يُعد الدواء أحد أهم السلع الضرورية في حياة الإنسان، حيث نصت الدساتير والمواثيق الدولية المختلفة على أهمية تأمين الوصول العادل والمستمر للدواء، باعتباره جزء لا يتجزأ من الحق في الصحة، وفي الوقت ذاته، تلعب الصناعات الدوائية دورًا مهمًا في التنمية الشاملة، حيث تستهدف تحسين صحة الإنسان، فضلًا عن أنها تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وقد أولت الدولة المصرية صناعة الدواء اهتمامًا كبيرًا، على أساس أنها من أهم ركائز الأمن القومي المصري، حيث أخضعتها لأحدث النظم التكنولوجيا المتطورة، وذلك لإنتاج الدواء الآمن والفعال باستخدام تكنولوجيا التنظيف الذاتي الإلكتروني.
وشهدت الفترة الماضية مناقشات ومباحثات وإبرام اتفاقات عديدة مع جميع الأطراف المعنية بصناعة الدواء، بما فى ذلك مستثمرين وشركات تصنيع محلية وأجنبية، بغرض النهوض بالصناعة والاستفادة من الأصول المملوكة للشركات بما يعظم من عوائدها الاستثمارية، وفي الوقت نفسه، تشهد جميع شركات الدواء مشروعًا للتطوير والتحديث، بما يحقق لها التوافق مع اشتراطات التصنيع الجيد بهدف زيادة الصادرات.
جهود الدولة في توطين صناعة الدواء
وفي هذا الإطار، نجحت الدولة في توطين صناعة المضادات الحيوية الحديثة بنسبة بلغت 79%، مما وفر نحو 70 مليون دولار، جراء تقليل الاستيراد، فضلًا عن توطين صناعة قطرات العيون أحادية الجرعة بنسبة 95.5%، مما حقق وفراً بقيمة 50 مليون دولار سنويًا نتيجة تقليل الاستيراد.
وعلى صعيد تجهيز بنية تحتية ضخمة للتصنيع الدوائي، بلغ عدد مصانع الأدوية على مستوى الجمهورية 170 مصنعًا عام 2022، مقابل 130 مصنعًا عام 2015، بزيادة تبلغ 30.8%، بالإضافة إلى امتلاك مصر 700 خط إنتاج عام 2022، مقابل 500 خط عام 2015 بنسبة زيادة 40%، هذا إلى جانب إعفاء مدخلات الإنتاج الدوائية من ضريبة القيمة المضافة في يناير 2022.
فيما بلغ حجم الصادرات من الأدوية والمستلزمات الطبية 691 مليون دولار عام 2021، مقارنة بـ 537مليون دولار عام 2016، بنسبة زيادة 28.7%، كما بلغ حجم مبيعات سوق الدواء المصري 149 مليار جنيه عام 2021 مقابل 62 مليار جنيه عام 2015، بنسبة زيادة 140.3 %.
كما نجحت الدولة المصرية في توطين صناعة دواء فيروس سي بنسبة 100%، حتى أصبحت مصر أول دولة تبلغ "المستوى الذهبي" على مسار القضاء على هذا المرضى الفيروسي، وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية.
وفيما يتعلق بذلك، أنشأت الدولة المصرية مدينة الدواء بمحافظة القليوبية، والتي افتتحت في عام 2021، بهدف تطوير جودة الدواء وتقديمه في أحسن صورة، لتصبح بمثابة مركز إقليمي يجذب كبرى الشركات العالمية في مجال الصناعات الدوائية واللقاحات.
مواجهة أزمة الدواء
ومنذ ما يزيد عن عام، ضربت مصر أزمة دواء، جراء حدوث أزمة العملة الأجنبية والصعوبات التي واجهتها الدولة في هذا الصدد، التي قامت بدورها بتوفير العملة لهم، على الرغم من وجود سوق موازية بأسعار أكبر من السعر الرسمي، وذلك بهدف المحافظة على سعر الدواء.
وتعهدت الحكومة بحل أزمة نقص الأدوية الرئيسية، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، من خلال التحرك لتأمين احتياجات مصر من الدواء وضمان كفاية المعروض من الأدوية الأساسية في الأسواق.
بالإضافة إلى ضمان تعزيز قدرات التصنيع المحلي في هذا المجال لمواجهة أي نقص في مستويات المعروض، ودعم القدرات التصديرية لصناعة الدواء المصري إلى الخارج، فضلًا عن دراسة المقترحات الواردة من غرفة صناعة الدواء سواء لتعزيز التصنيع المحلي أو التوسع في التصدير.
وبهذا الخصوص، قال الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اليوم، إن سوق الدواء في مصر تأثر العام الماضي بتغيير سعر العملة، مشيرًا إلى أن مصر تنتج 91% من احتياجاتها من مختلف أنواع الأدوية من خلال 170 مصنع وطني، موضحًا أن شركة أكديما الوطنية تنتج مليار عبوة من الأدوية سنويًا، وتصدر منتجاتها من المستحضرات الدوائية لـ 80 دولة على مستوى العالم، مؤكدًا أنه لا يوجد دولة تصنع كل أدويتها محليًا.
وذكر عبد الغفار، أن تغيير سعر العملة وتأخر استيراد المواد الخام أثر خلال الفترة الماضية على خطوات سلاسل الإمداد والتخزين، بحيث تتم دورتها من التصنيع والتخزين والتوزيع في 7 شهور، مما أثر على وجود نواقص في بعض الأدوية، مؤكدًا عودة خطوط الإنتاج للعمل بكفاءة من خلال دورتين لتغذية السوق المحلي بالأدوية لاسيما الأنسولين.