، كما عززت العلاقات مع الدول الأخرى لفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية.
وتابع عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الخطوات لتطوير الهيكل الإداري، وتبسيط الإجراءات، والحد من البيروقراطية أمام المستثمرين، موضحاً أن هذه الجهود أثمرت في جعل مصر الوجهة الاستثمارية الأولى في أفريقيا بالنسبة للاستثمار الأجنبي. ومع ذلك، لا تزال طموحات الدولة كبيرة، حيث تسعى لزيادة حجم الاستثمارات المباشرة رغم التحديات التي تفرضها الظروف العالمية.
وأشار جاب الله، إلى أن الدولة المصرية تواجه عدة تحديات في جذب المزيد من الاستثمارات، منها التحديات الخارجية المرتبطة بصعوبة الظروف العالمية وتقلص حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالمياً، كما تشمل التحديات الداخلية استمرار موجة التضخم، والحاجة إلى بذل مزيد من الجهود لإزالة العقبات البيروقراطية وخلق بيئة أكثر استقراراً للمستثمرين.
وأوضح وليد جاب الله أن المؤتمر الاقتصادي في الحوار الوطني قدم العديد من الحلول للتغلب على التحديات التي تواجه الدولة في جذب المزيد من الاستثمارات، ومع ذلك، يرى أن الأهم هو كيفية إدارة هذه المقترحات، بما في ذلك اختيار التوقيت المناسب لتنفيذها، مشيراً إلى أن التغيرات الحكومية الجديدة تمثل فرصة لتنشيط العملية الاستثمارية، شريطة أن تشمل هذه التغيرات مجموعات العمل داخل الوزارات والهيئات، مما يساهم في تجديد الدماء وتعزيز التواصل الجاد والفعّال بين الدولة وقطاع الأعمال.
الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط لا تعرقل الاستثمار في مصر
قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن الدولة المصرية تبذل جهوداً حثيثة لإزالة كافة العقبات التي تواجه المستثمرين بهدف جذب المزيد من الاستثمارات، وتهدف هذه الجهود إلى توطين صناعات جديدة، مما سيساهم في زيادة الناتج المحلي، وتعزيز الطاقات الإنتاجية، وتقليص فاتورة الواردات، وتوسيع الفرص التصديرية للاستثمارات الأجنبية، وهو الهدف الذي تسعى القيادة السياسية لتحقيقه.
وأوضح الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن الحكومة اتخذت خطوات متعددة لزيادة حجم الاستثمارات في مصر، منها منح الرخصة الذهبية للشركات التي تؤسس مشروعات استراتيجية أو قومية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وفقاً لخطة التنمية الاقتصادية للدولة، كما تم تعديل قانون الاستثمار أكثر من مرة ليتماشى مع احتياجات المستثمرين، بالإضافة إلى تثبيت سعر الصرف لجذب المزيد من الاستثمارات.
وأضاف الشافعي أن الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط لا تشكل عائقاً أمام الاستثمارات في مصر، لأن مصر تتمتع بالأمن والاستقرار وتبتعد عن الاضطرابات السياسية في المنطقة، وقدرتها على حماية حدودها من جميع الجهات تجعلها وجهة جاذبة للمستثمرين.
صفقة رأس الحكمة تعزز جذب الاستثمارات لمصر
قال الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، إن الحكومة تكرر ترحيبها بالاستثمارات الأجنبية بشكل مستمر، خاصة مع إبرامها صفقات كبيرة مثل صفقة رأس الحكمة، التي ساهمت في جذب العديد من المستثمرين للاستثمار في مصر.
وأوضح الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أنه تُجرى إجراءات لعقد صفقات جديدة تعزز الاقتصاد المصري، كما يتميز السوق المصري بعوامل جذب كبيرة للمستثمرين، مثل التنافسية والربحية العالية مقارنةً بالاقتصادات الأخرى.
وأضاف الدسوقي أننا بحاجة إلى بذل جهود إضافية لتبسيط الإجراءات للمستثمرين، خصوصاً في ما يتعلق بتخصيص الأراضي وتوفير التراخيص اللازمة، مشيرا إلى أن الاقتصاد المصري لن يشهد نمواً ملحوظاً دون زيادة الاستثمارات، سواء كانت محلية أو أجنبية، حيث لا تكفي الاستثمارات المحلية وحدها لتحقيق معدل نمو كبير، ويجب جذب الاستثمارات الأجنبية لتعزيز النمو الاقتصادي.
وأشار الدسوقي إلى أكبر التحديات التي تواجه المستثمرين في مصر، وهي الإجراءات البيروقراطية، مؤكدا على ضرورة أن تعمل الحكومة ووزارة التنمية المحلية على تجاوز هذه البيروقراطية من خلال وضع قوانين تنظم هذه الإجراءات بشكل فعال.