الأحد 24 نوفمبر 2024

ثقافة

مصطفى كامل .. رائد الوطنية المصرية

  • 14-8-2024 | 09:25

مصطفى كامل

طباعة
  • بيمن خليل

«لو لم أكن مصريًا لوددت أن أكون مصريًا»، بهذه الجملة شهدنا قصة بطولية، بطلها لم يكن مجرد زعيما سياسيا بل كان رمزًا للنضال والوطنية، عاش حياة مليئة بالتحديات والإنجازات، أسس الحزب الوطني، وقاد حركة قومية ضد الاستعمار البريطاني وسعى لتحقيقي الاستقرار الكامل لمصر، كان ناشطا بارزا وصوتا قويا للمطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية للشعب المصري، تميزت رؤيته السياسية بوضوح الهدف والإصرار على تحقيق الحرية، مما جعله رمزًا للتطلعات المصرية نحو الاستقلال، وإلى جانب نشاطه السياسي، كان كاتبًا وصحفيًا بارزًا، حيث استخدم قلمه كأداة قوية لنشر الوعي الوطني وحث المصريين على النضال من أجل حقوقهم، رغم وفاته المبكرة في 10 فبراير 1908، عن عمر يناهز الـ 33 عاما، إلا أن شخصيته تجاوزت حدود عصره، حيث حمل في طياته حلمًا لمصر أكثر قوة واستقلالًا، ورغم التحديات التي واجهها، فإن بصمته واضحة ومضيئة، تجسد الروح الوطنية والعزم على التحرر.

ولد الزعيم المصري مصطفى كامل في مثل هذا اليوم 14 أغسطس من 1874، في قرية كتامة الغابة التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، كان والده علي محمد من ضابطًا في الجيش المصري، ورُزِق بابنه مصطفى عندما كان في الستين من عمره، أظهر مصطفى شغفًا بالنضال والحرية، وهو ما شكل جزءًا أساسيًا من شخصيته طوال حياته.

تلقى مصطفى كامل تعليمه الابتدائي في ثلاث مدارس مختلفة، ثم انتقل إلى المدرسة الخدوية لتلقي التعليم الثانوي، التي كانت تُعتبر من أفضل المدارس في مصر آنذاك، وكانت الوحيدة التي توفر تعليمًا ثانويًا، ولم يكن مصطفى يترك مدرسة إلا بعد أن يواجه تحديات كبيرة، حيث أسس جماعة أدبية وطنية، وبدأ يلقي خطبًا على زملائه.

حصل على شهادة الثانوية وهو في سن السادسة عشرة، ثم التحق بعدها بمدرسة الحقوق عام 1891، التي كانت تعرف بمدرسة الكتابة والخطابة في ذلك الوقت، هناك، أتقن اللغة الفرنسية، وشارك في عدد من الجمعيات الوطنية، مما ساهم في صقل وطنيته وقدراته الخطابية.

خلال هذه الفترة، أتيحت له الفرصة للتعرف على عدد من الشخصيات الوطنية والأدبية البارزة، مثل الشاعر إسماعيل صبري ووكيل وزارة العدل، والشاعر خليل مطران، وبشارة تقلا، مؤسس جريدة الأهرام، الذي نشر له بعض مقالاته في جريدته "اللواء".

في عام 1893، غادر مصطفى كامل مصر للالتحاق بمدرسة الحقوق الفرنسية حيث أكمل دراسته فيها ثم التحق بكلية حقوق تولوز، والتي حصل منها على شهادة الحقوق، وخلال هذه الفترة، كتب مسرحيته الشهيرة "فتح الأندلس" التي تعتبر أول مسرحية مصرية، بعد عودته إلى مصر، سطع نجمه في سماء الصحافة، وبدأ  يتعرف على بعض الشخصيات الثقافية والفكرية البارزة في فرنسا، مثل جولييت آدم، وازدادت شهرته بشكل ملحوظ مع هجوم الصحافة البريطانية عليه.

كان مصطفى كامل من المؤيدين للخديوِ عباس حلمي الثاني، الذي مناهضًا قويًا للاحتلال البريطاني، وقد التقى عباس حلمي لأول مرة بمصطفى كامل في عام 1892، وكان هو من دفع تكاليف تعليمه في تولوز.

حظي مصطفى كامل أيضًا باهتمام دولي ملحوظ، لأول مرة عندما قدم التماسًا إلى مجلس النواب الفرنسي في باريس في يونيو 1895، يطالب فيه الحكومة الفرنسية بالضغط على بريطانيا لسحب قواتها من مصر.

وصف المؤرخ الأمريكي مايكل لافان مصطفى كامل بأنه "خطيب ساحر، مسافر لا يكل، كاتب غزير الإنتاج وشخصية كاريزماتية"، وقد تصادق كامل بالباحث الفرنسي فرانسوا ديلونكل، الذي وعد بتقديمه إلى السياسيين الفرنسيين، لكنه بدلاً من ذلك منحه وظيفة كسكرتير له، مما دفع مصطفى كامل للاستقالة بشعور من الإحباط.

في عام 1898، أصدر مصطفى كامل أول كتاب سياسي له بعنوان "المسألة الشرقية"، الذي يُعتبر من الكتب الهامة في تاريخ السياسة المصرية، وفي عام 1900، أسس صحيفة "اللواء" كمنصة للتعبير عن آرائه وللاستفادة من مهاراته في الصحافة والمحاماة، كما أنشأ مدرسة للبنين مفتوحة أمام المصريين من جميع الأديان، متأثرًا بقيم الجمهورية الفرنسية من حرية ومساواة وأخوة، حيث اعتبر فرنسا تجسيدًا لقيم التقدم والازدهار والحرية.

وفي ديسمبر 1907، أسس مصطفى كامل الحزب الوطني،قبل شهرين من وفاته، وتولى رئاسته من بعده صديقه محمد فريد، وقد تسببت وفاته في حالة كبيرة من الحزن الشعبي، وحضر جنازته مئات الآلاف الذين اعتبروا كامل بطلهم.

الاكثر قراءة