تشير التوقعات إلى أن إيران باتت قريبة من توجيه ضربة "شامله ومميته" لـ"تل أبيب"، ردًا على إقدامها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية على أرضها، وهو ما اعتبرته "خطأ جسيمًا" لن يمر دون عقاب، وسط تقديرات بأن الهجوم قد يكون متعددًا بمشاركة حركة حماس.
وكثفت السلطات الأمنية والسياسية في "تل أبيب" مشاوراتها مع واشنطن بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والقيادي البارز في "حزب الله" اللبناني فؤاد شكر، بحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، التي أوضحت أن المشاورات أسفرت عن أن هجومًا مشتركًا أو منفصلًا من جانب حزب الله اللبناني وإيران ووكلائها، أمر "حتمي"، وأن توقيت الرد نطاقه ما زال غير مؤكد.
وتشير الصحيفة إلى أن المحادثات المكثفة حول كيفية رد إسرائيل على الهجمات المحتملة ضدها ما زال مستمرًا، موضحة أن المسؤولين ناقشوا أيضًا خيار تحرك إسرائيل أولًا والقيام بـ"هجوم وقائي".
وكشفت أنه طلب من الوزارات في إسرائيل الاستعداد لكل السيناريوهات التي قد تتطور إلى حرب على 5 جبهات سيتم فيها ضرب آلاف النقاط على أراضيها.
ويتوقع مسؤلو الأمن في إسرائيل أن حزب الله يستعد لهجوم كبير ضد إسرائيل "لن يقتصر على الأهداف العسكرية" فقط، وفق المصدر نفسه.
رد جديد ومفاجئ
وأكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، على أن اغتيال هنية خطأ صهيوني جسيم لن يمر دون رد، وتعد انتهاك للقانون الدولي.
في غضون ذلك، أكد الحرث الثوري الإيراني، على أن الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سيكون جديدًا ومفاجئًا، موضحًا أن "السيناريو المصمم للانتقام لدم الشهيد هنية هو من السيناريوهات التي لا يمكن قراءتها".
جاء ذلك على لسان حجة الإسلام طائب، مستشار القائد العام للحرس الثوري الإيراني، قبل أن يضيف:"الوضع الاجتماعي للكيان الصهيوني، مضطرب لأنهم لا يعرفون ما هو السيناريو الإيراني، ولا أحد يستثمر في إسرائيل اقتصاديًا، ورؤوس الأموال تغادر تلك المنطقة"، لافتًا إلى أن نتنياهو يريد تحويل هزيمته أمام حماس إلى حرب إقليمية، وإدخال أمريكا في الحرب.
بدورها، قالت الخارجية الإيرانية، إن إسرائيل تجاوزت الخط الأحمر الكبير لبلاده باغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، مشددة على أن رد طهران على هذه الجريمة قطعي.
من جهته، طالب رئیس البرلمان الإیراني، محمد باقر قاليباف، برد رادع وبالانتقام لاغتيال هنية في العاصمة طهران، مشددًا على أن بلاده لم تترك أي اعتداء على أراضيها دون رد ولن تفعل في المستقبل.
والسبت، قال الحرس الثوري الإيراني، إن التحقيقات التقنية تظهر أن اغتيال إسماعيل هنية، نفذ بمقذوف يزن رأسه 7.5 كيلوجرامات، متهمًا إسرائيل بتنفيذ العملية بدعم أمريكي.
وأوضح الحرس الثوري، أن العملية تمت عن طريق إطلاق مقذوف قصير المدى من خارج مكان إقامة هنية، مشيرًا إلى أن المكان هو مقر لإقامة الضيوف الأجانب ويخضع لكافة البروتوكولات الأمنية.
وأكد على أن إسرائيل تقف وراء تنفيذ العملية والتخطيط لها رغم صمتها، ولا يوجد أي شك في ذلك، لافتًا إلى أن تل أبيب سعت عبر عملية الاغتيال في طهران لإحداث فتنة في العالم الإسلامي وجبهة المقاومة.
وتوعد بالانتقام لهنية، حيث قال إن دماءه لن تذهب هدرًا وإسرائيل ستلقى العقاب الشديد على هذه الجريمة.
