السبت 3 اغسطس 2024

الأحوال الاجتماعية والسياسية في بريطانيا في القرن الثامن عشر

الحرب البريطانية الأمريكية

ثقافة3-8-2024 | 08:31

إسلام علي

يعد فن الكتابة من المصادر التاريخية والتي يستقي منه الباحثون والمؤرخون أحوال العصور المختلفة، وذلك عبر كتابات الأجداد ومن سبقونا عن أحوال معيشتها وحروبهم ومأكلهم ومشربهم فضلا عن الأحوال السياسية والاجتماعية وغيرها من المجالات المختلفة والتي يمكننا من خلالها دراسة أحوال عصر أو فترة زمنية محددة.

تكشف الرسائل الشخصية والتي كانت بين زوجين عاشا  في القرن الثامن عشر الميلادي الأحوال الاجتماعية  قبيل الثورة الأمريكية وكانت هذه المراسلات  بين السيدة جين ستراتشي إلى زوجها السيد هنري ستراتشي، وهو عضو البرلمان الإنجليزي.

وأوضحت هذه الرسائل الأحوال الاجتماعية للنساء البريطانيات في تلك الحقبة الزمنية، حيث تبرز الرسائل القلق الذي يراود الزوجة عن أحوال زوجها والذي يخدم في الجيش البريطاني بين عامي 1774 إلى 1777 حيث تبادلا سويا أكثر من 300 رسالة مزجت  بين الأحوال السياسية والعسكرية والأمور المالية التي كانت تحت عاتق المرأة وحدها في تلك الفترة. 

تعد مهمة جين ستراتشي هي العمل سكرتيرا لريتشارد هاو وهو مفوض السلام، وفي تلك الفترة من الوقت أوضحت لنا الرسائل المحاولات البريطانية لاستبدال القتال بالمفاوضات وذلك علي الناحية السياسية، أما على الجانب الاجتماعي فإن الزوجة كانت تعتني بالأطفال بمفردها مما يعكس تأثير الجانب العسكري على الحياة. 

وأوضحت لنا الرسائل دور الصحافة في الحرب البريطانية الأمريكية، حيث كشفت الرسائل مقدار القلق الذي عاشت فيه الزوجة بسبب تهويل التقارير الصحفية البريطانية عن أحوال الجيش البريطاني  في ذلك الوقت، وكشفت أيضا ما تناقلته الصحافة في ذلك الوقت عن مقدار التسليح الكبير للعدو. 

بينت الرسائل أن الزوجة لم تكن تفهم أسباب تمرد الأمريكيين على الحكم البريطاني وقتها، وهذا ما وصفته جين على أن روح طموحة ومضطربة في نفس الوقت، هذا من جانب، ومن النواحي الأخرى مثل مستوى الوعي الخاص بالبريطانيين في تلك الفترة أتضح من خلال منظور جين في كتابة رسائلها إلى زوجها. 

فوصفت جين ستراتشي أن الجيش البريطاني يسعى دائما لإجبار الأمريكيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وأن زوجها كان في مهمة إنسانية إلى الولايات المتحدة في سبيل إحلال السلام بدل من الحرب.

أما عن الأحوال المعيشية في لندن في القرن الثامن عشر في أثناء الحرب الأمريكية البريطانية، فأوضحت الرسائل أن جين كانت بامتلاكها منزلا مريحا بحديقة واسعة، مقارنة بالعديد من زوجات الجنود الفقراء، ووقتها كان مسموحا أن تتقدم زوجات الجنود العاديين بطلبات للحصول على إعانات من الرعية، بينما لم تكن جين بحاجة لذلك.

وتشير الرسائل إلى كم المسؤوليات الكبير الواقع على عاتق الزوجة من القرارات المالية وصيانة الممتلكات الخاصة بالمنزل وإدارة منزلها الكبير، فضلا عن خدمة والدتها المريضة، وبمرور الوقت عاد زوجها إلى البيت بعد انتهاء الحرب، وكشفت الكتابات أيضا عن دخلو الجيش البريطاني إلى مدينة نيويورك والمذابح التي ارتكبت في تلك الوقت.