الثلاثاء 13 اغسطس 2024

خاص| دلالات التعزيزات العسكرية بالمنطقة.. هل تمثل مؤشرات لصراع أوسع؟ خبير يوضح

إيران تسعى لثأر ردًا على اغتيال هنية

تحقيقات13-8-2024 | 18:54

محمود غانم

بات من المعلوم أن الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على أرضها قادم لا محالة، وأن حالة الانتظار لهذا الرد من جانب تل أبيب هي "جزء من العقاب" لها، حيث لم تكف الأولى للحظة واحدة عن بعث رسائل الثأر للدماء التي أريقت في حرمها، في ظل تواصل الاستعدادت الأمريكية للدفاع عن إسرائيل حال تعرضه للهجوم.

وفي ظل تمسك إيران بحقها في الرد، ورفضها أي مساع للتهدئة، تثور التساؤلات.. لماذا التأخر في الرد؟.. ومن جهة أخرى تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تدعيم حضورها العسكري في المنطقة تحسبًا لهذا الهجوم الوشيك، وهذا أيضًا يدفعنا لـ التساؤل.. لماذا كل هذه التعزيزات العسكرية بالمنطقة.. وهل نحن أمام مؤشرات لصراع أوسع؟.

وفي خضم ذلك، يرى الدكتور محمد مرعي، كبير الباحثين بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية، في قلب طهران في 31 يوليو الماضي، قادم وسيرافقه هجوم مشترك من أذرعها المسلحة في المنطقة سواء من حزب الله في جنوب لبنان أو الحوثيين في اليمن وكذلك من المجموعات المسلحة في العراق.

ويشير في حديثه لـ"دارالهلال"، إلى أن الهجمات قد لا تقتصر فقط على أهداف استراتيجية داخل إسرائيل، بل يمكن أن تشمل أيضًا الهجوم على قواعد عسكرية أمريكية في العراق وسوريا.  

وبناء عليه، يقول مرعي، إننا أمام تصعيد خطير قد يتحول في أي لحظة لمواجهة وحرب إقليمية شاملة تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط.

ويوضح أنه يبدو أن إيران تأخرت في تنفيذ تهديدها بالرد القاسي على اغتيال هنية، لكن لو رجعنا إلى التصعيد في أبريل الماضي حين هاجمت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، ردت بعدها إيران على هذا الهجوم بـ 12 يومًا.

ويضيف:" لا توجد أي مؤشرات تشير إلى أن طهران تراجعت عن تنفيذ تهديدها بالهجوم على إسرائيل، لأن عدم الرد قد يكلف إيران كثيرًا في توازنات الردع في المنطقة، وقد يدفع ذلك إسرائيل لتكرار هذه العمليات في المستقبل، بجانب أن صورة النظام الإيراني في الداخل وأمام حلفائه في الإقليم ستهتز كثيرًا، وعليه هم يسعون إلى رد يحفظ لهم ماء الوجه، ويستعيدوا من خلاله توازن الردع مع تل أبيب".

 دعم أمريكي لـ إسرائيل

أما عن الحشود العسكرية الأمريكية والتعزيزات غير المسبوقة في الشرق الأوسط، فهي جزء من إظهار دعم واشنطن لإسرائيل في مواجهة الهجوم الإيراني القادم، وهو رسالة ردع أيضًا للقادة الإيرانيين، بمعنى أن الولايات المتحدة لن تترك إسرائيل بمفردها، بحسب مرعي، الذي يعتقد أن هذه الرسالة وصلت طهران بالفعل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد تكون هذه التحركات الأمريكية هي من دفعت إيران، للتراجع عن فكرة الهجوم القاسي غير المنضبط لتبني فكرة الهجوم والرد المحدود، حتى لا تتفاقم الأزمة ونصل لمرحلة المواجهة الشاملة.

وفي تقديره أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في اندلاع صراع ومواجهة شاملة في المنطقة، لأن ذلك سيكون مضر للغاية بمصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، أما عن تعزيزاتها العسكرية فهي رسالة ردع في الأساس ودفاع عن إسرائيل، ولن تشارك في أي هجمات على أهداف داخل إيران. 

ويرجح مرعي أن يكون تأخير الرد الإيراني جزء من الحرب النفسية، التي تشنها طهران ضد تل أبيب لتجعل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في حالة توتر وطوارئ طوال الوقت، استنادًا على المعلومات التي كشفت عنها إسرائيل وحتى أمريكا، التي تؤكد أن إيران وحزب الله قد أنهوا بالفعل استعداداتهم للهجوم المرتقب، وفي انتظار فقط موعد التنفيذ.

ويلفت إلى أن إدارة رئيس الأمريكي جو بايدن تسعى عبر هذا الانتشار العسكري الواسع في الشرق الأوسط وعبر الضغوطات الدبلوماسية إلى دفع طهران، لعدم الرد أو على أقل تقدير أن يكون ردها في الحدود والشكل الذي لا يسمح بتوسيع رقعة الصراع، خاصة وأن إسرائيل من غير المستبعد أنها ستقوم بالرد على الهجوم الإيراني وهجوم حزب الله المرتقب وهو ما يجعل دائرة التصعيد الحالية مستمرة وقد تخرج الأمور عن السيطرة في أي لحظة.

ويؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستفيد من التصعيد الحالي مع إيران، موضحًا أنه لا يرغب في إنهاء حرب غزة والتجاوب مع جهود وقف إطلاق النار والوصول لصفقة لتبادل الأسرى، لأنه يعلم أن ذلك لو حدث سيعني انتهاء مستقبله السياسي، وعليه التصعيد الحالي مع إيران وحزب الله يعطي له مساحة أكبر للمناورة، وقد يغامر ويكون هو المتسبب في اندلاع الحرب الشاملة في الإقليم إذا شرع في استهداف البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني أو استهداف العاصمة اللبنانية بيروت أو اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

وتابع:"إن حصل ذلك، سيكون مرتكن للدعم الأمريكي غير المحدود، فهو يعلم أن واشنطن لن تتركه بمفرده وستقدم له كل سبل الدعم، خاصة أن ذلك يأتي في وقت تشهد فيها الولايات المتحدة صراعًا انتخابيًا محتدمًا بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كمالا هاريس، وأصبح التصعيد والتوتر الجاري في الشرق الأوسط جزء رئيسي من المبارزة بين المرشحين، والجميع يتسابق على إظهار دعمه لإسرائيل في مواجهة إيران وأذرعها".

وفي الأخير، يعتقد مرعي أن الحل الوحيد الآن لمنع تفاقم الصراع وتجنب حرب شاملة، هو أن تضغط واشنطن بشكل حقيقي على نتنياهو لقبول المقترح الذي قدمه الرئيس بايدن، وهو مقترح مصري بالأساس، لوقف إطلاق النار في غزة، لأن البديل ستكون تكلفته باهظة وتأثيراته مدمرة على مصالح كل الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية.