السبت 1 يونيو 2024

جاع .. يجوع .. جوعا .. مجاعة .. تعرف عنها أيه ؟

28-2-2017 | 14:53

عانت البشرية على امتداد تاريخها من مجاعات مدمرة بسبب الجفاف والحروب أو السياسات الخاطئة.
واعلن الأسبوع الماضي عن تفشي مجاعة جديدة هي الأولى منذ ست سنوات في جنوب السودان يعاني منها بشكل مباشر 100 ألف شخص.
يقول ارمينيو ساكا، خبير الأمن الغذائي في صندوق الأغذية والزراعة (الفاو) ان "المجاعة ليست عبارة نستسهل استخدامها".
منذ 2007 بات مصطلح المجاعة يستخدم في إطار نظام عالمي للتصنيف (آي بي سي) الذي صاغته عدة هيئات إنسانية.
وفق هذا النظام يعلن عن تفشي المجاعة في منطقة ما عندما يكون أكثر من 20% من سكانها لديهم قدرة محدودة جداً للحصول على الغذاء الأساسي، وعندما يرتفع معدل الوفيات إلى أكثر من شخصين لكل 10 آلاف يوميا وعندما يصاب أكثر من 30% بسوء التغذية الحاد.
هذا التصنيف العلمي يساعد في تفادي استخدام مصطلح المجاعة "لاغراض سياسية" وفق ساكو.

خلال القرن الماضي، حصلت خارج إفريقيا مجاعات في الصين والاتحاد السوفياتي وإيران وكمبوديا. وكانت غالبا نتيجة افعال بشرية.
عرفت أوروبا عدة مجاعات في القرون الوسطى احدثها خلال الحربين العالميتين في ألمانيا وبولندا وهولندا بسبب الحصار العسكري.
وشهدت إفريقيا عدة مجاعات خلال العقود الماضية منها تلك التي شهدها إقليم بيافرا في نيجيريا في السبعينات وفي إثيوبيا في عامي 1983-1985. استحوذت مجاعة إثيوبيا على اهتمام عالمي واسع واهتمام إعلامي وتحرك خلالها فنانون لجمع المال والمساعدات.
سجلت آخر مجاعة في الصومال في 2011 وتسببت بوفاة نحو 260 الف شخص.

رغم إعلان المجاعة فقط في جنوب السودان في الوقت الحالي، حذرت الامم المتحدة من أنها تهدد نيجيريا والصومال واليمن وأن أكثر من 20 مليون معرضون مباشرة لها.
ويقول ساكو إن "القاسم المشترك هو نزاع مسلح مستمر وعواقبه السلبية على الغذاء والزراعة والماشية وسبل العيش والتجارة وأخيرا، وهذا ليس بالأمر الأقل أهمية، توزيع المساعدات الإنسانية".
ومن بين البلدان الأربعة المذكورة تفشت المجاعة فقط في الصومال بسبب الجفاف وليس النزاعات.

عانى الناس في جنوب السودان على امتداد السنوات الثلاث الماضية وبشكل متكرر من التهجير والنزوح ففقدوا مساكنهم ومحاصيلهم وماشيتهم.
ارغم الكثير من أهالي جنوب السودان على الهرب والاختباء في المستنقعات حيث يعيشون من اكل جذور النباتات المائية والثمار والأسماك.
وهم يسيرون اياما عديدة عبر أراض تسيطر عليها فصائل مسلحة باتجاه مناطق يتم فيها توزيع المساعدات.
ويضيف ساكو "إنهم منهكون تماماً وجوعى ويشربون الماء الملوث من المستنقعات والأنهر. وتمثل الكوليرا تهديدا دائما لهم".

عندما يؤدي نقص الغذاء إلى فقدان 18% من كتلة الجسم، يبدأ الشخص بالشعور باضطرابات جسمية، وفق دراسة حول الإضراب عن الطعام تعود إلى 1997 ونشرتها المجلة الطبية البريطانية (بريتش مديكال جورنال).
ويوضح ساكو "تضطرب عمليات التمثيل الغذائي (الأيض) في الجسم وهذا يؤثر على الدماغ وباقي الأعضاء الحيوية. في هذه المرحلة لا بد من الحصول على علاج غذائي لإنقاذ الحياة، إذ لا يعود الجسم قادراً على امتصاص الطعام العادي".
وعندما لا يحصل الناس على ما يكفي من الطعام على امد أسابيع، يصابون بفشل الأعضاء وهذا يقود في النهاية إلى الموت.

حتى وإن لم يعلن فيها تفشي المجاعة، تعاني بعض مناطق الساحل والصومال وإثيوبيا بشكل متكرر من حالات نقص شديد في التغذية تخلف عواقب اجتماعية على الامد البعيد.
ويقول ساكو إن "الأضرار الحيوية تؤثر على الصحة الجسمية لأجيال بأكملها من الأطفال وعلى نموهم ما يعني ضعف اليد العاملة في المستقبل وتدني التحصيل العلمي لدى الطلاب.
ويتسبب الجوع في تراجع النمو ويعوق التطور المعرفي وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية امد الحياة.