الأربعاء 7 اغسطس 2024

شرائح معدنية لإخفاء الطائرات من الرادار.. إسهامات النساء في الحرب العالمية الثانية

إحدى الطائرات الأمريكية بالحرب العالمية الثانية

ثقافة7-8-2024 | 21:06

إسلام علي

نشأت جوان ستروثرز في مدينة سوانسي على ساحل ويلز، والتحقت بكلية نيونهام بجامعة كامبريدج عام 1934م، وبعد تخرجها مباشرة التحقت بمختبر كافندش بدء تحضير الدكتوراة في علم الفيزياء حيث عملت مع صامويل كوران، وعملا سويا بعد ذلك في مؤسسة أبحاث الاتصالات "TRE" لتطوير تقنيات تخفي الطائرات من الرادارات.

عملت جوان ستروثرز في فريق الفيزيائي آر في مدينة جونز، والتي كانت تطور تقنية تخفي الطائرات عن طريق استخدام شرائح معدنية تقوم بعكس إشارات الرادار مما تخلق وهما بوجود أسراب من الطائرات، أي أنها تخلق انطباعا بوجود مجموعة من الطائرات المقاتلة وفي الحقيقة لا يوجد إلا طائرة واحدة فقط.

وفقا لما نقلته مجلة سميثسونيان، اكتشفت جوان بأن المنشورات المعدنية والتي بحجم ورق دفتر الملاحظات يمكنها ان تستخدم بشكل فعال لأخفاء الطائرات وتضليل الرادارات، وهذا الابتكار كان له أكبر الأثر في أثناء الحرب العالمية الثانية والتي ساهمت في تقليل خسائر الطائرات البريطانية وتنفيذها أكبر عدد من الغارات الجوية، بشكل فعال وآمن، ولا تزال هذه التقنية متواجدة إلى اليوم في التطبيقات العسكرية حول العالم.

ففي عام 1942، اكتمل هذا المشروع البحثي بإنتاج عاكسات معدنية بطول 25سم، وعرض 1.5سم، وكانت تلك العاكسات عبارة عن شرائح مطلية بالألومنيوم، ومجمعة في عبوات تزن رطلا واحدا، وتخصص لأجل إلقائها من الطائرات، وعند إلقاء هذه العاكسات تقوم بتضليل أجهزة الرادارات وتخفي الطائرات الحقيقة.

هذا الابتكار كان له تأثير كبير خلال الحرب العالمية الثانية، حيث ساهم في تقليل خسائر الطائرات البريطانية وتمكينها من تنفيذ غارات جوية أكثر فعالية وأمانًا. تقنية قش الرادار التي ساهمت جوان كوران في تطويرها لا تزال تُستخدم حتى اليوم في التطبيقات العسكرية حول العالم.

اختبرت هذه التقنية في عملية جومورا والتي راح ضحيتها 40 ألف مدني في مدينة هامبورج بألمانيا، فضلا عن تدمير جزء كبير من المدينة، ونجحت تلك العملية نجاحا كبيرا فقد فقدت دول الحلفاء 12 طائرة فقط من أصل 791 طائرة حربية.

واستخدمت هذه التقنية مرة أخرى بشكل أكبر في عملية غزو نورماندى في يونيو من عام 1944، مع مئات من المظليين الوهميين لتضليل الألمان وجذب انتباههم بعيدا عن شواطئ نورماندي حيث كان الغزو الفعلي سيحدث.

استمرت جوان كوران في العمل على عدة تقنيات علمية وعسكرية، بما في ذلك مشاركتها في مشروع مانهاتن في الولايات المتحدة، ورغم إسهاماتها الكبيرة، لم تحصل كوران على الدرجة الجامعية من جامعة كامبريدج بسبب السياسات التمييزية ضد النساء في ذلك الوقت، على الرغم من إكمالها جميع المتطلبات الدراسية.

وتعمل منظمات تعليمية ومبادرات مختلفة على تسليط الضوء على إنجازات النساء في العلوم، وتقديم الدعم والتشجيع للفتيات الصغيرات لتحقيق أحلامهن في هذه المجالات، فتعتبر جوان كوران واحدة من العالمات اللواتي غيرن مسار التاريخ، وتستحق الاعتراف بإنجازاتها الرائعة في مجال التكنولوجيا العسكرية.

وتزال حتى الآن تقوم القوات الجوية الأمريكية بتطوير التقنية الخاصة بجوان ستروثرز، فقد لاحظ خبراء الأرصاد الجوية في الرابع من يونيو عام 2013 بقعة غريبة على أجهزة الراداد في مدينة هانتسفيل ولم يستطيعوا تحديد ماهيتها، وخيل إليهم أنها عاصفة رعدية، ولكن اتضح فيما بعد أنها ليست إلا تقنية جديدة للتخفي من الطائرات من الرادارات وذلك عبر إرسال إشارات زائفة.