"الرد حقًا شرعيًا".. بهذا عبرت طهران عن رفضها جميع الدعوات الغربية، التي طالبتها بالتراجع عن تهديدها لـ إسرائيل، حيث أكدت على أن الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، قادم لامحالة مهما طال الزمن أو قصر.
الرد حقًا شرعيًا
أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أن بلاده تعتبر الرد لمعاقبة المعتدي حقًا شرعيًا لكل الدول وحلًا لوقف الجرائم والاعتداءات، في إشارة منه إلى تمسك طهران بحق الرد على اغتيال هنية، وذلك رغم كل التحذيرات الغربية.
وأوضح بزشكيان، أن بلاده تحرص على تطويرعلاقاتها مع جميع الدول وتعتبر التفاوض أساسًا لحل المشكلات، لكنها لن تستسلم للضغوط والعقوبات والبلطجة والعدوان، مضيفًا الدعم الغربي "للكيان الصهيوني" والصمت الدولي إزاء ممارساته الإرهابية بغزة يشجعه على مواصلة جرائمه، وفق قوله.
وفي خطاب حاد، ردت الخارجية الإيرانية على كل الدعوات التي تنادي بالتراجع عن تهديد إسرائيل، بالقول:" إن "الجمهورية الإسلامية مصممة على الدفاع عن سيادتها… ولا تطلب الإذن من أي كان لممارسة حقوقها المشروعة".
وشددت على أن الدعوات التي وجهتها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لطهران بضبط النفس فيما يتعلق بالرد على إسرائيل تفتقر للمنطق السياسي وتتعارض مع مبادئ القانون الدولي.
وتساءلت: عن عدم اعتراض الدول الثلاثة على جرائم "الكيان الصهيوني"، في وقت تطلب بكل وقاحة من إيران عدم الرد على انتهاك سيادتها وسلامة أراضيها، على حد تعبيرها، مؤكدة عزم بلادها على ردع إسرائيل، داعية الدول الثلاث إلى الوقوف بحسم ضد الحرب في غزة وضد تحريض إسرائيل على الحرب.
عسكريًا، ضم الحرس الثوري الإيراني إلى قوته البحرية مجموعة كبيرة من صواريخ كروز تتمتع بمواصفات جديدة، وتحمل رؤوسًا حربية شديدة الانفجار، ولا يمكن تتبعها.
وبحسب بيانًا للحرس الثوري، فإن القوات المذكورة حصلت على منظومات رادار جديدة وأنظمة الحرب الإلكترونية، إضافة إلى أنها حصلت على أحدث أنواع التجهيزات العسكرية المضادة لجميع الأهداف البحرية.
لماذا تأخر الرد؟
تشير تقارير إعلامية إلى أن إيران تربط ردها بمفاوضات وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، التى من المتوقع أن تُستأنف الخميس المقبل، طبقًا لـ بيان من البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة نشرته وكالة الصحافة الفرنسية.
ووفقًا للبيان، فإن إيران تضع على رأس أولوياتها التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة. وأي اتفاق ترضى به حماس ستعترف به أيضًا، لكن البعثة في الوقت ذاته أكدت أنها تحتفظ بما وصفته بالحق المشروع فى الدفاع عن النفس، وهى مسألة لا علاقة لها على الإطلاق بوقف إطلاق النار بقطاع غزة، مشيرة إلى أن هناك دائمًا قنوات رسمية مباشرة ووسيطة لتبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة، ويفضل الطرفان عدم الكشف عن تفاصيلها.
وأرجعت صحيفة "تليجراف" البريطانية، أسباب تأخر الرد إلى أن هناك انقسام في طهران بشأن كيفية الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
وذكرت الصحيفة، الجمعة، أن الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان يخوض معركة ضد الحرس الثوري في محاولة لمنع اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل.
