باب اللوق أحد أحياء منطقة وسط البلد بالقاهرة، أنشئ منذ أكثر من 700 عامًا، ويضم أقدم وأشهر سوق تجارية عرفتها مصر وهي سوق باب اللوق التي تم افتتاحها 1912م، وأنشأ ميدان باب اللوق الملك الصالح أيوب لممارسة رياضة الفروسية وركوب الخيل والرماية، ولكن ما حكاية باب اللوق وسر تسميته بهذا الأسم، هذا ما سنتعرف عليه خلال السطور التالية ضمن سلسلة حلقات شوارع المحروسة التي تلقي الضوء على تاريخ وقصص شوارع مصر المحروسة.
سبب التسمية
يقول الكاتب والمؤرخ عباس الطرابيلي في كتابه «شوارع لها تاريخ» إن تسمية باب اللوق بهذا الأسم تنوعت بين آراء مختلفة، فالرأي الأول يقول أنّ الأرض كانت ليّنة، أو كمّا وصفَت، كانت «تُلاَق لوقًا»، أيّ تُبذَر فيها البذور، ويُضغط عليها بألواح خشبيّة حتى تغوص البذور داخل الأرض، التى لم تكُن بحاجه إلى الرى حتى تمام نضج النبات بسبب المياه التي تشبعت بها التربة خلال شهور الغمر طوال الصيف.
ويقول رأي آخر حول سبب التسمية إن اللوق أو «اللّق» هي الأرض المُرتفعة، ويظهر هذا من رسالة الخليفة الأموي، عبد الملك بن مروان، إلى واليه بالعراق، الحجاج بن يوسف الثقفي، عندّما أمره ألا تترُك «لقا» ولا خقًا إلا زرعتُه، والخق هو الغدير إذا جفّ، أو ما انخفضَ من الأرض، وهذا هو سبب تسمية الحي باللوق.
واستخدمت أرض اللوق كميدان أنشأه السلطان نجم الدين أيوب ليمارس هو وفرسانه لعبة «الأكرة» وهي مزيج من الفروسية والجولف؛ حيث يلعبها الفرسان من على ظهر الخيل، وكان لهذا الميدان سور وباب لدخوله ومن هنا جاء اسم باب اللوق. إلى أن ألغى الظاهر بيبرس الميدان وأنشأ آخر مكان التحرير وجاردن سيتي حاليا.
تاريح حي باب اللوق
في القرنين السادس والسابع الهجريين، أيّ الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، كانت تمتَد أرض اللوق قديمًا من ميدان عابدين الحالي شرقًا إلى المجرى الحالي للنيل غربًا، ومن حي المنيرة جنوبًا إلى شارع فؤاد «26 يوليو» حاليًا.
وفي عام 1241، أنشأ السلطان الدولة الأيوبية نجم الدين أيوب، قنطرة عند باب «الخلق» ليعبُر عليها من القلعة إلى الميدان الذي أنشأهُ في «اللوق»، وأنشأ بهِ مكان يُدعى «منظرة» وهي مكان جميل كان يجلس عليه الحاكم لكي يتمتّع بالمناظر المبهجة.
بعدّ انتهاء الدولة الأيوبية ونشأة دولة المماليك، ألغى الظاهر بيبرس البندقداري ميدان اللوق الذي أنشأه الصالح نجم الدين أيوب، ولكنهُ أنشأ ميدانًا آخر بالقرب منه، موقعه الآن ميدان التحرير والجُزء الشمالي من حي جاردن سيتي، أيّ منطقة عمر مكرم وقصر الدوبارة والسفارتين الأمريكية والبريطانية.
وظلّ هذا الميدان قائمًا لمزوالة أعمال الفروسية والرماية، حتى جاءَ السلطان العادل كتبغا بعد ولاية الناصر محمد، فخافَ على نفسه من الخروج من القلعة لمُشاهرة أعمال الفروسية في باب اللوق، ولأنّهُ ككُل المماليك كان عاشقًا للفروسية، فأنشأ ميدانًا للفروسية لكّي يكون قريبًا من القلعة وفي حمَاها، تحديدًا جنوب بركة الفيل.
وبمرور الزمن وتعاقب الحكام على مصر تم تخطيط المنطقة كُلها إلى شوارع مُستقيمة ومُتقاطعة، وظلّ اسم باب اللوق هو إسم المنطقة، ومن أشهر شوارعها، شارع البُستان.