تعرف بالعربي تنادي، بسم الله وبسم بلادي، نورك للعالم يسري يبقى أنت أكيد المصري، التحدي والإصرار والصمود كلمات جميعها مشتقة من قاموس الإرادة المصرية، معدنا أصيل لم يتأثر بالسلبيات وما يحدث من حولنا، وبالتركيز والنظر في اتجاه الحلم جاءت الميدالية الذهبية، ربما لم نستطع إلا اقتناص ذهبية واحدة، ولكن نحن المصريين نحارب حتى النفس الأخير، فبعد أيام من برونزية البطل محمد السيد وقفزة فرحتة والتي أعتبرها من أجمل لقطات الأولمبياد كان السعد وفي ساعة واحد عزف النشيد الوطني المصري بأولمبياد باريس ٢٠٢٤ لأول مرة بعد حصد البطل الجٌندي المحارب بالخماسي الحديث أحمد الجندي الذهبية، موهبة في الـ ٢٤ من سطرت اسمها بحروف من ذهب "مبروك ياجندي الدهب للدهب يابطل" ومن قبلها بدقائق كانت الميدالية الفضية للبطلة سارة سمير بعدما نجحت في رفع أوزان ٢٦٨ كيلو، وبكت لأنها كانت تستحق الذهب ولكن القدر، نحن المصريين أصحاب العزيمة نحارب من أجل الصعود المستمر تاريخنا لا يعرف المستحيل.
أصدق ما وصف به فخرنا بالجندي "ابننا اللي مننا" فخورين بك ياجندي كنت أملنا من قبل انطلاق الأولمبياد، وأعتقد أن لافتة رفعك علم بلادنا أنت وبطلة الفضة لم تكن بمحض الصدفة بل كانت البعثة المصرية بأكملها تعلم أنكم الأمل والحصان الرابح، يا جندي تاريخك حافل بالنجاح، حصدت العديد من البطولات وإنجازاتك مستمرة منها الفوز بالميدالية الذهبية وفضية طوكيو و كنت على مقربة من انتزاع الجولد وقتها، وكنت بطل العالم للشباب مرتين اللهم لا حسد، ومنها حققت حلمك بذهبية أولمبياد ٢٠٢٤، الحقيقة لم يكن حلمك أنت بل حلمنا جميعا حفظت ماء وجهنا بين أشقاءنا العرب والعالم أجمع، فلم نخفي عليك حزننا بعدما أخفق منتخبنا الأولمبي لكرة القدم وخسر بسداسية في الرياضة المحببة لكل مصري، فأنت وحدك من ربط على قلوبنا ورفع رأسنا وعاد البسمة إلينا، تُوجت بالذهب يابطل عن جدارة واستحقاق، أحببنا لعبة الخماسي الحديث والتي شهدتها لأول مرة بسبب حبك وإخلاصك لها، تلك اللعبة الأهم في الأولمبياد، تفوقت بالمركز الأول في السلاح والفروسية والجري والرماية وكنت الثاني في السباحة، عن جدارة يابطل كسرت الرقم القياسي وحققت 1555 نقطة وهو رقم أولمبي جديد.
من ضباب اليأس جاءت موهبتك المشعة وكانت الميدالية الذهبية مسك الختام وبكينا لحظة إعلاء النشيد الوطني في باريس.
ذهبية الجندي وفضية سارة وبرونزية محمد أمل مصر من جديد، نحن أبطال حتى اللحظات الأخيرة لم نعرف لليأس طريق نتمسك بالأمل حتى النهاية.
ولعل وعسى وبعد سنوات تتحول فضية سارة سمير للذهب، فمن ينسى أولمبياد لندن 2012 عندما ذهبت الرباعة المصرية عبير عبد الرحمن، محملة بأماني وأحلام الحصول على أول ميدالية أولمبية مصرية للسيدات، ومازاد طموحاتها تحقيقها لميداليتين في كأس العالم للشباب قبل البطولة، ولكن للأسف متسابقات روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان كانوا نساء خوارق، يرفعون أوزانا تعجيزية، فبعد أن قامت بطلتنا عبير بتحقيق أرقامها المعتادة فى محاولاتها الأولى، وحين وجدت أن ذلك لا يكفي للمنافسة حتى على المركز الرابع، قررت المجازفة بحياتها في المحاولة الأخيرة ورفعت وزن أكبر مما اعتادت عليه بعشرات الكيلوهات في محاولة أشبه بالانتحار! وكانت النتيجة سقوط البار على عنقها وخروجها على كرسي متحرك فى مشهد أصاب الجميع بالرعب والإحباط والخوف عليها، لتصل عبير للمركز الخامس، وتعود لمدينتها الإسكندرية وتتزوج وتنجب وتنهى مسيرتها تقريبًا مع رفع الأثقال.
وبعد مرور أربع سنوات تصدر اللجنة الأولمبية قرارًا بسحب الميداليات الثلاثة من متسابقات كازاخستان وروسيا وبيلا روسيا ! لثبوت تعاطيهم المنشطات والتي أعيد تحليلها من جديد عام 2016، لتصبح عبير رسميًا هي صاحبة الميدالية الفضية في أولمبياد 2012 وبعدها بأيام قليلة أعلن الاتحاد الدولي لرفع الأثقال عن سحب ميداليات بطلتي الصين وأوكرانيا بأولمبياد بكين 2008 في اختبارات الكشف عن المنشطات لتتوج البطلة المصرية ببرونزية أولمبياد بكين 2008 و تصبح البطلة عبير عبدالرحمن، أول رباعة مصرية تحصل على ميداليتين رفع أثقال فى تاريخ الأولمبياد.
لعل السنوات المقبلة تكتب لسارة نفس السيناريو، فهي حقا تستحق الذهب، وحتى ما لم يتحقق هذا الحلم فهي بطلة من فضة نفتخر بها وننتظرها ذهبيتها في أولمبياد لوس أنجلوس ٢٠٢٨وعيني عليكم باردة يا مصريين.