أكد مفتي سنغافورة الدكتور ناظر الدين محمد، أن العالم اليوم يعاني من تدهور أخلاقي ملحوظ، رغم التقدم المادي والتكنولوجي، مشيرًا إلى أن هذا التقدم لم يترجم إلى تحسن في القيم الأخلاقية.
جاء ذلك في كلمة مفتي سنغافورة اليوم الاثنين، خلال فعاليات الجلسة العلمية الأولى بالمؤتمر العالمي التاسع للإفتاء، تحت عنوان "الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسرع: نموذج سنغافورة" من واقع ورقة بحثية قدمها للمؤتمر، حيث تناول مفتي سنغافورة في كلمته قضية الأزمة الأخلاقية التي تؤرق العالم المعاصر، مشددًا على أن هذه الأزمة تعود إلى تلاشي القيم والمبادئ الأخلاقية التي أتى بها الدين.
واستشهد مفتي سنغافورة بأرقام مؤشرات السلام العالمي التي تبرز تفاقم النزاعات المسلحة وارتفاع عدد اللاجئين والنازحين، حيث يوجد حاليًّا 110 ملايين شخص في وضع اللجوء أو النزوح، و56 نزاعًا مسلحًا عالميًّا، وهو أعلى عدد منذ الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن القضايا السياسية والاقتصادية التي تواجه العالم اليوم يمكن فهمها كأزمات أخلاقية في جوهرها، محذرًا من أن انهيار القيم الأخلاقية قد يؤدي إلى الفوضى والاضطراب. وفي هذا السياق، استشهد بأبيات الشعر الشهيرة لأمير الشعراء أحمد شوقي التي تؤكد على أهمية الأخلاق في استمرارية الأمم.
وفي إطار تسليط الضوء على دور القادة الدينيين، شدد مفتي سنغافورة على ضرورة التزامهم بدورهم في إعادة بناء القيم الإنسانية، مستشهدًا بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يوصي بتقوى الله ومخالقة الناس بخلق حسن.. مؤكدا أن الإفتاء يلعب دورًا محوريًا في نشر الإرشادات الأخلاقية وتعزيز التواصل الإيجابي بين الناس.
كما تناول مكونات البناء الأخلاقي في الإسلام، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية تحتوي على قواعد ومبادئ تعزز التعايش السلمي والعدل، وأوضح أن الفتاوى الصادرة عن هيئة الإفتاء في سنغافورة تعكس هذا المنهج الأخلاقي، حيث تسعى إلى تقديم التوجيهات التي تمكِّن المجتمع من اتخاذ قرارات مدروسة وفقًا للمبادئ الشرعية.
وفي ختام كلمته، أكد مفتي سنغافورة أهمية تفعيل دور الإفتاء في تعزيز الأخلاق والقيم، مشيرًا إلى أن هذا النهج يساهم في تحقيق الخير والسلامة العامة ويعزز من مكانة الإفتاء كشريك رئيسي في بناء المجتمعات الإسلامية المعاصرة.