الإثنين 5 اغسطس 2024

أساطير عبر التاريخ | «أطلانطس» المدينة المفقودة

أطلانطس

ثقافة2-8-2024 | 08:54

أبانوب أنور

تمثل الأساطير التاريخية جزءً هامًا من التراث الثقافي للشعوب، حيث تروي قصصًا غالبًا ما تكون مليئة بالعجائب والأحداث الخارقة التي تمزج بين الحقائق التاريخية والعناصر الخرافية والروحانية، وهذه الأساطير قد تكون مأخوذة من أحداث حقيقية قديمة، وقد تمتد لتشمل الشخصيات الأسطورية والأحداث الخيالية التي تتناول الأمور الإلهية، أو تصور الكون، وتشرح منهج حياة قديمة.

تُعد أطلانطس واحدة من أشهر الأساطير التي شغلت البشرية لآلاف السنين. تُروى قصة هذه المدينة المتقدمة التي غرقت في أعماق المحيط، تاركة وراءها لغزًا حير العلماء والمستكشفين على مر العصور.

أطلانطس رمز الحضارات المفقودة

يعود أقدم ذكر لأطلانطس إلى الفيلسوف اليوناني أفلاطون، الذي ذكرها في حواريه تيمايوس وكريتاس. وفقًا لأفلاطون، كانت أطلانطس قارة قوية جدًا، وحضارتها متقدمة للغاية، ولكنها بسبب طغيانها، عاقبتها الآلهة بغرقها في المحيط.

وصف أفلاطون أطلانطس بأنها جزيرة كبيرة، تقع غرب مضيق جبل طارق، وكانت غنية بالمعادن الثمينة والموارد الطبيعية. كانت مدينة أطلانطس عاصمة هذه القارة، وكانت مزينة بالمعابد والقصور الفخمة، وكانت تتمتع بحكم عادل ومتقدم.

على مر التاريخ، حاول العديد من المستكشفين والعلماء العثور على أطلانطس، واقترحوا مواقعًا مختلفة لها، حيث يعتقد البعض أن أطلانطس كانت موجودة في منطقة البحر الكاريبي، واقترح البعض أن أيسلندا هي بقايا أطلانطس، وهناك من يعتقد أن أطلانطس كانت موجودة في القارة القطبية الجنوبية.

أصبحت أطلانطس رمزًا للحضارات المفقودة والقوى الطبيعية المدمرة، كما ألهمت أسطورة أطلانطس العديد من الكتاب والفنانين والموسيقيين، ودفع البحث عن أطلانطس العلماء إلى دراسة الجيولوجيا وعلم الآثار والمحيطات.

حواري تيمايوس وكريتاس

يعتبر تيمايوس وكريتاس هما حواران فلسفيان لأفلاطون، يعتبرهما الكثيرون المصدر الأساسي لأسطورة أطلانطس. في هذين الحوارين، يروي أفلاطون قصة عن قارة عظيمة متقدمة تكنولوجيًا وحضاريًا، غرقت في أعماق المحيط بسبب غضب الآلهة.

يقدم أفلاطون وصفًا مفصلًا لأطلانطس، حيث يذكر أنها كانت جزيرة أكبر من ليبيا وآسيا مجتمعتين، وكانت تمتلك جيشًا قويًا وأسطولًا بحريًا ضخمًا، ويصف حكام أطلانطس بأنهم حكماء وعادلون، وأنهم كانوا يحكمون شعبهم بحكمة وعطف.

يروي أفلاطون قصة سقوط أطلانطس، حيث غرقت في يوم وليلة بسبب زلزال وفيضان هائل، وذلك بسبب طغيان سكانها.

يعتبر هذان الحواران المصدر الأساسي لأسطورة أطلانطس، وقد ألهما العديد من الكتاب والفنانين والمستكشفين على مر العصور.

كان لأفكار أفلاطون عن أطلانطس تأثير كبير على الفكر الغربي، حيث أصبحت رمزًا للقوة والحضارة والسقوط.

دفعت أسطورة أطلانطس العديد من العلماء إلى البحث عن أدلة مادية على وجود هذه القارة المفقودة.

لا يوجد دليل تاريخي قاطع على وجود أطلانطس كما وصفها أفلاطون. يعتقد العديد من العلماء أن قصة أطلانطس هي مجرد أسطورة، وأن أفلاطون استخدمها لتوضيح أفكاره الفلسفية حول العدالة والطغيان.

ومع ذلك، فإن حواري تيمايوس وكريتاس يظلان من أهم النصوص الفلسفية في التاريخ، ويستمران في إثارة الفضول والاهتمام حول أسطورة أطلانطس.

حواري تيمايوس وكريتاس لأفلاطون، اللذان يذكر فيهما أسطورة أطلانطس، قد حظيا بتفسيرات متعددة ومتنوعة من قبل العلماء والفلاسفة على مر العصور. هذه التفسيرات تتراوح بين اعتبار القصة مجرد أسطورة، وبين البحث عن أساس تاريخي لها.

الأسطورة كرمز فلسفي

يرى الكثير من العلماء أن أفلاطون لم يقصد أن تكون قصة أطلانطس حقيقة تاريخية، بل استخدمها كأداة لتعليم الفلسفة وتوضيح أفكاره حول العدالة والطغيان.

يعتبر البعض أن أطلانطس تمثل المدينة الفاضلة التي يحلم بها أفلاطون، وهي مدينة عادلة ومتقدمة، ولكنها سقطت بسبب طغيان سكانها.

الأساس التاريخي

يعتقد بعض العلماء أن أسطورة أطلانطس قد تكون مستوحاة من ثوران بركان سانتوريني في البحر الأبيض المتوسط، والذي دمر الحضارة المينوية.

يشير البعض إلى اكتشاف مدن غارقة في مناطق مختلفة من العالم، مثل هيراكليون، ويعتبرونها دليلًا على وجود حضارات متقدمة غرقت في الماضي.

الأسطورة كمنتج خيال

يرى البعض أن قصة أطلانطس هي شكل مبكر من الخيال العلمي، حيث وصف أفلاطون مدينة متقدمة تكنولوجيًا، وهو أمر كان غير مألوف في عصره.

يربط البعض بين أسطورة أطلانطس والأساطير القديمة عن الجزر السحرية والقارات المفقودة.

تحديات في تفسير الأسطورة

وصف أفلاطون لأطلانطس غامض وغير دقيق، مما يجعل من الصعب تحديد موقعها الحقيقي أو تحديد الحقائق التاريخية التي بنيت عليها الأسطورة.

حتى الآن، لم يتم العثور على أي دليل مادي قاطع على وجود أطلانطس. يعتقد العديد من العلماء أن أطلانطس هي مجرد أسطورة، بينما يعتقد البعض الآخر أنها قد تكون مبنية على حدث تاريخي حقيقي، مثل ثوران بركان أو زلزال دمر مدينة ساحلية.

تبقى أطلانطس لغزًا يثير فضول البشرية. قد لا نعرف أبدًا الحقيقة وراء هذه الأسطورة، ولكنها ستظل تلهم الأجيال القادمة بالبحث والاستكشاف.