السبت 10 اغسطس 2024

أزمة ثقة بين الحكومة والشعب البريطاني بسبب المستعمرات الإسبانية

صورة توضح أزمة فقاعة بحر الجنوب عام 1720

ثقافة8-8-2024 | 04:00

إسلام علي

تأسست شركة بحر الجنوب البريطانية عام 1711 لتحويل ديون العائلة الملكية البريطانية إلى مجموعة من الأسهم وبمرور الوقت لم تحقق أي مرود فعال من التجارة وبسبب الرشاوة والفساد السياسي والإدارة السيئة ارتفعت قيمة الأسهم بشكل كبير لتضليل الناس.

اندفع العديد من الناس في أرجاء بريطانيا لشراء أسهم في شركة بحر الجنوب دون التحقق من صدق إدعاءات الشركة والتي اقنعتهم بأنها سوف تحقق أعلى معدلات من التجارة مع المستعمرات الإسبانية في أمريكا الجنوبية، في حين كان العرش الإسباني هو الذي يحتكر في الأصل هذه التجارة كاملة فلم يكن لدى شركة بحر الجنوب القدرة على تحقيق أي أرباح.

وأضف إلى ذلك الترويج الجيد لهذه الشركة في الصحافة البريطانية وقتها بأنها سوف تجلب العائد الأستثماري الكبير للشعب البريطاني وفي الحقيقة كانت عائداتها الفعلية محدوة للغاية، في حين من جانب آخر كان استفاد الحكومة الفعلي من تلك الشركة من تحويل ديونها الكبيرة إلى مجموعة من الأسهم.

ووفقا لما قاله الدكتور محمد إبراهيم السقا، أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت، ففي عام 1720، بلغ سعر سهم الشركة ذروته، لكن الأمور سرعان ما انهارت عندما بدأت الإدارة ببيع أسهمها سرا،  انتشر الخبر بسرعة، مما أدى إلى حالة من الذعر وانخفاض حاد في أسعار الأسهم، ونتيجة لذلك، فقد العديد من البريطانيين مدخراتهم، وانتشرت حالات الانتحار.

وصفت هذه الأزمة باسم "فقاعة بحر الجنوب"، والتي كشفت عن أسباب رئيسية لهذه الحادثة والتي كان أولها: الوهم الذي ساد بين المستثمرين، تجاهلهم للحقائق المالية للشركة، والتواطؤ الحكومي، فأسفرت الأزمة عن تحقيقات وعقوبات على المسؤولين، لكنها لم تؤدِ إلى انهيار اقتصادي شامل بفضل الدعم الحكومي للبنوك.

تم التلاعب بالملك جورج الأول ملك بريطانيا في ذلك الوقت من قبل قادة الشركة والسياسيين المتورطين، مما أدى إلى دعم الملك للشركة بشكل غير مباشر، بالإضافة إلى أن العديد من السياسيين البارزين في الحكومة البريطانية كانوا متورطين في الترويج للشركة، مما أدى إلى زيادة التلاعب والثقة من قبل عامة الشعب.

ومن نتائج هذه الحادث، أن أجريت تحقيقات ومحاكمات للعديد من المسؤولين المتورطين، وتم إلغاء الامتيازات الخاصة بشركة بحر الجنوب، وتدهورت الثقة في الحكومة البريطانية والنظام المالي بشكل كبير، واستغرقت البلاد وقتا طويلا للتعافي من هذه الأزمة.