ويُصر كبار الجنرالات داخل الحرس الثوري الإيراني على توجيه ضربة مباشرة إلى تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى مع التركيز على القواعد العسكرية لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين، ولكن مسعود بزشكيان اقترح استهداف قواعد إسرائيلية سرية في الدول المجاورة لإيران، بحسب المصدر ذاته.
وفي أعقاب ذلك، قالت وكالة تسنيم الإيرانية إن مصدرًا وصفته بالمطلع نفى وجود أي خلافات بين كبار المسؤولين في إيران بشأن مسألة الانتقام من إسرائيل.
وقال المصدر :"ليس هناك اختلاف في هذا الأمر على المستوى الاستراتيجي للنظام فحسب، بل هناك إرادة وإجماع وتوافق غير مسبوق في وجهات النظر بين مسؤولي البلاد خلال السنوات الماضية على تنفيذ هذا الإجراء".
حالة تأهب قصوى
ودخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى بعد ملاحظة الاستعدادات الانتقامية لإيران وحزب الله في لبنان، وفقًا لـ صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في ظل ترجيحات بأن يكون الهجوم أوسع نطاقًا من الهجوم الذي شنته طهران في أبريل الماضي.
في المقابل، تعهدت إسرائيل في رسائل بعثتها خلال الأيام الأخيرة إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية أن أي هجوم مباشر من الأراضي الإيرانية سيقابل بهجوم إسرائيلي على الأراضي الإيرانية، حسبما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، التي أضافت:"كجزء من الرسائل التي يتم نقلها إلى شركاء إسرائيل، تم التوضيح أنه بغض النظر عن نتائج الهجوم - فإن إسرائيل مصممة على الرد ومهاجمة إيران، حتى لو فشل الإيرانيون في التسبب في خسائر في الجانب الإسرائيلي".
وتستهدف إسرائيل من تلك الرسائل التخفيف بشكل مسبق من الضغوط المتوقعة من المجتمع الدولي لتجنب الهجوم على إيران، على غرار ضغوط مماثلة مورست على إسرائيل في أبريل الماضي، بعد فشل الهجوم الإيراني.
ومن الجانب اللبناني، تترقب إسرائيل سيناريو مشابهًا أيضًا ردًا على اغتيال القيادي البارز في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث تنظر إلى ذلك بأنه التحدي الأبرز نظرًا لقرب الحدود، وتأثيره على زمن رد الفعل والتعليمات للجبهة الداخلية، طبقًا لـ هيئة البث الإسرائيلية.
وتتجهز عشرات الطائرات الإسرائيلية لإحباط أي هجوم محتمل من حزب الله، بحسب المصدر ذاته، الذي أشار إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تتابع عن كثب إمكانية الرد من إيران وحزب الله.
ونقلت هيئة البث عن مسؤول أمني رفيع، أن "إيذاء المدنيين الإسرائيليين سيؤدي إلى رد غير متناسب من قبل الجيش الإسرائيلي والقوات الجوية، سواء في إيران أو في لبنان"، وفق قوله.
واعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن السيناريو الأسوأ لـ إسرائيل حدوث هجوم مشترك ومنسق وسريع من إيران ولبنان مجتمعين.
والأربعاء قبل الماضي، استشهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إثر غارة إسرائيلية على مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، حيث كان في زيارة للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
وبالرغم من النفي الإسرائيلي المتكرر لأي مسؤولية تتعلق باغتيال هنية، إلا أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أشار لمسؤوليته عن ذلك، يوم الحادثة، قائلًا:"في الأيام القليلة الماضية وجهنا ضربة ساحقة لكل منهم".
وتسعى دولة الاحتلال من خلال استهداف قادة المقاومة الفلسطينية في الخارج إلى تقديم نصرًا زائفًا إلى شعبها، في ظل فشلها على حسم معركتها في قطاع غزة، المتواصلة منذ نحو 10 أشهر، وفرض نظريتها للردع رغم الدعم العسكري والاستخباري والسياسي والمالي الأميركي الواسع.