تشابه كل من باراك أوباما الرئيس الأمريكي السابق مع المتحدث الروماني، والخطيب ماركوس توليوس سيسرو، والملقب ب شيشرون، في العديد من الصفات القيادية، فضلا عن الميول السياسية، ودرجة الاقناع في فن الخطابة الذي نبغ فيها كل منهما.
القانون وفن الخطابة
تميز شيشرون بكونه محاميا وخطيبا بارعا في روما القديمة، واستخدم مهاراته القانونية فن الخطابة الذي تميز به دونا عن غيره في التأثير على السياسة العامة في الدولة الرومانية القديمة بالإضافة إلى وقوفه الكبير بجانب عملائه في السلطة السياسية.
حصل أوباما على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية ثم التحق بجامعة هارفارد لدراسة القانون، في أثناء دراسته في هذه الجامعة أصبح رئيسا لمجلة هارفارد للقانون، وبعدما تخرج من هارفارد، عاد إلى شيكاغو مرة أخرى، وعمل كمحام في مجال الحقوق المدنية وأستاذ قانون دستوري في جامعة شيكاغو.
عمله كأستاذ قانون دستوري في جامعة شيكاغو أكسبه معرفة عميقة بالدستور الأمريكي والقوانين التي تحكم النظام السياسي في الولايات المتحدة، وخلال هذه الفترة، قام بتدريس مواد تتعلق بالقانون الدستوري، الحقوق المدنية، والقانون الانتخابي، مما ساعده على تطوير فهم واسع ومعمق للأنظمة القانونية والسياسية.
وبفضل خبرته القانونية الكبيرة، تميز بصياغة حجج مقنعة ودفاعات قوية عن سياسته ومواقفه، وذلك أدى إلى كونه خطيب بارع ولديه القدره على التلاعب بالألفاظ لأجل التأثير الكبير على الشعب الأمريكي، فيعتبر أوباما واحدا من أفضل الخطباء في العصر الحديث، حيث أثرت خطاباته في جماهير واسعة وألهمت الكثيرين حول العالم.
السياسة العامة
عاش شيشرون في روما القديمة خلال فترة مضطربة من التحولات السياسية، فكان هناك الكثيرون ممن يريدون تحويل الجمهورية الرومانية إلى إمبراطورية وذلك بزعامة يوليوس قيصر، ولوسيوس سيرجيوس كاتيلينا، والذي كان يخطط بالانقلاب على النظام الجمهوري في الدولة.
شارك شيشرون في العديد من الخطابات القوية والمؤثرة ضد لوسيوس كاتيلينا منددا بالنظام الإمبراطورية ومدافعا عن الجمهورية ومحذرا العامة والخاصة من خطر الحكم الاستبدادي، ولم يكتفي بالجانب الخطابي فقط، بل اتجه إلى الكتابة والنشر للغرض ذاته.
ومن ضمن كتاباته الشهيرة، كتاب "الجمهورية" و "القوانين" وهذه الأعمال ناقشت مفاهيم الحكومة العادلة والحرية الفردية وأهمية القانون، فضلا عن أنه في أثناء خدمته كقنصل وسيناتور، عمل شيشرون على دعم مؤسسات الجمهورية ومنع تركز السلطة في يد شخص واحد.
وعلى الجانب الآخر، تشابهت الفقرة التي حكم فيها شيشرون بفترة حكم أوباما للولايات المتحدة وهي الفترة المليئة بالتحديات العالمية مثل الإرهاب، التغير المناخي، والاضطرابات الاقتصادية، كان هناك أيضا جدل داخلي حول حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
عنل أوباما على تعزيز الديمقراطية من خلال دعم حقوق التصويت والإصلاحات الانتخابية، على الصعيد الدولي، أوباما كان مدافعا قويا عن حقوق الإنسان والديمقراطية، دعم الثورات الديمقراطية في الشرق الأوسط خلال الربيع العربي ودعا إلى حقوق الإنسان في خطابه الشهير في القاهرة.
قارن العديد من الباحثين بالولايات المتحدة الخطابات السياسية التي ألقاها باراك أوباما وشيشرون ووجدوا العديد من التشابهات بين خطابات أوباما وخطابات شيشرون وهي من ضمن فن الخطابة الكلاسيكي القديم، وبالرغم من أن خطابات شيشرون كانت أكثر تعقيدا من خطابات أوباما، إلا أن أوباما في خطاباته في أنماطها الإيقاعية واستخدامه للحيل الخطابية التي استخدمها شيشرون، وفي بنائها الأنيق والذكي، يذكرنا بخطابات الرومان القدامى.