الثلاثاء 13 اغسطس 2024

مُبدعات حول العالم| توحيدة بن الشيخ.. طبيبة خلدتها العملة النقدية التونسية

توحيدة بن الشيخ

ثقافة12-8-2024 | 11:49

فاطمة الزهراء حمدي

عُرفت المرأة بشجاعتها وقوتها وتحديها للصعاب، فحظيت بمكانة رفيعة.

ولا يخلو مجتمع من نساء ناضلن وكافحن، وأخريات عالمات وكاتبات ومناضلات، بنبوغهن وذكائهن استطعن أن يحفرن أسمائهن في التاريخ، ويحققن المساواة مع الرجال، في العمل والتعليم والكفاح، فبفضل بطولتهن وإنجازتهن أصبحن خير مثال يُحتذى به، لكفاح المرأة في الحياة والنضال.

وتُعد أول طبيبة تونسية، كان لها العديد من الإنجازات سواء في الحياة الفكرية أو الطبيبة، فقد ساهمت في كتابة "مجلة ليلى الأسبوعية"، وهي أول مجلة نسائية تونسية ناطقة بالفرنسية، كما أسست العديد من الجمعيات لمساعدة الأطفال والمحتاجين، ولها دور بارز في سياسة التنظيم العائلي، إنها الطبيبة التونسية توحيدة بن الشيخ.

توحيدة بن الشيخ

وُلدت توحيدة بن الشيخ في 2 يناير عام 1909، كانت تنتمي لعائلة ميسورة الحال، فكانت والدتها من إحدى العائلات الثرية بالعاصمة، أما والدها كان مالكًا عقاريًا، وتوفي وهي في سن صغيرة، تولت والدتها رعايتها هي وأشقائها وحرصت على تعليمهم، مما أثر ذلك عليها وعلى نبوغها.

حازت توحيدة على الشهادة الابتدائية عام 1922، واثبتت تفوقها بالدراسة بعدما حصلت على امتياز بشهادة الباكالوريا عام 1928،  بعد دراستها الثانوية بمعهد أرمان فاليار "Lycée Armand Fallières"، وأصبحت بذلك أول تلميذة تونسية مسلمة تحصل على مثل هذه الشهادة.

بعد حصولها على الامتياز بالباكالوريا، اتجهت برفقة ليديا بورني، زوجة الدكتور بورني "Dr. Burnet" إلى فرنسا، لتحصل على دبلوم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، الذي سمح لها الالتحاق بكلية الطب بباريس.

 قررت العيش مع عائلة بورني بعد انتقالها من السكن بالحي الدولي للطالبات، فتح ذلك الباب أمامها للتعرف والاندماج وسط الأوساط الثقافية والعلمية الفرنسية، حتى تخرجت عام 1936، وناقشت بعد ذلك رسالتها للدكتوراة، فتُعد بذلك أول طبيبة تونسية وأول طبيبة أطفال.

فتحت توحيدة عيادتها بمدينة تونس، بعد عودتها من فرنسا، وتولت إدارة قسم التوليد وطب الرضيع في مستشفى شارل نيكول بالعاصمة، وأنشأت في ذات المستشفى قسمًا خاصًا بالتنظيم العائلي ثم أصبحت رئيسة قسم التوليد وطب الرضيع بمستشفى عزيزة عثمانة، وعُينت مديرة الديوان الوطني للتنظيم العائلي، ثم كلفت بإدارة ديوان الأسرة والعمران البشري، ولكن لم تستمر كثيرًا، فكرست جهودها في مشروع بناء الدولة التونسية بعد استقلالها.

كما كان لها دور بارز في الإسهام في الحياة الفكرية من خلال كتاباتها وإشرافها على أول مجلة تونسية نسائية ناطقة بالفرنسية مجلة "ليلى"، والتي صدرت من 1936 إلى 1941، أما في مجال الصحافة فكتبت وهي طالبة في النشرة السنوية لجمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين.

أسست توحيدة بن الشيخ عدة جمعيات في فرنسا وتونس ومنها: جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين بفرنسا، جمعية الإسعاف الاجتماعي وتولت رئاستها، وجمعية القماطة التونسية للعناية بالرضع، كما ساهمت في تأسيس لجنة الإسعاف الوطني، وأصبحت عضوًا في عمادة الأطباء التونسيين.

وتقديرًا لانجازات وجهودة الطبيبة توحيدة فقد احتفت بها النخبة التونسية وتناولت مسيرتها في شريط وثائقي بعنوان "نضال حكيمة"، كما أصدر البريد التونسي طوابع بريدية تحمل اسمها وصورتها وقام عدد من الأطباء بتاسيس جمعية طبية تحمل اسمها "جمعية توحيدة بالشيخ للسند الطبي"، كما طرح البنك المركزي التونسي ورقة نقدية من فئة 10 دنانير عليها الدكتورة توحيدة، رحلت الأيقونة  الدكتورة التونسية توحيدة بن الشيخ في 6 ديسمبر 2010، عن عمر يناهز 101، بعدما خلفت سلسة من الإنجازات والتحديات تُحتذى بها كل امرأة.