في قلب الجمهورية الجديدة حيث تلتقي طموحات التنمية المستدامة مع تحديات تغير المناخ يأتي انطلاق الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر والتي تعد نقطة تحول فارقة إذ تسعى لتأسيس مصر كمركز عالمي رائد في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة معززة التزامها العميق بتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وحماية البيئة خاصة في عالم تتسارع فيه التطورات التكنولوجية ويبحث فيه الجميع عن حلول مبتكرة لمواجهة تحديات الطاقة وتفتح استراتيجية الهيدروجين الأخضر أبوابا جديدة نحو عصر من الطاقة النظيفة والتقدم التكنولوجي فهي ليست مجرد خطة طموحة بل رؤية ملهمة تجمع بين الذكاء والابتكار لتشكل أساسا لمستقبل خال من الانبعاثات الكربونية ومليء بالفرص الاقتصادية.
ومن خلال تكاتف الجهود الوطنية والدولية يهدف المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر إلى تحقيق تحول جذري في طريقة إنتاج واستخدام الطاقة معتمدا على الاستدامة والابتكار وسيكون لهذه الاستراتيجية أثر كبير في تعزيز مكانة مصر على خريطة الطاقة العالمية وخلق فرص عمل جديدة ودعم النمو الاقتصادي المستدام.
وبين طيات هذه الاستراتيجية تنبثق رؤى وأهداف تهدف إلى تحقيق تفوق مصر في سوق الهيدروجين العالمي وتعزيز قدرتها على تحقيق الأمن الطاقي واستدامة البيئة وجعل مصر في طليعة الدول الرائدة في الثورة الخضراء لتحقيق هدفها بأن تصبح مركزا إقليميا للطاقة النظيفة من خلال عدة خطوات استراتيجية ومبادرات تستند إلى مواردها الطبيعية الوفيرة موقعها الجغرافي الاستراتيجي ودورها الريادي في تعزيز الاستدامة
وانطلق الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال إنشاء مشاريع عملاقة مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان الذي يعتبر واحداً من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم وتعزيز إنتاج الكهرباء من الرياح من خلال مشروعات كبيرة على طول ساحل البحر الأحمر مثل مشروع خليج السويس والاستفادة من السد العالي ومحطات أخرى لتحويل الطاقة المائية إلى كهرباء نظيفة.
كما تسعى مصر إلى تطوير البنية التحتية لإنتاج الهيدروجين الأخضر من مصادر طاقة متجددة والهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي مع احتجاز الكربون وهو ما يمكن استخدامه كوقود نظيف في العديد من القطاعات وعززت مصر الشراكات مع الدول الرائدة في مجال الهيدروجين مثل ألمانيا بالإضافة إلى جذب استثمارات أجنبية لتطوير صناعة الهيدروجين وتعزيز الربط الكهربائي مع الدول المجاورة مثل السعودية والسودان وليبيا بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع دول حوض المتوسط وأوروبا من خلال مشاريع الربط الكهربائي بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات تعاون مع دول أوروبية وعربية لتصدير الطاقة النظيفة ولتبادل الخبرات التكنولوجية وحدثت الدولة شبكات النقل الكهربائي لتكون قادرة على استيعاب الزيادة في إنتاج الطاقة المتجددة ولربط مصر بشبكات الطاقة الإقليمية والدولية وإنشاء محطات تحويل للطاقة لدعم عمليات التصدير والاستيراد بالإضافة إلى تحسين قدرات التخزين لتلبية احتياجات السوقين المحلية والإقليمية.
وعزز تلك الجهود إصدار قوانين وتشريعات تشجع على الاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة مثل الإعفاءات الضريبية والدعم المالي للشركات والمستثمرين وتبني خطط وطنية لتحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة بما يتماشى مع التزامات مصر في اتفاقيات المناخ العالمية مثل اتفاقية باريس وتم تشجيع البحث والتطوير في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحث المحلية والدولية وأنشئت مراكز تميز متخصصة في الطاقة النظيفة لتعزيز الابتكار وتطوير حلول محلية للتحديات البيئية ولعل موقع مصر الرابط بين ثلاث قارات عامل جذب للاستثمارات ولتكون مصر محطة رئيسية لتصدير الطاقة إلى الأسواق الإقليمية والدولية ومن خلال هذه المبادرات والاستراتيجيات تسعى مصر إلى تحقيق رؤيتها بأن تكون مركزا إقليميا للطاقة النظيفة، مما يعزز من مكانتها الدولية ويحقق تنمية اقتصادية مستدامة.
وأنشأت مصر المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته كهيئة مركزية تهدف إلى تنسيق الجهود الوطنية لتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته ليتماشى هذا التوجه مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ويهدف إلى ضمان تنافسية مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
أما المستهدف فهو عظيم فبحلول عام 2040 يهدف المجلس إلى تحقيق إنتاج 5.6 مليون طن من الهيدروجين منخفض الكربون والوصول إلى 8% من سوق الهيدروجين العالمي وإنشاء وتوطين صناعة المحللات الكهربائية والمساهمة في جهود إزالة الكربون من القطاعات الصناعية الرئيسية في مصر وتعزيز الاقتصاد المصري بزيادة الناتج المحلي الإجمالي بين 10 و18 مليار دولار أمريكي وتوفير أكثر من 100ألف وظيفة جديدة تتلاشى تحديات التمويل عبر اللجوء إلى التمويل التفضيلي مثل القروض ذات الفائدة المنخفضة والمنح الفنية واستغلال المساعدات الدولية من مؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وصندوق المناخ الأخضر وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال توقيع مذكرات تفاهم وشراكات مع مطوري مشاريع الهيدروجين لتمثل هذه المسارات جزءاً من خطة شاملة تهدف إلى تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر في مصر ويعزز مكانتها كمركز عالمي للإنتاج والتصدير ويعزز الاستدامة البيئية والاقتصادية.