ستظل أنشودة عبد الحليم حافظ وصداها علامة وماركة مسجلة في قلوبنا جميعاً كلمات تشعرك بفخر وعظمة مصريتك، أحلف بسماها وبترابها، أحلف بدروبها وأبوابها، أحلف بالقمح وبالمصنع، أحلف بالمدنى وبالمدفع، بأولادى بأيامى الجاية، ماتغيب الشمس العربية طول ما أنا عايش فوق الدنيا، مصر علي مدار تاريخها، كانت صاحبة الريادة في إنشاء المصانع، كانت ومازالت وستظل قبلة العالم في الصناعة، شهدت أكثر من نهضة صناعية عبر مختلف العصور، منذ القرن التاسع عشر بدائها محمد علي عندما أرسى أول قاعدة صناعية كبرى، من صناعة المنسوجات وصناعات السكر وعصر الزيوت ومضارب الأرز، وكذلك في المجال الحربي فقد أقام ترسانة لصناعات السفن ومصانع لتحضير المواد الكيماوية، وفي القرن الحادي والعشرين بدأت مصر مرحلة أخري من مراحل النهوض بالصناعة، ورفعت من القدرة التنافسية للمنتج المصري، وعملت على تحديث الصناعة المصرية من خلال برنامج متكامل ساهم في رفع الصادرات، كما أحتل قطاع الصناعة مرتبة متقدمة من حيث أهميته للاقتصاد القومي المصري، وفي السنوات الأخيرة شهدت الصناعة ارتفاع متدرج في إجمالي الصادرات الصناعية المصرية وارتفعت القيمة الإجمالية للصادرات من السلع كاملة التصنيع.
فهل يغفل أحد أن الجميع من دول العالم ينتشى فخرا عندما يرتدي قطن بصناعة مصرية، مصر لطالما تتفوق في أكثر من مجال صناعي منها صناعة المنسوجات بكافة أنواعها منذ الفراعنة وحتى عصر الزعيم جمال عبد الناصر الذي ساهم في إعادة تأهيل وافتتاح مصانع جديدة للـنسيج وعمل على تطوير زراعة القطن.
مصر رائدة في صناعات متعددة بفخر ختم "صنع في مصر"، ومنها صناعة الخيامية الملونة، وصناعة الجلود تلك الصناعة الفريدة التي تصدرها مصر للكثير من دول العالم، ونجدها جملة شهيرة في أفلام هوليود عندما يريد أحد الأثرياء استعراض ملابسه فيقول جلد مصري، ليس ذلك فقط بل تتميز مصر أيضًا بصناعة الأثاث المنزلي والنحاسيات، والفخار والأسمنت بل وتعتبر مصر أول دولة سابقت العالم أجمع في إنشاء مصانع للأسمنت على أراضيها عام ١٩١١، كما تتميز بصناعة الحديد والصلب والكيماويات.
وجاءت ثورة يوليو لتشهد طفرة كبيرة في مجال التصنيع فى مصر، فقد كان حلم يوليو الصناعي هو تصنيع كل شيء من "الإبرة للصاروخ"، وبعد مرور 73 عامًا على قيام ثورة يوليو، عادت الدولة المصرية لطريقها الصحيح لتحقيق التنمية الاقتصادية والصناعية الشاملة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذي قاد مصر للجمهورية الجديدة، وأحدث ثورة صناعية واقتصادية كبرى، حيث حظي قطاع الصناعة في عهده وعلى مدى السنوات الأخيرة باهتمام غير مسبوق، فقد أولى هذا القطاع أولوية رئيسية ليس لكونه قاطرة التنمية الاقتصادية فى مصر فقط، وإنما لأنه أحد أهم الدعائم لتحقيق الاستقرار الاجتماعي من خلال توفير فرص العمل وتشغيل الشباب وزيادة دخل المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم.
نحن المصريين لدينا أمهر العمالة وأكثرها تحملًا وموهبة وصلابة، نثبت نجاحنا في المجالات كافة، فعندما تذهب لأي بلد عربي أو أجنبية بلدك لم تحتاج لشهادة أحد للتحدث عن صناعتها اليدوية من فخار وأقمشة ونحاس، لذلك جاءت المبادرة الرئاسة "صنايعية مصر" لتدفعنا للحفاظ علي الحرف اليدوية، ومع الاهتمام بتلك الحرف عمل المجلس القومي للمرأة على تشجيع السيدات العاملات في تلك الحرف وتطوير مهارتهن أيضاً، إلى أن تم تسجيل أول حرفة تراثية تحمل علامة تجارية جماعية في مصر "التلّي السوهاجي.. تلّي شندويل".
ومن قوة الأثر يأتي السؤال لماذا لا يتم استغلال تلك الكنوز في رفع طاقة التصدير؟ خاصة وأننا أصبحنا أكثر استعدادًا لها.
فما كان ينقصنا بنية تحتية كاملة قوية وشاملة وتجديد للطرق وتحديث للمواني ولله الحمد تمت بالكامل تحت قيادة رئيسنا عبد الفتاح السيسي، ولم يكن تلك الإنجاز بالأمر السهل على الإطلاق بل جاء بقيادة وصبر وتحمل وتكاتف منا جميعًا، وبعد كل هذه الجهود المثمرة ظهرت دول كثيرة تسعي بل وتتمنى الاستثمار في مصر مستغلة موقعها الجغرافي والعمالة وكل ما يحتاج إليه مقومات نجاح أي مشروع، ولكن علينا وأن ننظر للإنتاج في تلك الفترة بعدما حققنا طفرات عقارية مثمرة، وأهمس في أذن رجال الأعمال الوطنين كفى مشروعات للقري الساحلية والشاليهات والفيلات الفخمة فهي ما إلا سحب لأموال طائلة من الطاقات الإنتاجية التي ربما لو وجهت للمصانع وقطاع الزراعة ستكون لها رد الفعل السريع والساحر علي محدودي الدخل.
فقد كانت مصر وستظل وستبقى أبد الدهر صاحبة أهم ماركة صناعية عرفها التاريخ " صنع في مصر".