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن القادة الإيرانيين يدرسون شن هجوم بمسيرات وصواريخ على أهداف عسكرية بمحيط تل أبيب وحيفا، وأن من بين الخيارات شن هجوم منسق من إيران واليمن وسوريا والعراق لتحقيق أقصى تأثير، وفق تقديرها.
مشاورات في تل أبيب
في خضم ذلك، أفادت القناة الـ13 الإسرائيلية، بأن هناك مشاورات أمنية بدأت في إسرائيل بحضور نتنياهو بشأن الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني المرتقب.
وذكرت القناة، أن إسرائيل تجري اتصالات مع واشنطن ودول غربية؛ للتأكد من مشاركتها في الدفاع عنها، وسط تقديرات في إسرائيل بأن الهجوم قد يكون متعددًا بمشاركة حركة حماس.
أثناء ذلك، قالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن وحدات الاحتياط في جميع أنحاء إسرائيل، وخاصة في الشمال في حالة تأهب قصوى، وفق ما أوردته عن مسؤولين أمنيين، الذين أضافوا:"أعيننا على الأرض وليست بالسماء ونستعد لمحاولات تسلل وسيناريوهات غير متوقعة".
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، إنه فعل تقنية جديدة للإنذار خلال حالات الطوارئ تعمل عبر الهواتف المحمولة تحت مسمى "الرسالة الشخصية" باستخدام نظام البث الخلوي، بهدف تعزيز إجراءات الحماية خلال حالات الطوارئ واسعة النطاق.
رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من جهته توعد باستهداف كل من يشكل تهديدًا لإسرائيل "في كل مكان"، مضيفًا إن إسرائيل تخوض حربًا متعددة الجبهات ضد ما يُعرف بمحور المقاومة، الذي تقوده إيران.
ووصف نتنياهو، إيران وشركاءها بمحور الشر، الذين "يحاولون تطويق إسرائيل" بما أسماها بـ"حلقة إرهابية من كل الاتجاهات".
وأضاف:"يدنا الطويلة تصل إلى غزة واليمن وبيروت وإلى كل مكان يكون ذلك مطلوبًا فيه"، مؤكدًا على أن بلاده مستعدة لكل سيناريو دفاعيًا وهجوميًا، قبل أن يضيف "نضالنا ضد من يريدون قتلنا مستمر، وسنستهدفهم في كل مكان".
في حين، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، إننا مستعدون لانتشار واسع دفاعًا وهجومًا، والعدو سيدفع ثمنًا باهظًا، إذا تجرأ على مهاجمتنا.
الهجوم قريب
ومن المتوقع، أن تنفذ إيران هجومها المرتقب على إسرائيل بدء من غد الاثنين، أو في وقت قريب، بحسب مصادر أميركية وإسرائيلية لـ"موقع أكسيوس" الأمريكي، الذي أشار إلى أن الإدارة الأميركية تتوقع أن يكون الرد الإيراني مشابهًا للهجوم، الذي نفذته طهران واستهدف إسرائيل بصواريخ ومسيرات في 13 أبريل، لكنه قد يكون أكبر نطاقًا، وقد يشمل عمليات من حزب الله في لبنان.
وفي خضم ذلك، اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية، مجموعة من التدابيرات الإضافية لدعم الدفاع عن إسرائيل، وذلك بإرسال سفن تابعة للبحرية ومدمرات إلى منطقة الشرق الأوسط.
والأربعاء الماضي، استشهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إثر غارة إسرائيلية على مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، حيث كان في زيارة للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
وبالرغم من النفي الإسرائيلي المتكرر لأي مسؤولية تتعلق باغتيال هنية، إلا أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أشار لمسؤوليته عن ذلك، يوم الحادثة، قائلًا:"في الأيام القليلة الماضية وجهنا ضربة ساحقة لكل منهم".
وتسعى دولة الاحتلال من خلال استهداف قادة المقاومة الفلسطينية في الخارج إلى تقديم نصرًا زائفًا إلى شعبها، في ظل فشلها على حسم معركتها في قطاع غزة، المتواصلة منذ نحو 10 أشهر، وفرض نظريتها للردع رغم الدعم العسكري والاستخباري والسياسي والمالي الأميركي الواسع.